توقع بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) قفزة في الإنفاق الاستهلاكي أكبر مما قدر البنك سابقاً في فبراير (شباط) الماضي، وذلك مع رفع قيود الإغلاق للحد من انتشار وباء كورونا. وحسب تفاصيل اجتماع لجنة السياسة النقدية في البنك، أمس الخميس، يظهر أن توقعات البنك للارتفاع القصير الأمد في معدل البطالة في بريطانيا سيكون "أكثر اعتدالاً" من تقديراته في فبراير الماضي.
وكان البنك قد توقع الشهر الماضي أن يصل معدل البطالة إلى قمته عند 7.75 في المئة، لكن ذلك كان قبل إعلان وزير الخزانة ريشي سوناك بيان الميزانية مطلع هذا الشهر، الذي تضمن تمديد برنامج حماية الوظائف وغيره من برامج الدعم الحكومي للاقتصاد لمواجهة أعباء أزمة وباء كورونا.
وعلى الرغم من أن واضعي السياسة النقدية البريطانيين لم يشيروا في اجتماعهم إلى نسبة جديدة، فإن محافظ بنك أندرو بيلي سبق وأشار الأسبوع الماضي إلى أن معدل البطالة "قد يصل إلى قمته عند 6.5 في المئة تقريباً". ومعدل البطالة الآن، حسب آخر الإحصاءات الرسمية، عند 5.1 في المئة.
وقررت لجنة السياسات النقدية في بنك إنجلترا الإبقاء على سعر الفائدة كما هو 0.1 في المئة، وكذلك الإبقاء على برنامج "التيسير الكمي" للبنك، أي ضخ النقد في الاقتصاد عبر شراء السندات، كما هو عند أكثر من 1.2 تريليون دولار (895 مليار جنيه إسترليني).
وتوقع البنك المركزي البريطاني أن يكون معدل نمو الاقتصاد هذا العام أعلى من تقديراته السابقة، ويتوقع أن يصل نمو الناتج المحلي الإجمالي البريطاني هذا العام إلى خمسة في المئة، بدلاً من تقدير أن ينمو بنحو أربعة في المئة سابقاً. وقدر أعضاء لجنة السياسات النقدية أن الاقتصاد العالمي سينمو بشكل أفضل مما كان مقدراً سابقاً، وأن حزمة التحفيز الاقتصادي لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بقيمة 1.9 تريليون دولار ستزيد من قوة النمو العالمي.
تحذيرات ومخاوف
وتوقع بنك إنجلترا أن يصل معدل التضخم إلى النسبة المستهدفة من قبله، أي اثنين في المئة، من المعدل الذي بدأ به هذا العام عند 0.7 في المئة. وأرجع ذلك إلى قوة الإنفاق الاستهلاكي والنشاط الاقتصادي عموماً مع فتح الاقتصاد وإزالة كل القيود بحلول نهاية يونيو (حزيران) المقبل حسب خطة الطريق لحكومة رئيس الوزراء بوريس جونسون.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مع ذلك بدت المخاوف واضحة من محضر اجتماع اللجنة، مع الإشارة إلى أن الوضع "يظل غير مؤكد بشكل غير عادي". وجاء في البيان، "يستمر الوضع معتمداً على تطور الوباء والإجراءات التي تتخذ لحماية الصحة العامة، وكيف ستكون استجابة الأسر والشركات والأعمال وأسواق المال لهذه التطورات".
وبعد يوم من اجتماع لجنة السياسات النقدية في بنك إنجلترا، صدرت أرقام جديدة الجمعة تشير إلى تحسن كبير في ثقة المستهلكين في بريطانيا. فقد أعلنت شركة "جي أف كي" لأبحاث السوق أن مؤشرها الشهري لثقة المستهلكين ارتفع هذا الشهر إلى 16 نقطة، مقابل 13 نقطة في فبراير.
وعلى الرغم من أن معدل المؤشر يظل أقل قليلاً من العادي، فإنه وصل إلى أعلى معدل له منذ مارس العام الماضي 2020. ويعكس ذلك زيادة ثقة الأسر البريطانية في تحسن وضعها المالي في المستقبل.
وتتسق قراءة مؤشر "جي أف كي" مع توقعات لجنة السياسات النقدية بارتفاع الإنفاق الاستهلاكي في الأشهر المقبلة، وتحذيرها من إمكانية تعديل توقعاتها في الربع الثاني (الفترة من أبريل ـ نيسان إلى يونيو ـ حزيران). وأشار بنك إنجلترا إلى أن الأسر البريطانية ادخرت ما يصل إلى 174 مليار دولار (125 مليار جنيه إسترليني) في الفترة من مارس (آذار) إلى نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي.
لا تغيير في السياسة
وخلاصة محضر اجتماع اللجنة المسؤولة عن وضع السياسة النقدية لبريطانيا هي أن البنك المركزي "لن يغير" سياسته النقدية، بالنسبة إلى سعر الفائدة والتحفيز النقدي، حتى في حال ارتفاع معدلات التضخم عن المستهدف نتيجة زيادة الإنفاق الاستهلاكي.
وفي ذلك تأكيد على ما أعلن سابقاً، وما تؤكده البنوك المركزية الأخرى في الاقتصادات الرئيسة، من أن السياسة النقدية "لن تتغير" حتى يصبح التعافي الاقتصادي من أزمة وباء كورونا بالقوة والاستدامة الكافية. وهذا ما خلص إليه اجتماع لجنة السياسة النقدية في الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي قبل يومين أيضاً.
وفي مقابلة مع "سكاي نيوز"، قال ليث خلف، المحلل المالي في شركة "إي جي بل"، "الرسالة من بنك إنجلترا هي أن سعر الفائدة سيظل في أدنى معدل له على مدى المستقبل المنظور، على الرغم من تحسن الصورة العامة للاقتصاد. والأمر الوحيد الذي قد يدفع باتجاه رفع سعر الفائدة هو موجة من ارتفاع معدل التضخم على أن تكون مستدامة وبنيوية بالشكل الذي يجبر البنك المركزي على تشديد السياسة النقدية".
وعلى الرغم من عدم اليقين، يبدو أن البنك حتى الآن يرى أن التأثير السلبي لأزمة كورونا، وإن كان أقل من المتوقع سابقاً يظل معادلاً إن لم يكن أكبر من موجات التضخم القصيرة الأمد وارتفاع الإنفاق الاستهلاكي بعد رفع قيود الإغلاق.