تُعزز القاهرة فرص مشاركتها في إعادة إعمار العراق يوماً بعد يوم. فبعد توقيع البلدين 15 اتفاقية قبل أربعة أشهر في العاصمة العراقية بغداد، تمهد في الوقت الحالي الطريق للدفع بنحو مليوني عامل مصري للعمل في بلاد الرافدين عبر خط نقل بري، يبدأ من القاهرة مروراً بالأردن لينتهي في العراق.
وفي الساعات الـ48 الماضية، بحث الجانبان المصري والأردني تسريع وتيرة تنفيذ بروتوكول لتسيير خط نقل بري بين الدول الثلاث، يبدأ من القاهرة مروراً بالعاصمة الأردنية عمان وصولاً إلى بغداد عاصمة العراق، بتكلفة سفر للشخص الواحد لا تزيد على 130 دولاراً أميركياً، تشمل قيمة تذكرة الانتقال بالعَبّارات بين مينائي نويبع على الجانب الشرقي المُطل على البحر الأحمر والعقبة على خليج العقبة.
لقاء مصري - أردني
ووفقاً لبيان رسمي، أعلنت وزارة النقل والمواصلات المصرية، أن لقاءً جمع بين وزير النقل المصري كامل الوزير والسفير الأردني في القاهرة أمجد العضايلة لبحث تسهيل تدشين الخط البري، لتحقيق مرونة التنقل بين الدول الثلاث وحركة العمالة المصرية لهذه الدول وحركة الطلاب من هذه الدول إلى مصر.
وتناول الاجتماع سُبل دعم التجارة بين البلدين من خلال تذليل جميع العقبات في موانئ الوصول، وتسهيل نفاذ المنتجات المصرية إلى الأردن ومنها إلى الدول العربية مثل العراق وسوريا، علاوة على العمل على تطوير شركة الجسر العربي للملاحة (المملوكة لمصر والأردن والعراق)، وفتح أسواق جديدة لها لخدمة حركة التجارة بين الدول الثلاث ودول شرق أفريقيا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تأسست شركة الجسر العربي للملاحة في نوفمبر (تشرين الثاني) 1985 بالشراكة بين مصر والأردن والعراق برأسمال مدفوع قدره ستة ملايين دولار أميركي، مقسم بالتساوي بين الدول الثلاث المؤسسة، وقد تمت زيادة رأس المال مرات عدة ليصبح 100 مليون دولار أميركي في عام 2012.
وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ناقشت الجمعية العمومية للشركة في دورتها الـ75 في القاهرة، بحضور وزراء النقل بالدول الثلاث، الموازنة التخطيطية والاستراتيجية لعام 2021، واستعرضت الحالة الفنية لسفن وبواخر الشركة ومناقشة الآثار السلبية لجائحة كورونا على نشاط وأعمال ونتائج الشركة المالية خلال الفترة الماضية، وكذلك الإجراءات والآليات التي تم اتخاذها لضمان استمرارية نشاط الشركة التي تمثل حلقة وصل تجارية هامة بين دول مصر والأردن والعراق.
تدريب طلاب الأردن في القاهرة
وطلبت عَمّان من القاهرة خلال اللقاء زيادة التعاون المشترك لتدريب طلابها ومهندسيها في معهد "وردان" للسكك الحديدية في محافظة القاهرة التابع لوزارة النقل المصرية، وهو ما رحبت به الأخيرة مبدية الاستعداد لتدريب الشباب والكوادر الأردنية على أرضها.
وقبل أربعة أشهر، وقعت الحكومتان المصرية والعراقية 15 اتفاقية كلها تَخُص خطة إعمار بغداد، حينما اتفق رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، ونظيره العراقي في نوفمبر على تنفيذ مشروعات عدة في قطاعات الكهرباء والطاقة المتجددة والنفط والثروة المعدنية والإسكان والنقل والاستثمار والتجارة والصناعة، بمشاركة الحكومة المصرية والقطاع الخاص في إطار الخطة العراقية لإعادة إعمار بغداد بعد مرارة سنوات الحرب.
ينعش حركة المواطنين من القاهرة إلى بغداد
من جانبه، قال رئيس مجلس الأعمال المصري- الأردني علي عيسى، إن الخط البري القاهرة- بغداد سيربط ثلاث دول عربية، مرتكزاً على تحقيق التكامل الاقتصادي وتعزيز التجارة البينية، مؤكداً أن فتح الطرق البرية أمام حركة المواطنين بين تلك الدول سيسهم في انتعاش حركة التجارة البينية، خصوصاً أن تلك الحركة ستتم تحت المظلة الرسمية للدول الثلاث، ما يعني القدرة على توفير الحماية وتأمين حركة المسافرين في الاتجاهين.
نقل العمالة المصرية إلى بلاد الرافدين
وأضاف أن الحكومة المصرية تعول على هذا الخط في سهولة وسرعة انتقال العمالة المصرية إلى داخل بلاد الرافدين خلال الفترة المقبلة، خصوصاً مع قرب تنفيذ مشروعات عملاقة في البنية التحتية العراقية بسواعد مصرية، في إطار خطة إعمار العراق التي ستحصل مصر منها على نصيب لا بأس به خلال الفترة المقبلة في ظل التقارب السياسي والدبلوماسي بين الدول الثلاث، لافتاً إلى أن الحكومة مدعومة بالقطاع الخاص المصري تتمسك بحصتها كاملة في خطة إعادة الإعمار، لتعويض ما فاتها من فرص بعد هيمنة الشركات الأميركية والإنجليزية والأوروبية عقب الغزو الأميركي للعراق عام 2003.
