جُمعت الصخور النيزكية الأولى في مقاطعة "غلوسترشاير"، بعدما سقطت على الأرض من كرة نارية مبهرة شوهدت في أجواء المملكة المتحدة وشمال أوروبا، في نهاية فبراير (شباط) الماضي.
وقد تحطّمت صخور فضائية سوداء اللون تزن القطعة الأكبر منها حوالي 300 غرام، على ممرّ في بلدة "وينشكوم" في منطقة "كوتسوولدز"، نُقلت إلى "متحف التاريخ الطبيعي" في لندن بهدف إجراء مزيد من الدراسات حولها.
واستطراداً، استثار الحجر، الذي سيُسمى على الأرجح "نيزك وينشكوم"، حماسة العلماء لأنه من نوع نيازك "الكوندريت الكربوني" carbonaceous chondrite التي تتشكَّل من مزيج معادن ومركبات عضوية من بينها أحماض أمينية [مكونات كيماوية للبروتينات والتراكيب الوراثية]، علماً أنها تُعتبر المكونات الأساسية للحياة نفسها.
وبعد أكثر من ثلاثة عقود على آخر حجر نيزكي يعثر عليه من أراضي المملكة المتحدة، لم يحدث أن عُثر سابقاً على هذا النوع من الصخور في البلاد.
ويُعتقد أنه في مختلف أنحاء العالم عُثر على 51 حجراً نيزكياً من نوع "الكوندريت الكربوني"، وجرى التعرّف إلى نوعها.
وقد اكتُشِفَ مكان الصخرة النيزكية الأخيرة، إضافة إلى شظايا أخرى جُمعت من مناطق مجاورة، بعدما أعاد العلماء تعقب مسار تتبعته كرة نارية اخترقت الغلاف الجوي للأرض مولَّدة دوياً هائلاً سمعه السكان في إيرلندا وصولاً إلى هولندا يوم الأحد 28 فبراير المنصرم.
في سياق متصل، وصف الدكتور آشلي كينغ، وهو باحث في "متحف التاريخ الطبيعي" Natural History Museum in London، تلك الصخرة النيزكية بأنها "مثيرة للاهتمام بالنسبة إلينا لأن هذا النوع من الأحجار النيزكية نادر جداً، لكنه يحمل أدلة مهمة حول نشأتنا".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفق العلماء، وصل الحجر النيزكي إلى "المتحف الوطني" في لندن في حالة جيدة جداً، مقارنةً بالجودة التي تتمتّع بها عينات أخرى حملتها بعثات فضائية إلى كوكب الأرض.
وذكر الدكتور آشلي أنه "بالنسبة إلى شخص لم تكن لديه حقاً فكرة عن ماهية (الأحجار النيزكية) في الحقيقة، فقد أنجز المكتشف عملاً رائعاً إذ جمعها. لقد حصل على معظمها بسرعة كبيرة، ربما بعد أقل من 12 ساعة من وقوع الحادثة الفعلية. ثم تابع العثور على أجزاء صغيرة أخرى في حديقته خلال الأيام القليلة التالية".
وبحسب خبراء، يمكن للنيزك أن يوفِّر معلومات فريدة حول نشأة النظام الشمسي قبل حوالى 4.6 مليار سنة، كذلك الأمر بالنسبة إلى المكان الذي تشكلت فيه للمرة الأولى المياه واللبنات الأساسية للحياة.
تطرّقت إلى الاكتشاف أيضاً البروفيسورة سارة راسل، مشيرة إلى أن "أحجاراً نيزكية من هذا القبيل عبارة عن بقايا من النظام الشمسي المبكر، ما يعني أنه بواسطتها نستطيع اكتشاف ماهية المكونات التي تتشكل منها الكواكب السيارة.
في المقابل، نعتقد أيضاً أن تلك الصخور النيزكية ربما جلبت المياه إلى كوكب الأرض، وزوَّدت الأخير بمحيطاته".
في ذلك الصدد، بعد مرور فترة وجيزة على سقوط الحجر النيزكي على الأرض، أصدر "تحالف فايربول في المملكة المتحدة" UK Fireball Alliance صوراً وخرائط ترسم المسار المحتمل لكرة النار، ويرجِّح التحالف العثور على أجزاء نيزكية أخرى على الأرض في بلدة "شلتنهام" في جنوب غربي إنجلترا، والمناطق المحيطة بها. وفي الوقت نفسه، نصح التحالف الأعضاء المهتمين من الناس بعدم خرق الإجراءات المعمول بها خلال إغلاق كورونا من أجل البحث عن تلك الصخور الفضائية.
© The Independent