وصل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اليوم، إلى العاصمة السودانية الخرطوم، في زيارة رسمية استغرقت قرابة خمس ساعات، التقى خلالها رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو (حميدتي)، ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك.
وجرى خلال اللقاءات التباحث حول التنسيق المشترك وتوحيد الرؤى والمواقف بين الجانبين تجاه مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وتأتي الزيارة في إطار التواصل المستمر بين قيادتي البلدين بما يعكس حيوية وخصوصية العلاقات بين الدولتين والشعبين، فضلاً عن اللقاءات والزيارات العديدة التي يقوم بها المسؤولون في كل من الخرطوم والقاهرة.
وأكد البرهان توصل السودان ومصر إلى رؤى موحدة تخدم تقدم الشعبين وتطورهما، وتسهم في استقرار الدولتين، منوهاً في تصريح صحافي عقب جلسة المباحثات المشتركة، في القصر الجمهوري، بأن زيارة الرئيس المصري للبلاد تمثل دعماً حقيقياً للسودان، وسنداً لثورة الشعب السوداني.
وأوضح رئيس مجلس السيادة السوداني، أن زيارة السيسي تأتي في وقت الدولة السودانية بمرحلة انتقال تواجه الكثير من المصاعب، ما يتطلب تضافر الجهود من الأصدقاء والأشقاء.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، إلى أن مباحثاته مع رئيس المجلس، تناولت مستجدات مفاوضات سد النهضة الإثيوبي باعتباره ملفّاً يمسّ صميم المصالح الحيوية للبلدين بوصفهما دولتَي المصب في حوض النيل.
في المقابل، يوضح أستاذ العلاقات الدولية في الجامعات السودانية السفير حسن بشير، أن التعاون بين السودان ومصر ضرورة، بخاصة في ظل الظروف التي تحيط بالبلدين، سواء في ما يتعلق بسد النهضة الذي يمثل تحدياً كبيراً، لأنه يمس ضرورات الحياة في الدولتين كليهما، ما يتطلب التنسيق والتعاون للتوصل إلى اتفاق مرض، أو ما يدور باتجاه الحدود الشرقية للسودان من ناحية الوجود الإثيوبي على الأراضي السودانية في منطقة الفشقة لأكثر من ثلاثة عقود من الزمان، ومماطلة الجانب الإثيوبي في عدم الاعتراف باتفاقية 1902 الموقعة بين بريطانيا وإثيوبيا.
وبيّن بشير، أن زيارة السيسي إلى السودان مهمة، لأن الموقف السياسي وما يجري من تطورات يتطلب تنسيق الجهود في هذه المرحلة حتى يتخطى الخطر الماثل من الجانب الإثيوبي، فما يحدث في هذا الشأن ليس مسألة عابرة، لأن أديس أبابا تسعى من خلال موقفها في سد النهضة إلى الهيمنة والتوسع في دول الغير، متناسية أن هناك اتفاقيات دولية تدعو إلى تنظيم مياه الأودية والأنهار بطريقة تضمن حفظ حقوق واحتياجات دول المنبع والمصب، فالأمر ليس ملكية مطلقة كما تتصور.
وأضاف "تجمع مصر والسودان علاقات أزلية وتعاون وروابط أخوة، وعضوية مشتركة في الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي، وكثير من المنظمات الدولية، بالتالي لا بد من تنسيق القضايا والمواقف المشتركة".
التوقيع على الوثيقة الدستورية
ولفت أستاذ العلاقات الدولية، أنها أول زيارة لرئيس مصر بعد تشكيل مجلس السيادة السوداني عقب التوقيع على الوثيقة الدستورية بين المكونين المدني والعسكري في 17 أغسطس (آب) 2019، فتوقيتها كان مهماً للغاية ومناسباً، إذ تعطي رسائل كثيرة للقيادة الإثيوبية، كما أن عاملي الجغرافيا والتاريخ يجعلان من الأهمية تباحث القيادتين السودانية والمصرية في القضايا المشتركة، والتنسيق في المجالات العسكرية والاقتصادية، حتى نصل بهذه العلاقة إلى أعلى مستوياتها بشرط أن تكون مبنية على المصالح المشتركة.
فيما أشار المحلل السياسي السوداني السفير الصادق المقلي، إلى أن زيارة السيسي إلى الخرطوم تأتي كعامل ردع لإثيوبيا، لاحتواء أي نوايا عسكرية من قبل الجانب الإثيوبي، لحسم الخلاف حول الحدود السودانية الإثيوبية المشتركة (أراضي الفشقة)، وكذلك في إطار التنسيق والتقارب بين البلدين حول ملف سد النهضة، وذلك بأن تنصاع أديس أبابا لصوت العقل بأن تتوصل مع دولتي المصب (مصر والسودان) إلى اتفاق حول تشغيل وملء السد من خلال التفاوض المباشر، قبل خطوة الملء الثاني الذي حددته إثيوبيا في يوليو (تموز) المقبل، لأن الملء دون التوصل إلى اتفاق سيعرض السودان إلى خطر، وهو الغرق.
وأوضح أن "الزيارة مهمة بكل المقاييس وتحمل معاني ورسائل مهمة، وجاءت بعد أقل من أسبوع من توقيع الدولتين اتفاقية تعاون عسكري، على هامش اجتماعات اللجنة العسكرية السودانية المصرية المشتركة في دورتها السابعة، فضلاً عما يشهده السودان من انفتاح في علاقاته الخارجية وعودته لمحيطه الدولي والإقليمي بخاصة مع أميركا وإسرائيل، بعد إزالة اسمه من لائحة الدول الراعية للإرهاب، إضافة إلى التعاون الاقتصادي في الجانب الزراعي بحكم الخبرات المصرية في هذا الجانب، وما يمتلكه السودان من أراض شاسعة، وهوما يقود لإيجاد استثمارات مشتركة في التصنيع الزراعي".