هبطت الصادرات البريطانية إلى الاتحاد الأوروبي بأكثر من 40 في المئة خلال يناير (كانون الثاني)، الشهر الأول بعد انقضاء المرحلة الانتقالية لبريكست.
ويُعد هذا الهبوط الانخفاض الشهري الأكبر في 20 سنة، في حين تراجعت الواردات من الاتحاد الأوروبي أيضاً بنسبة كبيرة بلغت حوالي 29 في المئة.
ودعت الحكومة إلى الحذر في تفسير الأرقام. وقال وزير بريكست، اللورد فروست، الذي فاوض على الاتفاق، إن "مجموعة فريدة من العوامل جعلت من الحتمي أن نشهد تسجيل بعض الأرقام [المعدلات] غير المعتادة".
صحيح أن بعض المؤسسات إذ توقعت التعطل ملأت مخزوناتها في ديسمبر (كانون الأول) واستهلكته خلال يناير، ما عنى أن عدداً أقل من الشحنات ربما كان مطلوباً.
كذلك خفض فيروس كورونا على الأرجح الطلب مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، الذي تُقارَن الأرقام به.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إذاً لا يعود هذا التراجع كله إلى بريكست، ولن تكون هذه الحال على الدوام. لكن ثمة أسباباً وجيهة تدفع إلى الاعتقاد بأن بعض الضرر الدائم أصاب تجارة المملكة المتحدة مع الكتلة الأوروبية.
السبب الأول هو أن فيروس كورونا يخفض الطلب منذ مدة طويلة حالياً، وأن الأرقام لم تكن بهذا السوء في السابق. وهذا ليس بالجديد.
لكن في شكل عام، لا يرقى شك إلى أن الحكومة أمضت السنوات القليلة الماضية بشق الأنفس مع جارها الأكبر بإقامة حواجز تجارية تجعل الأعمال أصعب.
ولا يتعلق الأمر دائماً بإفساح المجال أمام التجارة. وأبرز ما في التجارة الدولية أنها تنافسية، ويترتب على وضع الشركات البريطانية في موقف غير مؤات توجه المستهلكين والمؤسسات في الاتحاد الأوروبي إلى الشراء من أماكن أخرى في السوق الموحدة.
ومن الأمثلة العملية على ذلك صادرات الأغذية والحيوانات الحية، بما في ذلك المأكولات البحرية والأسماك. فالقطاع كان الأكثر تعرضاً إلى ضرر، إذ تراجعت الصادرات من المملكة المتحدة بنسبة 63.6 في المئة خلال يناير مقارنة بها قبل سنة.
والمشاكل التي يتسبب بها بريكست لهذه الصناعات موثقة جيداً: فرض مزيد من الإجراءات البيروقراطية مثل شهادات الصيد وتصاريح التصدير، ما يجعل الشحنات البريطانية من المأكولات البحرية الطازجة إلى أسواق التصدير الرئيسية الخاصة بها في البر الأوروبي غير تنافسية، وتفيد بعض الشركات بأنها ستضطر إلى التوقف عن التجارة.
وحتى لو تمكنت الشركات البريطانية في نهاية المطاف من وضع نظام معقول للتعامل مع الإجراءات البيروقراطية في شكل معتاد، فالحقيقة البسيطة المتمثلة في أن شحناتها أقل موثوقية مقارنة بتلك الآتية من بلدان أخرى في الاتحاد الأوروبي ستكون عاملاً معاكساً لها وستكلفها عملاء.
وتُعَد الصادرات الزراعية والسمكية جزءاً صغيراً جداً من تجارة المملكة المتحدة، لكن هذا الوضع ببساطة نموذج مكثف مما يجري في صناعات أخرى تخسر أمام منافسي البر الأوروبي في أسواق الكتلة الأوروبية.
وتجادل الحكومة بأن الضرر الذي تسبب به بريكست يستحق العناء لأنه سيسمح للمملكة المتحدة بالمتاجرة مع سائر العالم. وما من إشارة الآن إلى صحة ذلك: يفيد مكتب الإحصاءات الوطنية أن التجارة مع وجهات غير الاتحاد الأوروبي ارتفعت بنسبة 1.7 في المئة بقيمة لا تتجاوز 200 مليون جنيه إسترليني (278 مليون دولار). وهذا الارتفاع لا يضاهي أبداً التراجع الضخم البالغ 5.6 مليار جنيه في صادرات المملكة المتحدة إلى الاتحاد الأوروبي أو الهبوط البالغ 6.6 مليار جنيه في الواردات من الكتلة.
وما من إشارة أيضاً إلى تغير الأمور في المستقبل. فعلى الرغم من الضجيج كله حول الاتفاقات التجارية مع سائر العالم، تشير توقعات الحكومة نفسها إلى أنها لا تعود بالمنفعة على الاقتصاد في شكل عام.
فالاتفاق الأكبر، المبرم مع الولايات المتحدة، من المتوقع أن يعزز الناتج المحلي الإجمالي بواقع 0.16 في المئة خلال السنوات الـ15 المقبلة، وفق وزارة التجارة الدولية. وما لم يتغير شيء، سيكون من الصعب على بوريس جونسون القول إن مشروعه جاء بأي شيء غير الضرر على الصعيد الاقتصادي.
© The Independent