في بريطانيا، يعاني بعض الناس الذين كانوا يحصون الأيام قبل الحصول على جرعتهم الأولى من لقاح مضاد لـ"كوفيد- 19" شكوكاً مفاجئة بشأنه، من بينهم زوجتي راشيل المقرر حصولها على الجرعة اليوم.
لا شك في أن تعليق طرح لقاح "أكسفورد/ أسترازينيكا" في بلدان كثيرة في القارة الأوروبية، بسبب تقارير عن اضطرابات تتعلق بتجلط الدم، أضعف ثقة الرأي العام.
إذ يشكل لقاح "أكسفورد/ أسترازينيكا" النوع الأكثر استخداماً في هذه البلاد، مع إعطاء 17 مليون جرعة إلى الناس حتى الآن، والعدد إلى ازدياد.
وفي صورة أساسية، إن ذلك اللقاح المستخدم في هذه البلاد ضروري وغيره، لأسباب كثيرة تشمل إنقاذ أرواح الأفراد من وباء "كوفيد"، وحماية مجموع السكان، وإنهاء الإغلاق الوطني، والمساعدة في إحياء اقتصادنا، وفتح السفر الدولي.
في المقابل، رفع قرار ألمانيا "الفائق الحذر تماماً" بعد توصية من سلطتها القيمة على التلقيح، أي "معهد بول إلريتش"، معدلات القلق في شكل مفهوم. وكذلك ذكر [الرئيس الفرنسي] إيمانويل ماكرون أيضاً إن فرنسا ستوقف إعطاء جرعات لقاح "أسترازينيكا"، مُدرِجاً ذلك في "باب الوقاية".
في وقت تنتشر أكاذيب خبيثة على وسائل التواصل الاجتماعي حول السلامة الإجمالية للقاحات، وقد بدأ كثير من تلك الإشاعات، وفق اعتقادي، كحملة تضليل، يأتي ردّ الفعل هذا من قبل حكومة أوروبية رئيسة كي تكون آخر ما يحتاج إليه العالم.
إذا عانى فرد خلال الساعات أو الأيام التالية للتلقيح من حالة بدنية سلبية، من الطبيعي بما يكفي التساؤل إذا كان اللقاح السبب في ذلك. لكن حين يجري تلقيح أعداد كبيرة من الناس خلال فترة قصيرة من الزمن، يكون محتماً ظهور "ردود فعل" عشوائية وغير متوقعة.
في أساس حالة الذعر، هنالك تقارير عن إصابة 40 شخصاً بتخثّرات (تجلطات دموية) بعد أخذ لقاح "أكسفورد / أسترازينيكا". والواقع أن هذه الحقيقة تبدو مزعجة كثيراً في حد ذاتها.
من غير المرجح كثيراً على المستوى العلمي، أن الأمرين مترابطان. والواقع أننا في بريطانيا التي يبلغ عدد سكانها 65 مليون شخص، نتوقع أن نشهد عدداً من التجلطات الدموية كل يوم، في أناس لم يعانوها أبداً من قبل. ويُعرَف هذا بـ"مقدار الخلفية"، وهو بوجه عام سيؤثر في شكل غير متناسب في الجيل الأكبر سناً.
ومن المنطقي أن تحدث بعض تلك الحالات عشوائياً بين المرضى الذين صُودِف أنهم تلقوا اللقاح للتو، أثناء حملة التلقيح الشامل التي يتلقى خلالها ملايين من الأكبر سناً جرعتهم الأولى كل أسبوع. ولا يعني ذلك أن هذين الأمرين مرتبطان.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولا يوجد سبب، أو ربما على الإطلاق، للربط بين الأمرين. إن لقاح "أسترازينيكا" خلطة بسيطة جداً. لا يوجد شيء في تركيبته الإكلينيكية من المحتمل أن يكون مرتبطًا بمسائل تجلط الدم. ومن عجيب المفارقات أن أحد أعراض عدوى فيروس "كوفيد" يتمثّل في تجلّطات الدم، لذلك فمن المرجح أن يكون المرء أكثر عُرضة إلى خطر الإصابة بتجلطات الدم من خلال عدم الخضوع إلى التلقيح.
ويمكن الزعم أن البلدان التي تسحب اللقاح تعرّض مواطنيها إلى خطر، ويحتمل أن تعرض العالم بالكامل إلى خطر في وقت نكافح "كوفيد".
ولا شك في أن هذه ليست المرة الأولى التي تبدي فيها ألمانيا تحفّظا على "لقاح أكسفورد"، وتصر على أنه لم يوفر القدر الكافي من الحماية للبالغين ممن تفوق أعمارهم 65 سنة، على الرغم من الأدلة التي تشير إلى العكس. وفي الشهر الماضي، رفضت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الحصول على الجرعة معلّلة ذلك بقولها "أنا في الـ66 من العمر ولا أنتمي إلى المجموعة الموصى بها بالحصول على لقاح أسترازينيكا".
ومن المفترض أن تتماشى السياسة الرسمية للاتحاد الأوروبي مع نصيحة "منظمة الصحة العالمية"، ويعني ذلك عدم وجود سبب يمنع إعطاء هذا اللقاح لأي فئة عمرية في أي دولة.
لقد أثبت لقاح "أكسفورد/ أسترازينيكا" أنه يخفف [من الوصول إلى مرحلة] المرض الشديد، ويخفض أيضاً نقل فيروس كوفيد-19. ويتميّز بإنه أرخص لقاح يمكن تصنيعه وتوزيعه، لأنه لا يحتاج إلى تخزين في درجات برودة منخفضة للغاية على غرار الحالة مع لقاح "فايزر / بيونتيك". وبالتالي، يعني ذلك أنه الحل الأفضل إلى حد كبير في البلدان النامية، حيث سيتعين على عديد من الناس أن يخضعوا إلى التلقيح.
في بريطانيا، وعلى الرغم من النجاح الشديد الذي حققته عملية طرح اللقاح والإغلاق الصارم، لا زلنا نرى نحو خمسة آلاف حالة جديدة من "كوفيد" يومياً. وإذا كانت لدى أي من القراء شكوك في الحكمة من الحصول على لقاح "أكسفورد/ أسترازينيكا"، سأقول لكم بالضبط ما قلته لزوجتي- خذوه.
وإذا رفضتم، فإنكم لا تخاطرون بتقييد حريتكم الشخصية في الاختلاط الاجتماعي والسفر فحسب، بل تلعبون "الروليت الروسية" مع فيروس قاتل.
برندان رين هو أستاذ علم اللقاحات في مدرسة لندن للصحة والطب الاستوائي
© The Independent