على خلفية الحريق الذي اندلع في أحد مراكز الاحتجاز في العاصمة اليمنية صنعاء، وأودى بحياة مهاجرين أفارقة محتجزين، كشفت منظمة مواطنة لحقوق الإنسان أن حراس السجن الذي احترق فيه المهاجرون في صنعاء تسببوا في الحادثة بعد أن ألقوا قنابل من نافذة السجن.
ونقل بيان للمنظمة عن شهود كانوا في الاحتجاز، أن رجال الحوثيين أغلقوا باب السجن وبدأوا في إطلاق المقذوفات التي لم يتمكن الشهود من التعرف على نوعها، من خلال النوافذ إلى داخل السجن، وتسببت المقذوفات في نشوب حريق انتشر بسرعة وأودى بحياة العشرات.
وحول دوافع ذلك قال البيان، إن "مسلحي الميليشيات حاولوا يوم الأحد 7 مارس (آذار) 2021 نحو الساعة 1:00 ظهراً إنهاء إضراب المهاجرين عن الطعام بالقوة، وتسبب ذلك في نشوب قتال بالأيدي بين بعض المهاجرين والمسلحين"، ما أفضى إلى أعمال شغب احتجاجية داخل المعتقل.
ونقلت المنظمة عن الشهود أن ميليشيات الحوثيين "بدأت بعد فترة وجيزة في إطلاق الرصاص في الهواء، حتى جاءت قوات إضافية" تمثلت في فرقة مكافحة الشغب ليبدأوا في "إلقاء مقذوفات ينبعث منها الدخان من النوافذ العلوية للجناح، لتدوي أصوات انفجارات ودخان كثيف".
ولم تفلح محاولات المحتجزين في الهرب لأن "أبواب العنبر كانت مقفلة وكانوا مكتظين بالداخل".
ماذا يقول الحوثيون؟
إلا أن الحوثيين ألقوا باللائمة على منظمة الهجرة الدولية والأمم المتحدة، لـ"تقاعسها عن القيام بدورها في توفير الملاجئ المخصصة لتجميع وإيواء المهاجرين غير الشرعيين، وترحيلهم إلى بلدانهم وفق القوانين الدولية".
وأضاف البيان الذي نشرته وزارة الداخلية التابعة للجماعة في صنعاء، أن "عدم استجابة المنظمة لمطالبنا شكل عبئاً على وزارة الداخلية"، التي اضطرت لتوفير مركز إيواء مؤقت غير مهيأ.
ضرورة تقديم العلاج بشكل عاجل
ودعت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة الحوثيين إلى السماح بالوصول "العاجل" لتقديم العلاج لمهاجرين أصيبوا في حريق نشب في مركز احتجاز.
ويقيم في مركز الاحتجاز 900 شخص معظمهم من أثيوبيا، ومن غير المعلوم حتى الآن عدد ضحايا حادث الأحد، لكن المنظمة تحدثت عن وفاة ثمانية على الأقل من بين 350 مهاجراً كانوا يتواجدون في العنبر حيث اندلع الحريق، فيما تلقى 170 شخصاً العلاج ولم يعرف مصير الباقين.
وقالت منظمة الهجرة في بيان مساء الثلاثاء، إنها تدعو "إلى إتاحة الوصول العاجل لتقديم المساعدات الإنسانية للمهاجرين المصابين"، مضيفة "نحن نواجه تحديات في الوصول إلى الجرحى بسبب التواجد الأمني المكثف في المستشفيات".
وتابعت "كما يجب منح العاملين في المجال الإنساني والصحي إمكانية الوصول لدعم المصابين من الحريق وغيرهم ممن يتلقّون رعاية صحية على المدى الطويل من المنظمة الدولية للهجرة وشركائها".
شجار لإنهاء الإضراب
وعلى خلفية ذلك، تظاهر عشرات اللاجئين الأفارقة لليوم الثاني على التوالي أمام مكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بصنعاء تنديداً بالحادثة.
