تصدرت السعودية المرتبة الأولى عربياً والـ 21 عالمياً، في التقرير الصادر من شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة، ضمن مؤشرات عام 2020 لتقرير السعادة العالمي.
واعتمد تقرير العام الحالي على قياس تأثير جائحة فيروس كورونا على الدول، إضافة إلى قياس استجابة الدول والمؤسسات الرسمية لتداعياتها وطرق السيطرة عليها، سواء من ناحية الخدمات الصحية أو احتواء الارتدادات الاقتصادية والنفسية، لكون ذلك مؤثراً في مدى رضا الناس وسعادتهم في ظل الظروف التي عصفت بالعالم هذا العام، بسحب المؤسسة الدولية.
السعادة في ظل الجائحة
الجائحة التي كانت مؤشر العام الحالي، تسببت في هذا التقدم بعد أن أكد التقرير أن علاقة الثقة بين مؤسسات الدولة وكيفية مواجهتها للجائحة من جهة، ومدى سعادة المجتمع من جهة أخرى، كان النجاح الرسمي الذي دفع بالدولة الخليجية إلى مقدمة قريناتها في المنطقة.
وقام التقرير بقياس المزاج العام في ظل الأزمة الصحية من جوانب عدة، منها بيئة العمل وطبيعة العلاقات الاجتماعية والصحية والعقلانية للأفراد، وثقة المجتمع بالإجراءات الحكومية، وقابلية الدول لتجاوز تداعيات الجائحة، بوصفها من أبرز المجالات التي تقرأ من خلالها سعادة الشعوب، إضافة إلى قياس نسبة البطالة بعد رفع القيود الصحية، ونسبة المساواة في حزم الدعم وتفشي الوحدة.
وأوضح المدير التنفيذي لقطاع دعم التنفيذ في مركز برنامج جودة الحياة الذي أطلقته الرياض في 2018، للاهتمام بكل ما يعنى برفع جودة الحياة داخل البلاد، خالد البكر، أن تقدم السعودية في التقرير العالمي يأتي نتيجة لسياسات عدة، كان من ضمنها المتخذة في ظل الجائحة، مضيفاً "نجحت السعودية في مؤشرات الناتج المحلي الإجمالي والدعم الاجتماعي ومتوسط العمر الصحي المتوقع والحرية في اتخاذ قرارات الحياة وإضافة لمواجهة الفساد".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف، "لكن الإجراءات التي تمت فترة الجائحة وما تلاها في مرحلة الإغلاق وتبعاته لعبت دوراً مهماً، بخاصة في رحلة توزيع اللقاح"، مؤكداً على أن، "السياسات المتخذة بدأت من رحلة العلاج للمصابين التي تمت بشكل مجاني لجميع المواطنين والمقيمين ثم توفير اللقاحات، إضافة للحد من التداعيات السلبية للجائحة على القطاع الخاص، من خلال خفض وتأجيل بعض الرسوم أو الدعم المباشر أو التحفيز الاقتصادي".
المعركة الاقتصادية عامل رئيس
يلعب العامل الاقتصادي دوراً حيوياً في تحديد جودة الحياة، إذ إنه الشكل الرئيس لتفاعل المجتمع اليومي، لذا ينعكس عليه بشكل سريع، ومع الإجراءات الاحترازية والحجر المنزلي وغيرها من تداعيات الجائحة على الاقتصاد كان من الوارد تأثر مستوى الرضى والسعادة.
وحول هذا يضيف البكر، "سياسات الدعم المباشر للقطاع الخاص، أو دعم وتسهيل التمويل والقروض، أو إلغاء الرسوم وتأجيلها، نجحت في احتواء هذه الأزمة وحافظت على مستوى الرضا العام من الإدارة السياسية"، ليأتي المؤشر دليلاً على مدى نجاح تلك الإجراءات، بحسب المسؤول السعودي.
وشرح المسؤول في المؤسسة المعنية عن جودة الحياة في البلاد انعكاس ذلك قائلاً، "هذه الإجراءات الاقتصادية أسهمت في تعزيز الناتج المحلي بعد إنهاء الإغلاق، واحتوت الارتفاع المتوقع في معدلات البطالة، وأسهمت في معالجات كثير من المشاكلات المتوقعة في المؤشرات الاقتصادية".
