تترقب أسواق النفط اجتماع تحالف "أوبك+" في الرابع من مارس (آذار) المقبل للبت في سياسات خفض الإنتاج بالربع الثاني من عام 2021، وسط توقعات تعافي الطلب على الوقود والنمو الاقتصادي والاستفادة من نشر التطعيمات ضد كورونا وعودة الحياة تدريجاً.
بالإضافة إلى توقعات بأن إنتاج الغاز والنفط الصخري في أميركا الشمالية لن يعود بشكل قوي الآن على رغم ارتفاع الأسعار فوق حاجز 60 دولاراً، والذي يشجع شركات النفط الصخري على العمل مجدداً بعد توقفها إثر هبوط الأسعار من قبل. وهناك أيضاً الارتفاع الموسمي للطلب على الطاقة في فصل الشتاء في نصف الكرة الأرضية الشمالي.
وبحسب مذكرة لبنك "غولدمان ساكس" فإن انتعاش النفط إلى المستويات الأخيرة قبل أن يتسبَّب فيروس كورونا في فوضى الاقتصاد العالمي كان مدعوماً بتخفيضات الإنتاج من جانب واحد في السعودية إضافة إلى تحسن التوقُّعات حول الطلب.
في الوقت ذاته يرى المصرف العالمي أن دعم الارتفاعات جاء أيضا من قبل إقبال مستثمرين عالميين استعدوا للنفط تحسباً لأي حالة انكماشية، في الأسواق.
خفض الانتاج
وبحسب محللين في شؤون النفط لـ"اندبندنت عربية"، إن تحالف "أوبك+" بصدد التراجع تدريجاً عن تخفيضات الإنتاج القياسية التي نفذها طوال العام الماضي وحتى الربع الأول من 2021، موضحين أن الاجتماع المقبل قد يحمل تغييراً محتملاً في سياسات التحالف خلال الفترة المتبقية لعام 2021 وسط التعافي الاقتصادي ونمو الطلب على الوقود.
وكانت السعودية أعلنت عن خفض طوعي بنحو مليون برميل من إنتاجها للنفط خلال شهري فبراير (شباط) ومارس، إضافة إلى حجم الخفض الحالي لإنتاج دول "أوبك+" الذي يصل إلى 7.2 مليون برميل يومياً حتى نهاية الربع الأول من 2021.
وبدأ تحالف "أوبك+" خفضاً تاريخياً لإنتاج النفط بلغ 9.7 مليون برميل يومياً في مايو (أيار) 2021، قبل أن يتقلص إلى 7.7 مليون برميل يومياً، بدءاً من سبتمبر (أيلول) الماضي حتى وصل إلى 7.2 مليون برميل في فبراير.
وخلال منتدى الطاقة الدولي خلال الأسبوع الماضي، حذر وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، من التهاون في التعامل مع تحديات قطاع الطاقة في ظل استمرار عدم اليقين والدروس القاسية التي حدثت في العام الماضي، وقال: "المباراة لم تنتهِ ومن المبكر الاحتفال بأي انتصار على الفيروس، فلم يطلق حكم المباراة صفارة النهاية بعد".
أسعار مُرضية
وقال أحمد حسن كرم، محلل أسواق النفط العالمية، إن كل التوقعات تنصب الآن باستمرار قيم "أوبك" بتثبيت إنتاجها الحالي للأعضاء مع الأسعار المُرضية للنفط، وهو ما يتماشى مع ما ترغبه الدول المنتجة وموازنات دولهم.
وأضاف "أنه مع استمرار العوامل الحالية في العالم وبخاصة ازدياد أعداد من يتلقون اللقاح سيكون هذا له تأثير بتحرر المعدلات الاقتصادية وارتفاعها تدريجاً ما ينعكس على نمو الطلب على النفط".
تعارض وجهات النظر
من جانبه، قال جون لوكا محلل الأسواق العالمية والسلع، "إن تزايد المتغيرات في أسواق النفط العالمية لا يمكن التنبؤ بدقة حول القرار المتوقع، إذ يثار قبيل أي اجتماع تعارض في وجهات النظر بين أكبر منتجين بالتحالف (السعودية – روسيا).
وأضاف لوكا "أن حالة عدم اليقين بشأن نمو الطلب على النفط ما زالت سائدة في السوق، وأصبح أكبر مؤثر في ارتفاع الأسعار وهو انخفاض المخزونات العالمية وتراجع الإمدادات، بفضل اتفاق أوبك+، وتراجع الإنتاج الأميركي أخيراً متأثراً بموجة البرد الأخيرة بالولايات المتحدة التي أجبرت على توقف إنتاج أكثر من مليون برميل يومياً".
وتابع لوكا وهو اقتصادي متخصص بأن "موجة البرد القارس بولاية تكساس الأميركية قد تسببت في ارتفاع الأسعار لأعلى مستوى منذ 13 شهراً، مما كشف هشاشة الإمدادات العالمية وسط التزام تحالف أوبك + بخفض عميق بالإنتاج وصعوبة تلبية الفاقد في المعروض".
