فيما استؤنفت حركة الملاحة في قناة السويس بعد تعويم سفينة الشحن العملاقة "إيفر غيفن"، يقول متخصصون إن ازدحام السفن الذي استمر أسبوعاً قد يكون له تداعيات طويلة الأمد.
وكانت "إيفر غيفن" قد جنحت في 23 مارس (آذار) أثناء عبورها القناة، ما أثار قلقاً عالمياً من تأثير الحادث على حركة النقل الملاحي والأسواق العالمية.
وعطلت "إيفر غيفن" بضائع تقدر قيمتها بنحو 9.6 مليار دولار يومياً، بحسب بيانات الشحن. وقوض غلق القناة عمل سلاسل الإمداد العالمية مما هدد بحدوث تأخيرات باهظة التكلفة للشركات التي تعاني أصلاً بسبب قيود كورونا وزادت أسعار الشحن لناقلات المنتجات النفطية إلى مثليه تقريباً بعد جنوح السفينة.
ونقلت شبكة "NBC" الأميركية عن أستاذة السياسات الدولية في جامعة كوين ماري في لندن، لاله خليلي، قولها إنه باستثناء أي ظروف غير متوقعة يمكن إنهاء العمل المتراكم في غضون أسبوع.
وأضافت أنه من المحتمل أن يكون هناك ازدحام في الموانئ الأوروبية حيث تتجه عديد من السفن.
وقال جان هوفمان، وهو متخصص في اللوجيستيات في مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، في مؤتمر صحافي يوم الثلاثاء، إنه على الرغم من أن التكدس في مدخلي القناة وفي مجراها الملاحي يمكن أن ينتهي خلال ما بين أربعة وخمسة أيام فإن إنهاء التكدس في الموانئ يمكن أن يحتاج إلى عدة أشهر.
توقيت سيء
بدوره، علق جون مانجان، أستاذ النقل البحري واللوجيستيات في نيوكاسل بإنجلترا، قائلاً إن الأشهر الأخيرة شهدت ارتفاعاً كبيراً في أسعار الشحن العالمية حيث انتعش الإنتاج والاستهلاك من أدنى مستوياته مع بدء تعافي الاقتصاد العالمي، مؤكداً أن هذا يعني أن أي تأخير سيكون بتكلفة أعلى بكثير.
ويقول تقرير "NBC" إن بعض البضائع على متن السفن المتأخرة يمكن أن تصبح عديمة القيمة، حيث يؤكد مانجان أن "توقيت هذا مروع للغاية... الشيء الوحيد الأسوأ، على ما أعتقد، هو لو حدث ربما في وقت عيد الميلاد".
ومن المرجح أن تستمر مطالبات التأمين من الشركات التي تأخرت سفنها وتعطلت شحناتها لبعض الوقت في المستقبل، وفقاً للمحكم البحري جيفري بلوم، الذي قال "أعتقد أننا لن نرى نهاية هذا لعدة سنوات حتى الآن، لأن تأثير الضربة كبير جداً".
أوروبا وآسيا الأكثر تأثراً
ويرى مايكل رو، الأستاذ الفخري للسياسة البحرية واللوجيستية في جامعة بليموث في إنجلترا، إن أوروبا وآسيا ستتأثران بشكل أكبر بسبب انسداد قناة السويس.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال، إن التأثير على الولايات المتحدة سيكون على الأرجح محدوداً وغير مباشر. ومع ذلك، قالت خليلي، إن بعض البضائع التي تعبر القناة ربما كانت متجهة إلى موانئ في شمال شرقي الولايات المتحدة.
أهمية قناة السويس
يمر نحو 12 في المئة من التجارة العالمية عبر قناة السويس، ما سمح لنحو 19 ألف سفينة العام الماضي بالمرور بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر.
وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إن الحادث لفت انتباه العالم إلى أهمية هذا الممر المائي، وهو ممر حيوي بين أوروبا وآسيا يساعد في تقصير الرحلات وتسريع التجارة.
وأضاف خلال زيارة لمقر هيئة قناة السويس يوم الثلاثاء، "لم نكن نتمنى أن يحصل شيء مماثل.. لكن رب ضارة نافعة. لقد أكد من جديد حقيقة وأهمية" القناة.
وبينما سعى الرئيس المصري لتأكيد أهمية القناة، حاول آخرون اصطياد الفرص، وفقاً لتقرير "NBC".
وكانت وزارة الطاقة الروسية قد قالت يوم الاثنين، إن الحادث سلط الضوء على سلامة طريق بحر الشمال الروسي و"موثوقيته مقارنة مع الطرق البديلة".
وفي حين أن حادث "إيفر غيفن" قد فرض إعادة التفكير في الشحن العالمي، يقول المتخصصون إن اعتماد العالم على القناة من غير المرجح أن يتغير في أي وقت قريب.
وقال المحكم البحري بلوم، "أعتقد أن هذه إشارة مؤقتة مؤسفة يجب تعلم الدروس منها، لكنني لا أعتقد أنها ستغير الطريقة التي يحدث بها الشحن".
ومع ذلك، فإن تداعيات الحادث تستدعي إجراء بعض "الحسابات"، كما قالت خليلي، حيث من المحتمل أن تعيد سلطات الشحن تقييم الطرق التي تمر بها السفن الأكبر عبر القناة.
وقال مانجان، إنه في حين أن الحادث "يحصل مرة واحدة في العمر" وكان من الصعب على أي شخص التنبؤ به، إلا أن العواقب على الشحن لا ينبغي أن تفاجئ العالم، مؤكداً أن قناة السويس "ستكون موجودة لفترة طويلة".