وفي السياق ذاته، أوضح الاستشاري ومؤسس برامج الدعم النفسي في بيئة العمل الدكتور سعود العمر، أن مقاييس السعادة ترتكز على أمور عدة، إلا أنها ركزت من خلال التقرير الصادر هذا العام على تداعيات الجائحة وتأثيرها في المجتمع، مشيراً إلى أن "تصدر السعودية المركز الأول عربياً، ارتبط بعوامل عدة أثرت في رضا المجتمع، عن طريق ما له علاقة بعدد الوفيات والإجراءات الاحترازية، وثقة المجتمع في المؤسسات الصحية التي سعت لإثبات كفاءتها في تقديم الخدمة".
السياحة والرياضة والترفيه
وكان برنامج جودة الحياة وضع منذ إطلاقه مؤشرات عدة كمتطلب لتعزيزها حتى تحقق البلاد أهدافها في هذا المجال، كان من ضمنها الدفع بأنشطة الترفيه وتعزيز ممارسة الرياضة والاستثمار في التطوير السياحي، إلا أن كل هذه المحركات وقعت تحت تأثير الجائحة، ويضيف البكر أن البلاد أولت هذا الجانب أهمية بعد رفع القيود مباشرة لاحتواء أي تراجع في جودة الحياة تسببت فيه الأشهر التي سبقتها، إذ "نجح القطاع السياحي على سبيل المثال، من خلال تفعيل خطط واستراتيجيات تكيفت مع الجائحة، مما أدى إلى نقلة نوعية في القطاع المحلي، أسهمت في جذب سياح الداخل للمواقع داخل البلاد، وهذا التكيف الذي ينطبق أيضاً على القطاع الترفيهي الذي استضاف فعاليات عالمية على الرغم من الظروف"، ونجح في إعادة الحياة إلى طبيعتها ولو جزئياً.
تأثير إسهام المرأة
ولفت إلى تأثير إسهام المرأة في قطاعات جودة الحياة، وأثر ذلك في المؤشرات العالمية في تقرير السعادة، مبيناً "شهدت قطاعات جودة الحياة نقلة نوعية وكمية منذ البدء بالإصلاحات الحالية، حيث وجهت للمجتمع ككل بلا استثناء، فيما أسهمت المرأة بصورة رئيسة في العمل بمختلف القطاعات، وأن تكون مستفيدة من نتائج المبادرات، فهي تنظم الفعاليات العالمية باعتبارها جزءاً من فريق العمل في هذه الجهة التنفيذية أو تلك، وفي الوقت نفسه تتمكن من حضورها والاستمتاع بها، بصورة انعكست على مؤشرات جودة الحياة ككل، ولا سيما تقرير السعادة العالمي، والذي يضع المساواة بين الجنسين باعتبارها من مقومات سعادة المجتمعات"، إذ إن حضور شريحة كبيرة من المجتمع كان معطلاً لفترة طويلة في مقدم النشاط العام، أسهم في رفع مستوى الرضا وجودة الحياة لعدد واسع من هذه الشريحة في فترة قصيرة، الأمر الذي انعكس على المؤشرات.
ما هو مؤشر السعادة العالمي؟
تقرير السعادة العالمي هو مقياس ينشر من قبل شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة، كان أول إطلاق له في 2011، عندما أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار يدعو الدول الأعضاء إلى قياس مقدار سعادة شعوبها للمساعدة في توجيه سياستها العامة وتطوير مؤشراتها التنموية.
وفي العام 2012، صدر التقرير الأول كنص أساسي للاجتماع، ولفت انتباهاً دولياً باعتباره أول مسح دولي للسعادة، وحدد التقرير حالة السعادة العالمية، وأسبابه والآثار المترتبة على السياسات التي أظهرها دراسة الحالة.
وفي سبتمبر 2013، قدم تقرير السعادة الثاني أول محددات تفصيلية، وضع في مقدمتها الأمراض العقلية، والفوائد الموضوعية للسعادة، وأهمية الأخلاق في رفعه وخفضه، وغيرها.