Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لي دانيلز مخرج هوليوودي يعتقد بفرادة رؤيته عن العالم

ينفي شبهه مع أحد خصوصاً "الرجال البيض كبار السن" ويقدم شريط "بيلي هوليداي" ويتذكر أن عمله في التلفزيون ضمن ظهور فيلم "الفهد الأسود"

يعتقد المخرج لي دانيلز أن أفلامه متفردة في أنها تنظر إلى الهويات المختلفة بواقعية لكنها تتحداها أيضاً (غيتي)

لي دانيلز مخرج أفلام، لكنه شخص متناقض أيضاً. ويعني ذلك أنكم إما أن تفهموا ما يقدمه أو لا. إذ يقدم المخرج الذي رُشّح لجائزة الأوسكار وصانع فيلمي "ثمينة" Precious و"فتى الجريدة" The Paperboy، والمشارك في صناعة مسلسل "إمبراطوية" "إمباير" Empire، (والاسم إشارة إلى شركة الانتاج السينمائي "إمباير انترتاينمنت") الذي سجل رقماً قياسياً في صناعة التلفزيون، يقدم نوعاً من الترفيه المتباين المملوء بالإثارة.

غالباً ما تحتوي أعماله على مشاهد جنس فاضحة، ولحظات محرجة، وبحث ثائر عن المحرمات في الحياة. ووفق كلماته الجازمة، "أعلم أنني أقف في خانة خاصة بي. لن يعيش أي أحد حياتي أو يرى العالم بالطريقة التي أراها. وبالتأكيد ليس أولئك الرجال البيض الكبار في السن الذين يجرون مقابلات معي".

كاتب هذا المقال، وهو رجل أبيض (أكثر شباباً) يلتقي بـدانيلز من بُعد عبر تطبيق "زووم". ويجلس المخرج البالغ من العمر 61 سنة في منزله في لوس أنجليس، ويقرب وجهه من الكاميرا جداً لدرجة أنني أستطيع رؤية انعكاس صورتي في نظاراته. إنه يستأنف لقاءاته بعد فتور أصاب حماسته فترة وجيزة بشأن مقابلات الصحافيين لأن أحد هؤلاء قد "سلبه طاقته" أثناء قيامه بالترويج لفيلمه الجديد "الولايات المتحدة في مواجهة بيلي هوليداي" The United States vs Billie Holiday. ويشير دانيلز إلى وجود ميل لدى بعض الناس إلى عدم فهم "عالم لي دانيلز".

في إشارة إلى حادثة مروعة وقعت مع والده وعرضها في الحلقة الأولى من مسلسل "إمبراطورية"، يلفت إلى أن "لم يتعرض أي شخص للرمي في حاوية القمامة في سن الخامسة بسبب كونه مثلياً. لم يكن أحد شاهداً في السابعة من عمره على إطلاق النار على أصدقائه بسبب المخدرات. لم ير أحد هذا العدد من الرجال على مشارف الموت، من كل الفئات، خلال [جائحة] الإيدز. لا يفهم هؤلاء الرجال البيض الكبار في السن عالمي. بمجرد أن [أدركت] هذه الحقيقة، بت متصالحاً مع أي انتقادات توجه إلي".

واستطراداً، فإذا بدا دانيلز في موقع الدفاع، فذلك لأنه أحد أكثر الشخصيات المثيرة للانقسام في هوليوود. إذ حظي فيلم "ثمينة" (2009)، الذي يحكي قصة مراهقة سوداء حبلى تعيش وسط الفقر وسوء المعاملة، بتقدير مفاجئ في سباق الأوسكار، لكنه تعرض للانتقاد أيضاً لكونه حسّي وشنيع. وفي المقابل، جاء فيلمه "فتى الجريدة" (2012) كعمل قميء من موجة الـ"نيو- نوار" [موجة جددت صنع أفلام تمزج دوافع القتل مع الجنس، بلمسة من المرارة] عن قاتل محكوم عليه بالإعدام، وتضمن مشهداً تبوّل فيه نيكول كيدمان على زاك إيفرون. لقد حظي العمل بمراجعات سيئة، ما أصاب دانيلز بالإحباط تقريباً. وكذلك لم يحظَ عمله التالي المتحفظ "رئيس الخدم" The Butler (2013) الذي تدور حوادثه في البيت الأبيض، بالإعجاب أيضاً. في المقابل، تصبح إنتاجات دانيلز، حينما تألفها تماماً، ساحرة، بمعنى أنها ذكية وتعبيرية وتغلي بالإثارة.

