شيعت الجاليات الأفريقية جثامين 44 شخصاً توفوا في حادثة الحريق بمركز إيواء المهاجرين الأفريقيين التابع لمصلحة الهجرة والجوازات بالعاصمة اليمنية صنعاء، التي تسيطر عليها جماعة الحوثي.
وكانت منظمة الهجرة الدولية أكدت الأسبوع الماضي أن حريقاً اندلع في أحد مراكز احتجاز المهاجرين التي يسيطر عليها الحوثيون وأودى بحياة أفارقة محتجزين، بعد أن ألقى حراس السجن قنابل لتفريق محتجين داخله.
وكان مركز الاحتجاز يحوي قرابة 800 مهاجر أفريقي تم توزيعهم على خمسة مراكز، احترق أحدها مخلفاً 44 قتيلاً و202 جريح، بحسب ممثل الجالية السودانية عبدالله الليثي، الذي أفاد أن "جميع المصابين غادروا المستشفيات عدا 21 لا يزالون يتلقون العلاج، بينهم أربعة حالهم حرجة".
وكانت ميليشيا الحوثيين أعلنت أنها شكلت فريقاً للتحقيق في ملابسات الحريق، ودعت إليه ممثلين عن الجاليات الإثيوبية والصومالية والإرتيرية والسودانية، للتعرف على المتوفين الذين طمست الحادثة هويات جثثهم.
الجاليات الأفريقية تريد حلولاً سريعة
وعقدت الجاليات الأفريقية الممثلة للاجئين والمهاجرين في اليمن مؤتمراً صحافياً بصنعاء، سلّطت من خلاله الضوء على حادثة الحريق بمركز إيواء المهاجرين ووضع المهاجرين واللاجئين باليمن، ومعاناتهم ودور المنظمات الدولية.
وأشارت إلى أنه تم ترحيل 468 مهاجراً بصورة رسمية عقب الحريق، بعد أخذ صورة وبصمة لكل فرد منهم، كما تم تشييع 44 متوفى بصورة رسمية بعد أخذ عينات الحمض النووي للتعرف عليهم لاحقاً، فيما فّر عدد غير معروف منهم.
وذكرت وكالة الأنباء اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون أن الجاليات الأفريقية طالبت خلال المؤتمر بـ "الاهتمام وبدء ترحيل المهاجرين، وعمل حلول لهم وتحسين وضعهم والاهتمام بحمايتهم، وتحسين الخدمات الطبية لتشمل المهاجرين كافة، والنظر إلى وضعهم في اليمن بشكل إنساني أكثر، وتقديم الخدمات لهم".
وأضافت الجالية أن حكومة الحوثي "أفرجت بعد الحادثة مباشرة عن 193 مهاجراً، وصرفت لكل فرد منهم 100 ألف ريال يمني (40 سنتاً أميركياً) وتجاوزت العمل بالقانون مراعاة لوضعهم الإنساني".
وأشار ممثل الجالية السودانية عبدالله الليثي، إلى أن السنوات الأخيرة شهدت "تدهور العمل الإنساني في خدمة المهاجرين باليمن، فيما يواصل المهاجرون الأفارقة تدفقهم بشكل كبير إلى اليمن طالبين اللجوء المُوقف من قبل المفوضية السامية منذ العام 2016".
في المقابل، "لا يوجد في صنعاء مراكز متخصصة لاستقبال المهاجرين وإيوائهم وحمايتهم إلى أن يتم تحديد وضعهم".
الجالية الصومالية
وبعد الحادثة، تحركت دولة الصومال نحو استئناف إجلاء مواطنيها من اليمن، وفق ما أعلن السفير الصومالي لدى اليمن عبدالله حاشي شوري، الذي قال إن حكومة بلاده ستستأنف حملة لإجلاء آلاف الصوماليين من اليمن منتصف هذا الشهر، بعد أن توقفت قرابة عام كامل بسبب كورونا.
وأكد شوري أن الحكومة الصومالية عازمة على تسريع الإجلاء، بخاصة بعد التجاوزات الأخيرة في سجون صنعاء، وآخرها حادثة استخدام القنابل ضد محتجزين في سجن الجوازات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار إلى أن السجن المذكور يوجد فيه "31 صومالياً، تكفلت الأمم المتحدة بإخراج 16 منهم، وتم إجلاء تسعة منهم بالفعل مع جريحين، في حين فقد أربعة آخرون".
