بعد عام من العزلة التي فرضها إغلاق كورونا، تراجعت معدلات الولادة في إسبانيا، إذ انخفض عدد المواليد الجدد المسجلين في ديسمبر (كانون الأول) ويناير (كانون الثاني) الماضيين بمقدار 13 ألفاً و141 طفلاً، مقارنةً بالفترة نفسها من العام السابق.
واستناداً لصحيفة "الباييس" El Pais الإسبانية، فإن انخفاض معدل الولادات بنسبة 22.6 في المئة، يبين التأثير الطويل المدى للإغلاق الذي لجأت إليه البلاد في مارس (آذار) وأبريل (نيسان) من العام الماضي. وكذلك شهدت بلدان أوروبية مجاورة تراجعات مماثلة في معدلات المواليد.
في الواقع، إن الانخفاض في أعداد المواليد يفاقم شواغل موجودة أصلاً في إسبانيا في شأن معدلات الخصوبة والولادة. في عام 2019، سجلت البلاد 360 ألفاً و617 ولادة، علماً بأنه أدنى رقم يصدر عن "المعهد الوطني للإحصاءات" منذ بدء التسجيلات في عام 1941.
وخلال السنة الماضية، انخفضت حالات الحمل التي شهدتها مستشفيات عدة، من بينها "فال دي هيبرون" Vall d’Hebron أو "سانت باو" Sant Pau في برشلونة، بنسبة 10 في المئة، وقد تناقصت الولادات بالمعدل نفسه في يناير وفبراير من العام الحالي.
وطوال عام 2020، تراجعت الاستشارات الطبية للنساء في مستشفى "لاباز" في مدريد خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل بنسبة 14 في المئة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي إشارة إلى أن هذا التراجع في الولادات كان اتجاهاً سائداً في إسبانيا قبل ظهور جائحة "كورونا"، سجل معدل المواليد الجدد في السنوات الـ12 الماضية في مستشفى "فيرجن ديل روسيو" Virgen del Rocío Hospital في مقاطعة إشبيلية انخفاضاً بنسبة 40 في المئة، متراجعاً من تسعة آلاف في عام 2008 إلى أكثر بقليل من خمسة آلاف في 2020.
وقال دييغو راميرو، مدير "معهد الاقتصاد والجغرافيا والديموغرافيا"، التابع لـ"مجلس البحوث الوطني الإسباني"، إن "البيانات تتماشى مع ما توقعناه، وما نراه في البلدان الأخرى".
بالنسبة لإيطاليا، فقد شهد هذا البلد انخفاضاً بمعدل 21.6 في المئة بالنسبة للمواليد الجدد المسجلين في ديسمبر، بينما انخفضت نسبة المواليد في فرنسا بـ13 في المئة.
وأضاف راميرو "في بعض الولايات الأميركية مثل فلوريدا أو كاليفورنيا أو هاواي، ارتفعت نسبة الانخفاض في المواليد من خمسة في المئة إلى 20 في المئة تقريباً. في وسعنا أن نأمل أنه بعد انحسار حالة الطوارئ، ستشهد البلاد حالات حمل إضافية، لكن مع عودة الموجة الثانية من الحالات، يحتمل تسجيل تباطؤ آخر في الولادات، ولن يختلف الأمر مع الموجة الثالثة"، حسب ما قال راميرو.
لكن من وجهة نظر المتحدث "لا يمكن تكوين حكم عام على بقية السنة استناداً لبيانات ترصد شهرين من الحجر، غير أنه من المتوقع أن يكون التراجع في الولادات قوياً".
ويضيف ألبرتو سانز، وهو أستاذ في كلية العلوم السياسية وعلم الاجتماع في جامعة كومبلوتنسي Complutense University في مدريد، أن جائحة الإنفلونزا الإسبانية التي ضربت البلاد عام 1918 "كان لها تأثير مماثل لوباء كورونا في شما يتعلق بمعدلات المواليد، على الرغم من أن التعافي من تلك الكارثة كان سريعاً".
وفق ألبرتو سانز، ربما تبقى تبعات جائحة كورونا موجودة فترة زمنية أطول مقارنة بالصدمات التي لحقت بأزمة 1918.
"بخلاف الأزمة الوبائية، سنواجه أزمة اقتصادية، وقد سبق أن رأينا آثار الكارثة الاقتصادية التي عصفت بالعالم عام 2008، وتسببت في انخفاض مطرد (في الولادات). ندخل الآن عاماً من الانقطاع عن الحمل، وسنسجل أدنى مستويات الخصوبة على الإطلاق في إسبانيا"، قال سانز.
وهناك عامل آخر يسهم في تقلص أعداد الولادات، ويتمثل في الارتفاع المطرد في متوسط عمر الأمهات الجدد، خلال السنوات الأخيرة.
وتحدث في هذا الشأن ألبرت إستيف، مدير "مركز الدراسات الديموغرافية" في "جامعة برشلونة المستقلة" (يو أي بي)، فقال إن "متوسط عمر الأمهات يبلغ للمرة الأولى 32 عاماً، وفي حال أفضت الجائحة إلى تأخير قرار الإنجاب مدة عامين آخرين، ستكون الخصوبة أكثر تعقيداً، بل إن خيار إنجاب طفل ثانٍ سيكون أشد صعوبة".
في سياق متصل، كشفت دراسات حديثة عن أن إسبانيا تندرج ضمن قلة قليلة من دول أوروبية يتوقع أن تفقد أكثر من نصف سكانها بحلول عام 2100، علماً بأن أعداد السكان في ثلاثة أرباع البلديات الإسبانية آخذة في التناقص فعلاً.
© The Independent
