وصلت طليعة فريق مراقبين دوليين تضم نحو عشرة أشخاص إلى طرابلس، أمس الثلاثاء، لإعداد مهمة الإشراف على "وقف إطلاق النار" المطبق في ليبيا منذ أشهر، والتحقق من "مغادرة المرتزقة والجنود الأجانب" المنتشرين في البلاد، وفق ما ذكرت مصادر متطابقة، اليوم الأربعاء.
وقف إطلاق النار ورحيل المرتزقة
وقال مصدر دبلوماسي في تونس، إن هذه الطليعة المكونة من ممثلين عن أعضاء بعثة الأمم المتحدة في ليبيا وخبراء من مقر الأمم المتحدة في نيويورك، وصلت إلى طرابلس، الثلاثاء، عبر العاصمة التونسية.
والشهر الماضي، رحبت تونس بهذه الخطوة، وطالبت بسرعة تنفيذها، إذ قال سفيرها في الأمم المتحدة طارق الأدب، "نأمل أن يجري اعتماد القرار في أسرع وقت ممكن، هناك زخم سياسي في الملف الليبي، لكنه هش بعض الشيء".
وأضاف، "نحن بحاجة إلى تبني هذه الآلية لمراقبة وقف إطلاق النار، وهذا يعتمد على المفاوضات التي ستجري بين الأطراف الليبية، وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، استناداً إلى مقترحات الأمين العام".
ويُفترض أن يزور المراقبون مدينة سرت الواقعة في منتصف الطريق بين الشرق والغرب، ومصراتة (الغرب) وبنغازي (الشرق). ومهمة هذه البعثة التي يفترض أن تستمر خمسة أسابيع هي مدة التحضير لنشر مراقبين لاحقاً في آلية مراقبة وقف إطلاق النار، بحسب المصدر نفسه.
وذكر مصدر دبلوماسي في نيويورك، أن البعثة ستقدم إلى مجلس الأمن في 19 من مارس (آذار) تقريراً عن وقف إطلاق النار ورحيل آلية مراقبة القوات الأجنبية.
فرق مراقبة مشتركة
والشهر الماضي، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أن مجلس الأمن يعتزم نشر طليعة وحدة مراقبة وقف إطلاق النار في ليبيا.
وفي خطاب موجه إلى مجلس الأمن الدولي، طالب غوتيريش، بضرورة إرسال فريق من الخبراء الدوليين، لمراقبة تنفيذ بنود وقف إطلاق النار. كاشفاً أن "اللجنة العسكرية الليبية المشتركة 5+5 طلبت ذلك".
وأوصى غوتيريش، في تقريره، بإرسال "فريق إلى العاصمة طرابلس كخطوة أولى، لتوفير أسس آلية قابلة للتطوير تابعة للأمم المتحدة، على أن يكون مقرها مدينة سرت وسط ليبيا". موضحاً أنهم "سيعملون جنباً إلى جنب، مع فرق مراقبة مشتركة من حكومتي الوفاق والمؤقتة، في غرب ليبيا وشرقها".
وأكدت مبعوثة الأمم المتحدة السابقة ستيفاني وليامز أن الفريق سيمثل قوة "خفيفة" و"قابلة للتطوير"، وتتألف من مراقبين مدنيين غير مسلحين.
وخلال ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي وفي كلمتها الافتتاحية للاجتماع الافتراضي الثالث في إطار الجولة الثانية من ملتقى الحوار السياسي الليبي، كشفت ويليامز عن وجود 20 ألفاً من القوات الأجنبية والمرتزقة في ليبيا، معتبرة هذا الأمر "انتهاكاً مروعاً" للسيادة الوطنية.
وأضافت ويليامز، "قد ترون أن هؤلاء الأجانب موجودون هنا ضيوفاً، لكنهم يحتلون وطنكم"، مؤكدة أن هذا "انتهاك صارخ لحظر الأسلحة. فهم من يتسببون في تدفق السلاح، وبلادكم ليست بحاجة إلى مزيد من الأسلحة".
وحذرت المبعوثة الأممية من أن "الوقت ليس في صالح الليبيين"، مطالبة بـ"المضي قدماً في المفاوضات السياسية. أقول وأكرر، الوقت ليس في صالحكم". مشيرة إلى "وجود عشر قواعد عسكرية في ليبيا، تشغلها بشكل جزئي أو كلي قوات أجنبية ومرتزقة".
وهذه القوات في الغالب موزّعة حول سرت، حيث يقع خط الجبهة منذ منتصف يونيو (حزيران) وإلى الجنوب في قواعد جوية رئيسة، لا سيما في الجفرة على بعد 500 كلم جنوب طرابلس لصالح الموالين لحفتر، وإلى الغرب في الوطية (الموالية لحكومة الوفاق الوطني)، أكبر قاعدة عسكرية على الحدود التونسية.
خطوة ناجحة
وكان الناطق باسم القوات المسلحة الليبية اللواء أحمد المسماري، قد رحب برغبة الأمم المتحدة في إرسال بعثة لمراقبة اتفاق وقف إطلاق النار، والإشراف على إعادة فتح الطريق الساحلي.
وقال المسماري، "الجيش يرحب بالقرار، ما دام يتضمن إرسال مراقبين دوليين من المدنيين والعسكريين المتقاعدين، وليس قوة مراقبة عسكرية". مشيراً إلى أن "البعثة الدولية ستتشكل من عدد من الجنسيات، ومنظمات دولية بينها الاتحادان الأفريقي والأوروبي والجامعة العربية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويعتقد مراقبون أن هذه الخطوة هي السبيل لإنجاح الحوار السياسي، واستكمال خريطة التسوية، خصوصاً أنها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالوضع الميداني على الأرض، كما أن اللجنة العسكرية سوف تستطيع في ظل وجود هؤلاء المراقبين في خطوط التماس أن تقوم بخطوات متقدمة، لتنفيذ البنود المتفق عليها لتدعيم الهدنة العسكرية الحالية.
وفي توضيح للخطوة، قال أستاذ القانون الدولي الليبي محمد الزبيدي، في تصريحات تلفزيونية سابقة، "يوجد فرق شاسع ما بين بعثة المراقبة الدولية، وبعثة القوة الدولية، لمراقبة وقف إطلاق النار في ليبيا". مضيفاً "الفرق هو أن بعثة المراقبة هي عبارة عن أشخاص مدنيين يشرفون على خط التماس ما بين الأطراف المتصارعة، ويبلغون غرفة العمليات بأي خرق يحدث من أي جهة".
ونجحت جهود دبلوماسية في وقف الأعمال العسكرية، وتوجت بتوقيع اللجنة العسكرية الليبية في جنيف برعاية الأمم المتحدة في 23 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، اتفاقاً لوقف إطلاق النار بشكل دائم في أنحاء البلاد.
وتقضي أهم بنود الاتفاق على رحيل القوات الأجنبية والمرتزقة في مهلة تسعين يوماً، انتهت من دون رحيل أو تفكيك هذه القوات ومغادرتها الأراضي الليبية.