النفط مقابل الإعمار
وحول قدرة الحكومة العراقية المالية لتنفيذ الخطة، أشار إلى أن القدرة المالية لن تكون عائقاً لتنفيذ المشروعات، لا سيما أن مباحثات بين الجانبين تدور حالياً حول إعادة هيكلة البنية التحتية العراقية مقابل النفط، لافتاً إلى أن هذا الخيار تتم دراسته حالياً .
700 مليون دولار ميزان التجارة بين القاهرة وعمان
وحول التجارة بين القاهرة وعمان، أكد أن العلاقات التجارية والاستثمارية البينية جيدة للغاية، علاوة على أن الأردن هي بوابة الاستثمار داخل العراق، لافتاً إلى هجرة الاستثمارات ورؤوس الأموال العراقية إلى الأردن في غضون الأعوام الـ20 الماضية، بعد اضطراب الأوضاع السياسية والحروب العسكرية التي دارت على أراضي بلاد الرافدين.
وتابع أن الميزان التجاري بين مصر والأردن بلغ حوالى 700 مليون دولار أميركي، متضمناً 556 مليون دولار أميركي صادرات القاهرة إلى عَمّان، مقابل 144 مليون دولار أميركي بضائع أردنية لمصر.
العراقيون نقلوا استثماراتهم إلى الأردن بعد الحرب
تتوزع الاستثمارات الأردنية بين 1700 شركة على الأراضي المصرية، بقيمة إجمالية تصل إلى 500 مليون دولار أميركي، في المقابل يستثمر المصريون أكثر من 300 مليون دولار أميركي على الأراضي الأردنية، وفقاً لبيانات الهيئة العامة المصرية للاستثمار والمناطق الحرة.
6 مليارات دولار صادرات مصرية متوقعة للعراق
من جانبه، توقع رئيس لجنة مواد البناء في الجمعية المصرية- اللبنانية للأعمال، كمال الدسوقي أن تتخطى قيمة الصادرات المصرية من مواد البناء إلى العراق حاجز الستة مليارات دولار أميركي على مدار العامين الحالي والمقبل، مع تفعيل اتفاقيات إعادة إعمار، مشيراً إلى أن الشركات المصرية جاهزة لسد حاجة الأسواق العراقية في كل القطاعات.
وأضاف في تصريح خاص أن فوائد التقارب المصري- العراقي لا تقف عند حد زيادة حصيلة الصادرات فحسب، بل تعم الفائدة على الوضع الاقتصادي الداخلي في القاهرة، موضحاً أن زيادة كمية الصادرات بالطبع ترفع من حظوظ العمالة المصرية عندما ترتفع معدلات التشغيل ما يتطلب زيادة عدد العمالة، علاوة على تلك التي ستنتقل للعمل في الأراضي العراقية لتنفيذ الأعمال والاتفاقيات أو بشكل منفرد مع تحرك السوق هناك وانتعاشه.
إعادة الإعمار تسهم في خفض فاتورة استيراد النفط
وقال المتخصص في قطاع النفط في مصر، تامر أبو بكر، إن عودة الحركة التجارية والاقتصادية بين ثلاث دول ذات أهمية وثقل اقتصادي، ستنعكس بالطبع على المواطنين في تلك الدول.
وأكد أن تنفيذ الحكومة المصرية مشروعات تنموية في العراق مقابل الحصول على النفط الخام العراقي أو بأسعار مخفضة، يمثل مزايا عدة لمصر بخلاف تكثيف عدد العمالة المصرية هناك.
وأضاف أن القاهرة تسعى بشكل مستمر لخفض تكلفة استيراد النفط الخام، لافتاً إلى أن الاتفاق بين البلدين سيسهم في خفض فاتورة استيراد النفط لمصر بما لا يقل عن 15 في المئة على أقل تقدير، مشيراً إلى أن القاهرة استوردت نفطاً ومواد خام على مدار العام الماضي بما يقارب العشرة مليارات دولار أميركي.
خطة إعمار العراق تصل إلى 100 مليار دولار
وكان رئيس اتحاد المقاولين العراقيين، فخر السنافي، قال في تصريحات صحافية في ديسمبر الماضي، إن الشركات المصرية تخطط لبناء مجمعات سكنية ومحطات طاقة شمسية ومصانع أسمدة وأعلاف وخطوط سكك حديدية والعديد من المطاعم والفنادق والمنتجعات في العراق، لافتاً إلى أن مشاركة مصر في عملية إعمار العراق توفر فرص عمل لأكثر من مليوني عامل مصري.
وتوقع أن تصل تكلفة مشروعات إعادة الإعمار إلى نحو 100 مليار دولار أميركي، وتشمل إعادة بناء جزء كبير من البنية التحتية في محافظات الأنبار والموصل وصلاح الدين، إضافة إلى 120 مجمعاً سكنياً بأكثر من 3.5 مليون وحدة سكنية في 15 محافظة عراقية.