وفي فيلم "الولايات المتحدة في مواجهة بيلي هوليداي"، يقدم دانيلز أداء تمثيلياً ملهماً للممثلة آندرا داي التي تظهر للمرة الأولى في دور مغنية أسطورية، وجدت نفسها في مواجهة مكتب التحقيقات الفيدرالي بسبب رفضها التوقف عن أداء أغنية "سترينج فروت". وقد أصبحت أغنية البلوز المؤثرة التي قدمتها المغنية للمرة الأولى في 1939، من الأغنيات التي تقدمها هوليداي بشكل دائم في حفلاتها، وألقت الضوء على عمليات الإعدام غير القانونية والقتل العنصري التي لم يكن كثير من الأميركيين البيض يلقون لها بالاً في السابق. وإذ تتحدى هوليداي التهديدات، فإنها تنهار في الخفاء تحت وطأة إدمانها على الهيروين. ويعتقد دانيلز أن الفيلم أفضل أعماله. ويعترف، "لقد صدمت مما كنت قادراً على صنعه، كشخص محترف تماماً. أعتقد أنه إنتاج مخرج أكثر تطوراً. إنه عمل صنع في حالة صحيان".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتذكيراً، لقد كافح دانيلز الإدمان طوال العقود الأولى التي أمضاها في هوليوود. انتقل إلى مدينة لوس أنجليس في أوائل الثمانينيات لمتابعة كتابة السيناريو، وبحلول ذلك الوقت كان قد نجا بالفعل من سنوات من الإساءة العائلية والاضطرابات الشخصية. وأثناء ترعرعه، دخل شقيقه السجن وتعرض والده ضابط الشرطة للقتل أثناء تأدية واجبه. وجرت الأمور كلها تحت تأثير الإدمان. فقد عاش الحزن وتعاطى الكحول والمخدرات في لوس أنجليس، وأسس أعمالاً تجارية وعمل في وكالات التمثيل وإدارة الممثلين. أنتج فيلم "حفلة الوحش" Monster’s Ball (2001) الذي فازت بفضله هالي بيري بجائزة أوسكار. وكتب دانيلز وأخرج فيلم "مُصارِعَة الوهم" Shadowboxer في 2005. وأُنجِزَتْ تلك الأعمال كلها تحت تأثير الكوكايين. ثم دفعه تدخل جراحي خضع له أثناء تصوير فيلم "ثمينة" إلى الإقلاع عن المخدرات، لكنه لم يتوقف عن شرب الكحول إلا قبل أربع سنوات.

ويقدم دانيلز شرحاً عن تلك المعطيات، "شعرت أنني لن أوفيَ "بيلي" حقها إلا إذا كنت صاحياً. وصمّمتُ على سرد تلك القصة من دون أن أكون سكران. أستطيع أن أفهم ما مرت به بيلي لأنني أتطلع إلى الشفاء، وجزء من الشفاء يتأتى من عدم شرب الكحول أو تعاطي المخدرات بهدف التخلص من الألم. لقد ابتعدت عن هذه الأمور. وأنا أشعر بالفخر بنفسي للمرة الأولى".

واستطراداً، إنه لا يتعرف إلى دانيلز الذي صنع الشريط السينمائي الكئيب "مُصارِعَة الوهم" الذي أدّت بطولته الممثلة هيلين ميرين مع الممثل كوبا غودينغ جونيور في دوري قاتلين مأجورين تجمعهما علاقة شبه محرمة. ويعلق دانيلز على ذلك، "أشاهد لقطات من مقابلاتي [القديمة] وأشعر بالخزي ببساطة. أُلقي نظرة على لحظات من الفيلم وأشعر بالإحراج. أرى رجلاً يكافح كي يعثر على نفسه. في المقابل، لا يزال يعيش الحقيقة. مهما كانت الحقيقة، فإنها صادقة. حتى لو لم أفهم مَن هو ذلك الشخص عندما أنظر إلى الماضي".

ويستطرد متباهياً بأن حالة الصَحَيان من السُكر تليق به. ويضيف أن ابنيه التوأمين، البالغين من العمر 25 سنة، اللذين تبناهما مع شريك حياته السابق بيلي هوبكنز، قد أطريا على طاقته التي اكتشفها حديثاً. إنه يلقي نظرة إعجاب على نفسه من خلال الكاميرا الخاصة به التي يستخدمها عبر تطبيق "زووم". وبحسب رأيه، "أبدو في حالة رائعة بالنسبة إلى رجل في الحادية والستين من عمره! هل هذا ما يفعله الإقلاع عن الكحول؟".

دانيلز مرح وودود، ويتمتع بموهبة كبيرة في التحدث وكأنه يعرفك جيداً. يقول بصوت عالٍ بعدما سألته عن صدمته، "ما هذه الأسئلة؟ هل ستكون هذه جلسة علاج نفسي اليوم؟ لأنني تعاملت مع صحافيين في السابق! هذه ليست تجربتي الأولى". يمكنكم أن تتخيلوه في علاقة منسجمة حتى مع جدار حجري. قد يفسر ذلك سبب حب الممثلين له واستعدادهم لاختبار أماكن لم يسبق لهم أن اقتربوا منها مِنْ قَبْلْ. لقد أقنع ستيفن دورف بعدم ارتداء أي شيء سوى واق ذكري في فيلم "مُصارِعَة الوهم"، وأوبرا وينفري بأن تُدخّن وتتعاطى الكحول وتخون زوجها في فيلم "رئيس الخدم"، وماريا كاري بأن تقبل الظهور مع شارب أزغب في "ثمينة". هل يختار دانيلز ممثلين شجعاناً لأفلامه أم أنه يغرس الشجاعة فيهم؟