وبحسب المصادر، فإن مكان التظاهر طوق بالكامل من قبل الميليشيات ومنعت وسائل الإعلام من تصوير التظاهرة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وردد المتظاهرون الأفارقة في تظاهرة، الثلاثاء، بحسب فيديوهات بثتها شبكة "بي بي سي عربي" شعارات تندد بالحادثة وتطالب بكشف ملابسات الجريمة.
وقال جمدا سوتي، رئيس شبكة "مستقبل أورميا" للأخبار، في حديث تلفزيوني للشبكة البريطانية، إن السلطات التي تحكم صنعاء "ساوموا المهاجرين على الانضمام للمسلحين الحوثيين كي يقاتلوا القوات اليمنية، أو يودعوا في السجون"، مؤكداً امتلاكه أدلة على ذلك.
وحول تفاصيل الحادثة يقول "على إثر هذه المساومة دخل السجناء في إضراب عن الطعام رفضاً واحتجاجاً على هذه المعاملة، ليدخل بعدها الحراس لهؤلاء السجناء ويطلبوا منهم أن ينهوا إضرابهم عن الطعام، فقاموا بركلهم وضربهم بالعصي".
وأشار إلى أن السجناء "اتحدوا فيما بينهم وقاموا بإخراج الحراس إلى خارج المبنى لتُستدعى قوات أخرى قامت هذه القوات بإطلاق قنبلة حارقة عليهم تسببت في حريق أودى بحياة 350 شخصاً من المهاجرين الأفارقة في الحال".
لا يوجد ناجون معروفون
ونقلت صحيفة "أديس ستاندرد" في أديس بابا، عن منظم الجالية الإثيوبية المهاجرة في اليمن، قوله إنه "لا يوجد ناجون معروفون بين أكثر من 350 مهاجراً إثيوبياً معظمهم كانوا داخل مركز الاحتجاز الذي احترق".
ويرفض الحوثيون الإدلاء بأي معلومات وسط تكتم شديد وحراسة أمنية مشددة على مكان الحادثة، بعد أنباء عن ازدياد أعداد الضحايا.
وأضاف البيان الإثيوبي نقلاً عن أحد الناجين "الذين تم احتجازهم في المنشأة أن جماعة الحوثي، إضافة إلى احتجاز المهاجرين في ظروف مروعة، كانت تبتزهم أيضاً وتطالب برسوم مقابل إطلاق سراحهم"، وأن هذه الممارسة تتزايد منذ أوائل فبراير (شباط) 2021، بحسب البيان.
وأضاف "دفع بعضهم أموالاً وأُطلق سراحهم بالفعل، لكن معظمنا لم يكن لديه أي أموال لدفعها، ليمكث 15 شهراً في مركز الاحتجاز هذا حتى اندلاع الحريق".
تحقيق دولي
واتهم وزير الإعلام اليمني معمر الأرياني ميليشيات الحوثي بتجنيد الأفارقة المهاجرين في أعمال قتالية.
واعتبر تجنيد الحوثيين اللاجئين الأفارقة والمهاجرين واستغلالهم في أعمال قتالية تستهدف أمن واستقرار اليمن ودول الجوار، يمثل جريمة حرب وجرائم مرتكبة ضد الإنسانية ومخالفة صريحة للقوانين والأعراف الدولية.
وأدان ما وصفه بـ"الجريمة المروعة" التي حصلت في صنعاء، مؤكداً أن الضحايا "دُفنوا في إحدى المقابر المستحدثة بشكل جماعي، في ظل تكتم حوثي ومحاولات للتغطية على الجريمة"، مطالباً بتحقيق دولي شفاف ومستقل لكشف تفاصيل الحادثة.
ولم يعلق الحوثيون على تلك التقارير، وسعت "اندبندنت عربية" للحصول على تعليق من الحوثيين لكن لم يصلها أي رد بشأن ما جرى خلال المظاهرة.