في الوقت الذي أعلنت إسرائيل أن سفينتها "أم في هيليوس راي"، التي تعرضت لاعتداء في عُمان، عادت إلى الإبحار، صعد القادة الإسرائيليون تهديداتهم لإيران. وفي رسالة بعث بها سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، جلعاد أردان، إلى مجلس الأمن، توعد بالرد على إيران بالطرق كلها، واعتبرها مصدراً لزعزعة الاستقرار.
وفيما اعتبر وزير الأمن، بيني غانتس، الاعتداء على السفينة محاولة من إيران لتحسين أوراق المساومة، اعتبر مسؤول إسرائيلي أنه لا مفر من الرد على الهجوم الإيراني على السفينة.
واعتبر أمنيون الرسالة التي نقلت إلى مجلس الأمن رسالة تهديد وتحذير لإيران. ومما جاء فيها أن "النظام الإيراني يواصل بشتى الطرق زعزعة الاستقرار في المنطقة بانتهاك قرارات مجلس الأمن والقانون الدولي". وهدد أردان بأن إسرائيل "ستدافع عن مواطنيها وسيادتها بالطرق المتاحة".
وبعد أقل من أربع وعشرين ساعة على تحميل غانتس إيران مسؤولية الاعتداء على السفينة، عاد لطرح الموضوع، وتحدث عن تنسيق مع واشنطن ودول أخرى لمواجهة الخطر الإيراني والتفاهمات التي يمكن التوصل إليها قبل التوجه إلى أي اتفاق جديد مع إيران.
واعتبر غانتس اختيار إيران إلحاق الضرر بسفينة تملكها إسرائيلية محاولة منها لفرض أوراق مساومة تخرج منها رابحة في أي اتفاق معها حول مشروعها النووي.
تقديم تنفيذ التحالف الدفاعي
على الرغم من المعارضة الواسعة لمسؤولين أمنيين وعسكريين إسرائيليين لعقد تحالف دفاعي بين تل أبيب وواشنطن، فإن وزارة الأمن برئاسة غانتس، توجهت بطلب إلى الولايات المتحدة للموافقة على مطلب خطوات لتعزيز قدراتها الدفاعية أمام إيران.
وتعتبر إسرائيل أي مواجهة مع إيران تتطلب ضمان طائرات قادرة على التزود بالوقود في الجو. وفي توجهها إلى الإدارة في واشنطن وسلاح الجو الأميركي، طلبت وزارة الأمن استباق موعد تزويدها بهذه الطائرات بسنتين، والعمل على تسليمها في أقرب وقت ممكن.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووصف مسؤولون أمنيون الطلب الإسرائيلي بالإشارة الواضحة إلى الإيرانيين في شأن بناء القوة الاستراتيجية لإسرائيل وقدرتها على مواجهة إيران في الوقت والطريقة المناسبين وتفوقها في مجال الهجوم الجوي لمسافات طويلة.
ويتضمن الطلب الإسرائيلي الحصول على طائرتي شحن بالوقود حديثتين من طراز "KC46"، وهي من النوع الذي بدأ سلاح الجو الأميركي استخدامه. إضافة إلى طائرات شحن الوقود الحديثة التي تسمح للطائرات القتالية بالإقلاع لمدى أبعد ومكوث أطول فوق أهداف بعيدة. ويمكن للطائرة أن تكون طائرة نقل تحمل 16 حاوية عتاد أو مستشفى ميدانياً، أو تنقل 100 مسافر مع عتاد مرافق للانتشار في دولة أجنبية.
وتمتلك الطائرة قدرة للشحن بالوقود في الجو لكل أنواع الطائرات القتالية والنقل في سلاح الجو. وهي تفعل ذلك بسرعة أعلى بثلاثة أضعاف من طائرة شحن الوقود الحالية. ما يسمح لزمن بقاء أطول للطائرات القتالية فوق الأهداف وتتيح لها تنفيذ كمية غارات أكبر. وهي مزودة بمنظومات دفاع سلبية ونشطة تتيح لها العمل في مناطق تحوي صواريخ ومواد قتالية كيماوية.
وبحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت"، يدور الحديث عن أكثر من إشارة إلى الإيرانيين في شأن نيات إسرائيل التي تبني قدرات استراتيجية ستسمح لها بتنفيذ غارات جوية متواصلة حتى في مسافات بعيدة حتى إيران.
خلافات داخلية
تسرب من الاجتماعات التي عقدتها المؤسستان الأمنية والسياسية لبحث سبل الرد على الاعتداء على السفينة في عُمان وجود خلافات بين رئيس الأركان أفيف كوخافي، ورئيس الموساد يوسي كوهين، في شأن شكل الرد. ففيما طالب كوهين برد شديد رأى كوخافي أن المصلحة الإسرائيلية والوضعية الحالية تتطلبان رداً معتدلاً وفورياً، بما يضمن عدم إشعال نيران الحرب.
ويبدو أن الحكومة أخذت برأي كوخافي، إذ تم تنفيذ الهجوم الأخير على سوريا الذي استهدف مواقع تابعة لإيران و"حزب الله".
تفاهمات بين واشنطن وتل أبيب
وكشف وزير الخارجية الإسرائيلي، غابي أشكنازي، عن تفاهمات خفية بين واشنطن وتل أبيب في شأن الاتفاق مع إيران، مؤكداً أنه لن يكون هناك أي اتفاق ولن تفاجأ أي دولة أخرى في ما يتعلق بمفاوضات العودة إلى الاتفاق النووي.
وفي تواصل مع سفراء إسرائيل في آسيا، عبر تطبيق "زوم"، قال أشكنازي "إذا اعتقد أحد أن الأميركيين سيهرولون للتوصل إلى اتفاق مع إيران، فإن هذا لن يحدث". وأشار إلى أن "الكابينت" وقادة جهاز الأمن قرروا إجراء حوار مع الأميركيين لمناقشة المصالح الإسرائيلية وكيفية التوصل إلى اتفاق يضمن حماية المصالح الإسرائيلية والإقليمية، ويمنع إيران من أن تكون نووية".
وقف مشروع الصواريخ وتصفية منشآت التخصيب
وفي سياق النقاش الإسرائيلي والخلاف الداخلي في شأن التعامل مع إيران، وجه عميد احتياط، عوديد طيرا، رسالة إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، دعا فيها إلى العمل على التوصل إلى اتفاق مع إيران.
وجاء في الرسالة، "توجد للإيرانيين مصلحتان أساسيتان في سياق الاتفاق، الأولى، حيال الولايات المتحدة وأوروبا، وهي منح إيران مظلة نووية لمنع تدخل أميركي وأوروبي في ما يجري في الساحة الشرق أوسطية. والثانية، هي توفير مظلة نووية لخطوات سياسية وعسكرية لتثبيت الهيمنة الإيرانية في المنطقة. وهي خطوات كممارسة الإرهاب وتعزيز قوة "حزب الله" وسوريا و"حماس" للمس بإسرائيل، وتقليص نفوذ مصر والسعودية في المنطقة، والسيطرة على اليمن، وإلغاء الاتفاقيات التي عقدت بين دول عربية وإسرائيل، والسيطرة على النفط في المنطقة وعلى مخرج إيران إلى البحر وغيرها".
ورأى طيرا أنه إذا ما نجحت إيران في هذا، فإن الوضع الأمني والاقتصادي لإسرائيل سيتضرر بشكل خطير لا يمكن احتواؤه.
بحسب طيرا تعمل إيران، منذ سنوات، كي تبني منظومة نووية عسكرية تتضمن ثلاثة مسارات أساسية: تخصيب اليورانيوم، بناء رأس متفجر وبناء منظومة صواريخ. في كل ما يتعلق بتخصيب اليورانيوم، يقول طيرا إن إيران وصلت إلى وضع إذا قررت فسيكون لها، في غضون أشهر، ما يكفي من اليورانيوم المخصب".
ودعا طيرا الحكومة الإسرائيلية إلى إقناع الأميركيين بالضغط على جوانب عدة في الاتفاق الجديد، بينها وقف مشروع الصواريخ الإيراني، وتصفية منظومة الصواريخ القائمة، وتصفية منشآت التخصيب وكشف عناصر المنظومة النووية الإيرانية للرقابة المفاجئة من مراقبين أميركيين.