قبل شهرين من موعد إجراء الانتخابات التشريعية، أبلغت إسرائيل السلطة الفلسطينية رفضها تنظيمها بسبب مشاركة حركة "حماس" فيها، وذلك في ظل "تمزق حركة فتح"، وصعوبة تشكيل قائمة موحدة بين الحركتين، ما يتيح للرئيس الفلسطيني محمود عباس "تراجعاً مشرّفاً عن إجرائها".
رسالة تحذيرية
وقبل أسبوعين، نقل رئيس جهاز الشاباك الإسرائيلي نداف أرغمان "رسالة تحذيرية" من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى عباس خلال لقائهما في مقر الرئاسة برام الله، أشار فيها إلى أن "إسرائيل لن تسمح بإجراء تلك الانتخابات بسبب مشاركة حماس فيها، وإمكانية خوض الحركتين الانتخابات في قائمة واحدة، أو تشكيلهما حكومة وحدة وطنية بعدها".
وكشف ثلاثة مسؤولين فلسطينيين لـ"اندبندنت عربية" عن تلك الرسالة، مشيرين إلى أن عباس رفض الطلب الإسرائيلي، وأبلغ أرغمان "إصراره على إجراء الانتخابات".
وقال عضو اللجنة التنفيذية أحمد مجدلاني إن "نتنياهو يضغط بشدة على عباس في محاولة لإلغاء الانتخابات"، مضيفاً أن "تل أبيب تمارس الابتزاز السياسي عبر عرضها تسهيل إجراء الانتخابات مقابل تراجع القيادة الفلسطينية عن تفعيل دورها في تحقيق المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب إسرائيل جرائم حرب".
وشدد مجدلاني على أنه "لا يمكن للفلسطينيين التراجع عن إجراء الانتخابات"، مضيفاً أنها ستنظم في الضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة.
انتخابات القدس
وحول احتمال رفض إسرائيل السماح بإجرائها في القدس المحتلة، أشار مجدلاني إلى أن الانتخابات تعتبر "أحد أشكال الاشتباك السياسي مع الإسرائيليين"، قائلاً إن "الفلسطينيين مصرّون على مشاركة أهالي القدس فيها ترشحاً وانتخاباً، وأن تل أبيب والمجتمع الدولي سيتحمّلان مسؤولية إفشالها، إذا منعتها الأولى في القدس".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومع أن السلطة الفلسطينية أرسلت طلباً رسمياً إلى الحكومة الإسرائيلية لإجراء الانتخابات في القدس، إلا أن الأخيرة أبلغت المسؤولين الفلسطينيين أن الرد على ذلك لن يتم قبل إجراء الانتخابات الإسرائيلية الأسبوع الحالي.
ويؤكد عباس بشكل متكرر أنه لا يمكن إجراء الانتخابات من دون مشاركة أهالي القدس، باعتبارها تمسكاً بحق الفلسطينيين بالمدينة كعاصمة لدولتهم.
بدوره، قال أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح" جبريل الرجوب إن إجراء الانتخابات "قرار استراتيجي للفلسطينيين، لا يمكنهم التراجع عنه"، مضيفاً أن "جلسات الحوار الوطني الأخيرة في القاهرة الأسبوع الماضي بشأن الإعداد لها تشكّل ردّاً عملياً على التهديد الإسرائيلي بتعطيلها".
حسابات "حماس" و"فتح"
وقال المتخصص في الشأن الإسرائيلي عادل شديد إن تل أبيب تعتبر مشاركة "حماس" في الانتخابات سواء بخوضها بقائمة مشتركة مع "فتح" أو تشكيل حكومة وحدة وطنية بينهما، "خطاً أحمر لا يمكنها القبول به"، لأن ذلك يعني إعادة بناء الحركة الوطنية الفلسطينية بعد انقسامها منذ نحو 14 عاماً وفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية.
وأضاف أن "حماس" ستشكل حكومة وحدة وطنية مع "فتح" سواء دخلتا الانتخابات بقائمة واحدة أو بقائمتين، مشيراً إلى أن ذلك يعني "دخول حماس إلى النظام السياسي الفلسطيني من دون استجابتها لشروط الرباعية بالاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف".
واعتبر رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل بلال الشوبكي أن الموقف الإسرائيلي يزيد التخوف من تأجيل الانتخابات، مضيفاً أن الرئيس عباس قد يستخدم تلك الضغوط والرفض الإسرائيلي لتنظيمها في القدس (إن حصل) "كمخرج مشرّف للتراجع عن إجرائها".
وقال إن ذلك يأتي بسبب تعاظم حظوظ منافسي "فتح" الرسمية كمحمد دحلان وناصر القدوة، المفصولين من الحركة، ورفض قواعد الحركة خوض الانتخابات بقائمة واحدة مع "حماس".
وأَضاف الشوبكي أن "الحسابات الداخلية للرئيس عباس تشير إلى أن الانتخابات لن تكون في صالح معسكره في ظل قوة خصومه من الناقمين عليه من فتح، وصعوبة تشكيل قائمة واحدة للحركتين". وهذا ما سيؤدي، وفق الشوبكي، إلى عزوف أبناء "فتح" عن التصويت لتلك القائمة بسبب مشاركة "حماس" فيها.
وأوضح أن تراجع عباس عن إجراء الانتخابات "سيتم تصويره على أنه بسبب الحفاظ على القدس باعتبارها عاصمة لدولة فلسطين، وتمسكاً بالثوابت الوطنية وليس رفضاً للعملية الديمقراطية والانتخابات بحد ذاتها".
لكن الشوبكي أشار إلى أن هذا السيناريو يعتبر "تضليلاً، وهو ما يطرح السؤال عن إمكانية ممارسة الحكم وإقامة مؤسسات في ظل الاحتلال الإسرائيلي".