يواصل المتظاهرون المؤيدون للديموقراطية احتجاجاتهم في ميانمار، السبت السادس من مارس (آذار)، ضد انقلاب الأول من فبراير (شباط)، في حين فشل مجلس الأمن الدولي الذي عُقد الجمعة، في التوصّل إلى اتفاق على إعلان مشترك بشأن الوضع في البلاد.
وغرقت الدولة الواقعة في جنوب شرقي آسيا في حالة من الاضطراب منذ أن أطاح الجيش بالزعيمة المنتخبة أونغ سان سو تشي واحتجزها، ومنذ ذلك الحين، تستمر الاحتجاجات والإضرابات اليومية التي أدت إلى خنق قطاع الأعمال وإصابة الإدارة بالشلل.
وتقول الأمم المتحدة، إن أكثر من 50 محتجاً قتلوا، منهم ما لا يقل عن 38 الأربعاء الماضي وحده. ويطالب المحتجون بالإفراج عن سو تشي واحترام انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني)، التي فاز بها حزبها بأغلبية ساحقة لكن الجيش رفضها قائلاً إنها شهدت عمليات تزوير.
ويقول الجيش، إنه يتحلى بضبط النفس في وقف الاحتجاجات، لكنه أكد أنه لن يسمح لها بتهديد الاستقرار. وأوقف أكثر من 1700 شخص بحسب الأمم المتحدة.
التظاهرات
وعلى الرغم من ذلك، لم تضعف التعبئة في كل أنحاء البلاد. في لويكاو وسط البلاد، رفع مئات الأشخاص من بينهم مدرسون يرتدون الزي الرسمي الأخضر والأبيض، لافتات تدعو إلى العصيان المدني. وكانت الحشود تهتف "ثورتنا يجب أن تنتصر"، و"إذا ذهبت إلى العمل فأنت تساعد الديكتاتورية".
وكان لدعوات الإضراب تأثير كبير على بعض قطاعات الاقتصاد الهش أصلاً في البلاد، مع عدم قدرة المصارف على العمل، إضافةً إلى أن المستشفيات مغلقة والمكاتب الوزارية فارغة. وحضّت وسائل الإعلام التابعة للحكومة الموظفين على العودة إلى العمل وإلا "سيتم فصلهم بدءا من 8 مارس".
في حي سان شونغ في رانغون، عاصمة البلاد الاقتصادية، دمّرت الشرطة السبت حواجز مؤقتة أقامها متظاهرون مستعينين بإطارات قديمة وأكياس رمل وأسلاك شائكة، وأطلقت الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية لتفريق التجمّعات الصغيرة، لكن تمّت إعادة نصب الحواجز بعد رحيل الشرطة.
ودفُن ضحيتان يبلغان من العمر 18 عاماً السبت. وكانت الحشود تردّد، "لن نسامحكم حتى نهاية العالم". وفي اليوم السابق، لفّت نعوش ثلاثة آخرين بالعلم الأحمر الذي يرمز إلى حزب سو تشي خلال جنازاتهم.
فرار إلى الهند
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
والقمع مستمر في مجال القضاء أيضاً، إذ أصبحت سو تشي، التي لا تزال محتجزةً في عزلة عن العالم الخارجي من قبل الجيش، تواجه أربع تهم من بينها "التحريض على الاضطرابات العامة". أما الرئيس السابق وين مينت، فمتهم خصوصاً بانتهاك الدستور.
وبدأ عدد من الأشخاص الفرار إلى الهند هرباً من الاضطرابات التي تشهدها ميانمار، وبعضهم عناصر في الشرطة رفضوا المشاركة في القمع العنيف للتظاهرات الرافضة للانقلاب العسكري.