وذكر "أن الأسعار حافظت على ارتفاعها فوق مستوى 60 دولاراً للبرميل، وهذا داعم للمنتجين للحفاظ على اتفاق خفض الإنتاج، وتابع: "من المرجح نمو الطلب على النفط خلال الربع الثاني من العام الحالي مما سيدعو إلى تخفيف التخفيضات لتحالف أوبك+ وقد يثير تعارض في وجهات النظر بين الدول المنتجة لأنه في الغالب قد ترغب السعودية في تلبية جزء كبير من هذا الطلب عبر إعادة ضخ الخفض الإضافي بنحو مليون برميل يومياً، بينما ستحاول الدول الأخرى الفوز بحصة أو إعادة صياغة اتفاق جديد بحسب قوة الطلب".
انتعاش محدود
وترى منظمة "أوبك" وشركات النفط الأميركية أن انتعاش الإمدادات من صناعة النفط الصخري سيكون محدوداً هذا العام، إذ يعمل كبار المنتجين في أميركا على تثبيت الإنتاج على رغم ارتفاع الأسعار وهو قرار سيفيد منظمة "أوبك" وحلفاءها.
وتقول مصادر في منظمة "أوبك"، "إن عدم زيادة الإمدادات من النفط الصخري قد تيسر مهمة أوبك وحلفائها في توجيه السوق".
كما قالت: "من المنتظر أن تكون هذه هي الحال. غير أنني لا أعتقد أن هذا العامل ستكون له صفة الدوام".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى رغم أن بعض الشركات الأميركية أقدمت على زيادة أعمال الحفر فمن المتوقع أن يبقى الإنتاج تحت ضغط في وقت تخفض الشركات الإنفاق لتقليل ديونها وزيادة عوائد مساهميها، كذلك يخشى منتجو النفط الصخري أن تواجه "أوبك" زيادة الإنتاج بخطوات سريعة من جانبها لزيادة المعروض النفطي في الأسواق.
وخلال الشهر الجاري، خفضت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) توقعاتها للخام المحكم الأميركي لعام 2021، وأصبحت تتوقع أن ينخفض الإنتاج بواقع 140 ألف برميل يومياً إلى 7.16 مليون برميل يومياً.
وتوقعت الحكومة الأميركية انخفاض إنتاج الخام الصخري في مارس المقبل بنحو 78 ألف برميل ليصل إلى 7.5 مليون برميل يومياً.
وقد صدرت توقعات "أوبك" قبل موجة البرد القارس التي اجتاحت ولاية تكساس، مصدر 40 في المئة من الإنتاج النفطي الأميركي، وأغلقت آباراً وقلصت الطلب من مصافي التكرير في المنطقة.
70 دولاراً سعر متوقع لبرميل النفط بالربع الثاني
وبحسب مذكرة حديثة رفع "بنك غولدمان" توقعاته لسعر نفط برنت الخام 10 دولارات للربعين الثاني والثالث من 2021، مشيراً إلى توقعات أقل للمخزونات، وارتفاع هوامش تكلفة استئناف أنشطة المنبع وتدفقات على المضاربة.
وتوقع البنك الأميركي أن تبلغ أسعار برنت 70 دولاراً للبرميل في الربع الثاني من 60 دولاراً، وهو توقعها في السابق، إلا أنه أوضح أن الأسعار قد تصل إلى 75 دولاراً في الربع الثالث.
ورجح غولدمان أن استعادة التوازن بهذه الوتيرة الأسرع خلال ما كان من المتوقع أن تكون أيام الشتاء المظلمة سيعقبها عجز آخذ في التزايد هذا الربيع في الوقت الذي سينتعش الطلب بوتيرة أسرع من العرض، مما يمهد الساحة لسوق حاضرة تتسم بالشح".
وتوقع البنك الآن أن يبلغ الطلب العالمي على النفط 100 مليون برميل يومياً بحلول أواخر يوليو (تموز) 2021 مقابل توقعاته السابقة لأغسطس (آب) 2021، كما توقع أن يؤدي الطقس المتجمد في تكساس إلى عجز عالمي 1.5 مليون برميل يومياً هذا الشهر وخفض الإنتاج 200 ألف برميل يومياً في مارس بسبب تضرر البنية التحتية وعوامل أخرى.
تأثر سوق الخدمات النفطية
وبحسب تقرير "ريستاد إنرجي"، أكبر شركة مستقلة لاستشارات الطاقة في النرويج، ستؤثر أسعار النفط والغاز المرتفعة في الوقت الحالي في أوائل عام 2021، حيث وصل سعر برنت إلى 60 دولاراً للبرميل، على سوق الخدمات بشكل مختلف.
ورجح تقرير الشركة عن شهر فبراير،، أن تنمو استثمارات النفط الصخري بنسبة 9 في المئة في عام 2021، فيما من المقرر أن يؤدي التأثير الإيجابي لارتفاع أسعار النفط إلى خلق تفاعل متسلسل في الولايات المتحدة حيث سيشهد مشغلو النفط الصخري ارتفاعاً في السيولة النقدية من العمليات بنحو 30 في المئة في عام 2021، مما يسمح لهم لزيادة الإنفاق على النشاط هذا العام.
وتوقع التقرير أن تشهد الاستثمارات الخارجية انخفاضاً بنسبة 1 في المئة مع تقلص ميزانيات الحقول التأسيسية بسبب الحجم القياسي المنخفض للمشاريع الخاضعة للعقوبات في عام 2020، أما بالنسبة للمشاريع البرية التقليدية من المرجح أن تنخفض الاستثمارات بنسبة 2 في المئة نظراً لأن الطاقة الزائدة في العديد من دول "أوبك+" ستحد من الحاجة إلى استثمارات جديدة.