يعلق على ذلك، "أنا أجعل الممثلين لا يخشون شيئاً. يعلمون أن هذا الأمر في غاية الجديّة بالنسبة لي، وحياتي على المحك، لأن جزءاً كبيراً من حياتي موجود في القصص التي يروونها". إنه يفتخر بالعلاقات التي كونها مع عدد من نجوم أعماله. وبحسب كلماته، "إنهم عائلتي. وفي بعض الأحيان نكون على خلاف لدرجة أنه، على غرار ما يحصل في العائلة، تكون الأمور سيئة. لقد انتهت بعض علاقاتي بشكل سيء حقاً، وأحسست بالألم جراء ذلك. إنه أمر مؤلم جداً جداً بالنسبة لي".

ثمة خلافان بارزان ضمن علاقاته التي نعرفها. هنالك الممثل جاسي سموليت الذي عمل معه في مسلسل "إمبراطورية" ووجهت إليه عام 2020  تهمة ارتكاب جريمة كراهية. ويروج إنه انفصل عن دانيلز بعدما كانا قريبين. وهناك أيضاً الممثلة مونيك التي فازت بجائزة أوسكار عن أدائها المرعب لكن المحزن للغاية، في دور أم مسيئة في "ثمينة". إذ وقع خلاف شديد بينها وبين دانيلز في أعقاب ذلك. وادّعت مونيك أنها اختلفت مع دانيلز على الأجر الذي تقاضته والترويج الذي حققته للفيلم. وتزعم أن هوليوود "تحظرها" منذ ذلك الحين.

ولمرة وحيدة، يعمد دانيلز إلى إغلاق الكاميرا الخاصة به. ويضيف، "لا أريد الحديث عن ذلك، من فضلك". إنه طلب محق. لكن ما حصل مؤسف أيضاً. إذ قدم دانيلز ومونيك معاً عملاً ساحراً. وكذلك تَمَكَّنَتْ مونيك عبر دوريها في "مُصارِعَة الوهم" و"ثمينة" من أن تكون متوحشة ورقيقة بالمقدار نفسه، وبدت أنها الوسيط المثالي لكل دوافع دانيلز الإبداعية. هل يعتقد أنهما سيحلان الخلاف الذي حدث بينهما؟ يجيب بعبوس، "أعتقد أنه ستكون هناك نهاية سعيدة عاجلاً أم آجلاً. لكن في الوقت الحالي، لا أحاول سوى معرفة ما الذي سأفعله في المرحلة المقبلة".

في محاولة لتغيير الموضوع، يشير دانيلز إنه يحضّر عدداً من المسلسلات التلفزيونية. إذ يعتبر التلفزيون المكان الذي حقق فيه ثروته أخيراً. يتذكر أنه "كان مفلساً" قبل وقت قصير من بيع مسلسل "إمبراطورية" إلى شبكة "فوكس" الأميركية (حقق العمل نجاحاً كاسحاً في بريطانيا عبر قناة "إي 4" E4). ويعلق على ذلك ضاحكاً، "من كان يعلم أنني سأفوز بجائزة اليانصيب الكبرى بفضل هذا العمل اللعين!". ويعتقد أن المسلسل الذي أدّت بطولته ترجي بي هينسون ووصل إلى نهايته العام الماضي بعد ستة مواسم، شكّل نقطة تحول ثقافية.

ووفق كلماته، "لا أريد التباهي، لكنني أظن أن "إمبراطورية" غيّر المشهد العام لحركة النهضة السوداء هذه. أعتقد أنه ما كان ليُصنَع فيلم "الفهد الأسود" Black Panther أو مسلسل "متزعزعة" Insecure  أو أعمال تلفزيونية مشابهة، لولا دخولي إلى الصناعة من طريق الخطأ".

في مشروعه التالي، يأمل دانيلز أن يفعل الشيء نفسه بالنسبة إلى الرجال المثليين. ويضيف، "أنا مستعد لارتكاب جريمة قتل مقابل صناعة فيلم رعب عن المثليين! قدمت فيلم "بيلي" مناصرة للمدمن في داخلي، وصنعتُ مسلسل "إمبراطورية" من أجل أمي بالفعل. لذلك، أريد الآن أن أقدم عملاً إلى ولدي".

وأخيراً، يشاركنا دانيلز بعضاً من قصص تدور في رأسه. إنها جريئة ومثيرة وعنيفة. ويختزل الأشياء كلها في إعلان كبير حول طريقة عيشنا الآن. ويبدو الأمر جريئاً على نحو متميز، بل ببساطة رحلة أخرى تخطف الأنفاس في عالم لي دانيلز. قولوا الحقيقية: ألا ترغبون في الانضمام إليها؟

 

(فيلم "الولايات المتحدة في مواجهة بيلي هوليداي" متاح للمشاهدة عبر خدمة "سكاي سينما" منذ 26 فبراير )

© The Independent

المزيد من سينما