وقالت مسؤولة بشمال شرقي الهند، السبت، إن السلطات في ميانمار طلبت من السلطات الهندية إعادة عدد من ضباط الشرطة طلبوا اللجوء. وعبر نحو 30 من ضباط الشرطة في ميانمار وأفراد أسرهم الحدود طلباً للجوء في الأيام القليلة الماضية، مع تزايد العنف في قمع المحتجين.
وقالت ماريا سي.تي. زوالي، نائبة مفوّض الشرطة في منطقة تشامفاي بولاية ميزورام الهندية، لوكالة "رويترز"، إنها تلقت رسالة من نظيرها بمنطقة فالام بميانمار تطلب إعادة ثمانية من أفراد الشرطة "من أجل تعزيز علاقات الصداقة". وأوضحت زوالي إنها "تنتظر التوجيهات" من وزارة الشؤون الداخلية الهندية في نيودلهي.
مجلس الأمن
وفشل مجلس الأمن الدولي الجمعة في التوصل إلى اتفاق على إعلان مشترك، وذكرت مصادر دبلوماسية لوكالة الصحافة الفرنسية أن المفاوضات بشأن النصّ ستستمرّ الأسبوع المقبل.
وقالت السفيرة البريطانية، باربرا وودوارد، بعد الاجتماع الذي عُقد بمبادرة من المملكة المتحدة، "نحن مستعدون للنظر في فرض عقوبات دولية وفق ميثاق الأمم المتحدة إذا استمر الوضع في التدهور".
وأعلنت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اتخاذ تدابير قسرية، لكن مراقبين يحضّون على المضي قدماً في الحظر الدولي على تسليم الأسلحة، وهو قرار يتطلب موافقة جميع أعضاء المجلس.
مع ذلك، رفضت بكين وموسكو، الحليفتان التقليديتان لجيش ميانمار ومصدّرتا الأسلحة إلى البلاد، التحدّث عن "انقلاب"، وأشارت وكالة أنباء الصين الجديدة بداية فبراير، للأحداث على أنها "تعديل وزاري" بسيط.
وقال السفير الصيني، تشانغ جون، الجمعة، إن بلاده تريد أن تكون "جاراً صديقاً"، محذراً من العقوبات التي من شأنها أن "تزيد التوترات سوءاً أو تزيد الوضع تعقيداً".
إلّا أن الدول المجاورة الأخرى لا صوت لها في المجلس. وكانت سنغافورة المستثمر الأول في البلاد، الوحيدة التي استنكرت الأحداث الجارية في ميانمار من خلال وزير خارجيتها فيفيان بالاكريشنان، الذي قال إنها "وصمة عار وطنية". لكنه أشار أيضاً إلى أن أي ضغط خارجي على المجموعة العسكرية لن يكون له أي تأثير يذكر.
الإفلات من العقاب
وفي هذا السياق، يبدو من غير المرجّح أن تلقى الدعوة إلى "الوحدة"، التي أطلقتها مبعوثة الأمم المتحدة الخاصة إلى ميانمار، كريستين شرانر بورغنر، آذاناً صاغية. وقالت إن "الآمال التي وضعها (شعب ميانمار) في الأمم المتحدة وأعضائها يتضاءل". وأضافت أنها تتلقى مئات "المناشدات اليائسة" يومياً من الأمهات والطلاب والمسنين.
ودعت شرانر بورغنر مجلس الأمن إلى اتخاذ إجراء ضد المجلس العسكري الحاكم، بعد مقتل محتجين. وقالت خلال الجلسة المغلقة، وفقاً لنسخة من تصريحاتها اطلعت عليها وكالة "رويترز"، "إلى أي مدى يمكن أن نسمح لجيش ميانمار أن يفلت من العقاب؟"، مضيفةً "من المهم أن يكون هذا المجلس حازماً ومتماسكاً في تحذير قوات الأمن والوقوف إلى جانب شعب ميانمار بحزم لدعم النتائج الواضحة لانتخابات نوفمبر".
ولم يرد متحدث باسم المجلس العسكري على اتصالات للتعليق على ذلك.