ووفقاً للأمم المتحدة، يستضيف اليمن ثاني أكبر عدد من اللاجئين الصوماليين في العالم، حيث يبلغ عددهم حوالى 250 ألف لاجئ.
اللاجئون الإثيوبيون
وتأتي الغالبية العظمى من المهاجرين الواصلين إلى اليمن من الجاليات الأفريقية في المناطق الريفية بأقاليم أوروميا وأمهرة وتيغراي التي تشهد حرباً أهلية.
وقالت وزارة الخارجية في أديس أبابا، إنها تعمل على جمع معلومات كاملة عن الحريق، "ونحاول من خلال سفارتنا في سلطنة عُمان تحديد عدد المهاجرين الذين لقوا حتفهم أو أصيبوا في الحادثة المأساوية".
ويتخذ المهاجرون الأفارقة من اليمن محطة عبور إلى دول الخليج بحثاً عن العمل، في وقت تعاني فيه بلدانهم مشكلات اقتصادية وأمنية، حيث استمرت هجرة الأفارقة إلى اليمن على مدى العقد الماضي، وظلت على الرغم من استمرار الحرب في اليمن خلال السنوات الست الماضية.
بداية الحادثة
وقالت وسائل إعلام إثيوبية كانت على اتصال ببعض المهاجرين المحتجزين، وكشفت عن تفاصيل الحريق، إن سلطات الحوثيين "فرضت مبالغ مالية على المحتجزين في مقابل ترحيلهم، مما اضطرهم إلى الإضراب عن الطعام والاشتباك لاحقاً مع حراسهم عندما حاولوا إنهاء الإضراب".
وقال رئيس شبكة مستقبل أوروميا للأخبار ومقرها كندا، جمدا سوتي، "السلطات الحوثية أودعت المهاجرين السجون، فيما يحمل بعضهم إقامات شرعية والبعض الآخر شهادات اعتراف بهم كلاجئين، من دون أي مبرر قانوني"، وأن الميليشيا "ساومت اللاجئين على الانضمام إلى قواتها والقتال في صفوفها مما أغضب المحتجزين، فبدأوا الإضراب عن الطعام".
ويقول سوتي، "دخل حراس المركز وطلبوا من المحتجزين وقف إضرابهم والتوقف عن الاحتجاج"، ولكن يبدو أن الحراس وهم محاربون غير مدربين على حراسة مراكز الاحتجاز، "قاموا بركل المحتجزين وضربهم، لكن المحتجزين تعاونوا وأخرجوا الحراس من المعتقل"، وبعد ذلك استدعى الحراس قوات أخرى أتت وألقت على المحتجزين قنبلة تستخدم ضد أعمال الشغب، إلا أنها تسببت في اشتعال النيران، مما أدى إلى وفاة عدد كبير منهم، إضافة إلى مئات آخرين إصاباتهم خطيرة".
الحوثي يحمّل "الهجرة الدولية" المسؤولية
وفيما حملت وزارة داخلية الحوثيين "منظمة الهجرة الدولية والأمم المتحدة المسؤولية الكاملة عن هذه الحادثة لتقاعسهما عن القيام بدورهما في توفير الملاجئ المخصصة لتجميع وإيواء المهاجرين غير الشرعيين، وترحيلهم إلى بلدانهم وفق القوانين الدولية"، دانت المنظمة الدولية للهجرة الحادثة، متحدثة عن "الظروف اللاإنسانية داخل مراكز الاعتقال في صنعاء"، وقالت إنه "على مدى سنوات دافعت المنظمة بقوة وعلناً ضد استخدام مراكز احتجاز المهاجرين في اليمن، وتواصل دعوتها إلى إطلاق جميع المهاجرين، لا سيما المحتجزين في ظروف غير إنسانية".
منظمة العفو الدولية هي الأخرى شددت على ضرورة إجراء تحقيق مستقل في ملابسات الحريق المدمر، وأكدت أن الحادثة تؤكد "الحاجة الملحة لأن يحيل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الوضع في اليمن إلى المحكمة الجنائية الدولية".
إلا أن الحوثيين أكدوا فعلاً لسفراء الدول التي فقدت رعايا في الحريق، أنهم شرعوا في تحقيق مستقل للكشف عن تفاصيل الحادثة ومحاسبة المتسببين، وفق ما أعلنت وسائل إعلام تابعة للميليشيات.