فرّت أعداد كبيرة من سكان رانغون، الثلاثاء، 16 مارس (آذار)، من أحد أحياء عاصمة البلاد الاقتصادية التي شهدت أعمال عنف ومواجهات في الأيام الأخيرة، في حين تستعد عائلات متظاهرين مؤيدين للديمقراطية لدفن موتاها بعد "حمام دم" تسببت به قوات الأمن.
ووسط حملات القمع العنيفة في البلاد، حذّرت الأمم المتحدة من أن مئات الأشخاص مفقودون في ميانمار منذ الانقلاب، داعيةً الجيش إلى "الكف عن قتل المتظاهرين واعتقالهم".
أكثر من 180 قتيلاً
وقتل أكثر من 180 مدنياً منذ انقلاب الأول من فبراير (شباط)، الذي أطاح أونغ سان سو تشي بحسب لجنة مساعدة السجناء السياسيين، وارتفعت الحصيلة بشكل كبير في الأيام الثلاثة الأخيرة، إذ تبدو المجموعة العسكرية عازمة أكثر من أي وقت مضى على قمع المحتجين، متجاهلة الإدانات الدولية الكثيرة. وأمام هذا القمع، قرر مقيمون في رانغون مغادرة هذه المدينة.
وفي إحدى ضواحي رانغون الصناعية (هلينغ ثاريار)، التي تضم عمالاً فقراء يعملون في مصانع النسيج، قرر كثيرون مغادرة الحي على عجل صباح الثلاثاء.
الأحكام العرفية
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفرضت الأحكام العرفية، الأحد، في هذه الضاحية بعد إضرام النار في مصانع صينية عدة، وانتشرت القوى الأمنية بأعداد كبيرة وفتحت النار وقتلت عشرات المتظاهرين.
ويواجه كل شخص يُلقى القبض عليه في الحي وفي خمس مناطق أخرى في رانغون فُرضت فيها الأحكام العرفية، خطر الإحالة إلى محكمة عسكرية مع الحكم عليهم بالسجن ثلاث سنوات مع أعمال شاقة كحد أدني.
وقتل ما لا يقل عن 20 محتجاً، الاثنين، على ما ذكرت لجنة مساعدة السجناء السياسيين. وكان الأحد، اليوم الذي شهد أكبر عدد من الضحايا مع مقتل 74 مدنياً، بينما أعلنت المجموعة الانقلابية سقوط شرطي.
وأوضحت اللجنة أن "كثيرين من المراهقين قتلوا، في وقت استخدام الرصاص الحقيقي يزداد كثيراً حتى خلال الليل".
وتنظم جنازات متظاهرين عدة، اليوم، في ميانمار، لا سيما في رانغون.
وتجمعت مجموعات صغيرة متفرقة اليوم في المدينة، لكن العدد كان قليلاً خوفاً من التدابير الانتقامية.
وقطعت المجموعة العسكرية منذ الأحد، الإنترنت النقال ما صعّب عمليات التنسيق بين المحتجين، وكانت هذه الخدمة لا تزال مقطوعة حتى ظهر الثلاثاء بالتوقيت المحلي.
"حمام دم"
وندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بلسان الناطق باسمه ستيفان دوجاريك بـ"حمام دم" في ميانمار، داعياً الأسرة الدولية "لا سيما الأطراف الإقليمية إلى رص الصفوف تضامناً مع الشعب وتطلعاته الديمقراطية".
كما دعت واشنطن إلى توحيد الصفوف "لمواجهة الانقلاب وتصاعد العنف".
مئات المفقودين
وحذّرت متحدثة باسم المفوضية العليا لحقوق الإنسان، رافينا شمدساني، الثلاثاء، من أن مئات الأشخاص مفقودون في ميانمار منذ الانقلاب. وقالت، "ما زال مئات الأشخاص المسجونون بصورة غير مشروعة مفقودين من دون أن تعترف السلطات العسكرية بذلك، وهو ما يوازي عمليات اختفاء قسري".
وأضافت، "تأكيد المعلومات يزداد صعوبةً خصوصاً مع فرض الأحكام العرفية في عدد من أحياء رانغون وماندالاي وضواحيها لأن الدولة قطعت الاتصالات في بعض الأحياء التي قُتل فيها أشخاص أو غادروها".
للكف عن قتل المحتجين واعتقالهم
وتابعت شمدساني خلال مؤتمر صحافي عُقد في الأمم المتحدة في جنيف، "تمكّنا من تأكيد مقتل ما لا يقل عن 149 شخصاً منذ الأول من فبراير"، مع مقتل 11 شخصاً الاثنين و39 الأحد و18 السبت.
وارتفعت الحصيلة بشكل كبير في الأيام الثلاثة الماضية. وقالت المتحدثة، "إننا قلقون جداً من استمرار تصاعد القمع وندعو الجيش مرةً أخرى إلى الكف عن قتل المتظاهرين واعتقالهم". وأوضحت أن "خمسة أشخاص على الأقل توفوا خلال اعتقالهم في الأسابيع الماضية، وظهرت على جثتي ضحيتين على الأقل علامات تدلّ على تعرّضهما لتعذيب شديد".
وتستمرّ حملة الاعتقالات في كافة أنحاء البلاد، مع توقيف أكثر من 2084 شخصاً "بصورة تعسفية" وفقاً للمفوضية العليا. واعتقل 37 صحافياً على الأقل، بينهم 19 ما زالوا موقوفين تعسفياً بحسب المصدر نفسه.
"قلق كبير"
وبعد أعمال العنف، الأحد، التي هوجم خلالها 30 مصنعاً صينياً، بحسب وسائل الإعلام الرسمية، أعربت بكين عن "قلق كبير" على سلامة مواطنيها في البلاد، وطلب الناطق باسم وزارة الخارجية من السلطات اتخاذ التدابير "لتجنب عدم تجدد أحداث كهذه".
وتعزز الشعور المناهض للصين في الأسابيع الأخيرة في ميانمار، حيث يعتبر البعض أن موقفها حيال العسكريين ليس حازماً بشكل كافٍ.