Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حظر الإنترنت يعوق التقدم الرقمي لباكستان

فرضت الحكومة قيوداً عليه من دون أن تأخذ بالاعتبار آثارها الاقتصادية والدبلوماسية

تؤثر القيود في قطاع الخدمات الذي يلعب دوراً مهماً بالاقتصاد المحلي (أ ف ب)

ملخص

شهد القطاع الرقمي نمواً ملحوظاً في باكستان خلال السنوات القليلة الماضية، إلا أن الانقطاعات المتكررة في خدمات الإنترنت والقيود المفروضة على منصات التواصل الاجتماعي تعرض هذا التطور للخطر.

تقف باكستان عند منعطف حرج في رحلتها الرقمية، إذ بات الشركاء العالميون يديرون ظهورهم للخبراء الباكستانيين في مجال تكنولوجيا المعلومات بعدما كانوا محل إعجاب وتقدير على المستوى العالمي بسبب سياسات الحكومة المناهضة للتقدم التقني.

وتضع الحكومات المتتالية أهدافاً طموحاً لتعزيز مكانة الدولة في الاقتصاد الرقمي، إلا أن القرارات الأخيرة، مثل حظر منصة "إكس" والتلاعب بسرعة الإنترنت وإغلاقه بصورة كاملة أحياناً، وحظر الشبكات الخاصة الافتراضية VPN أخيراً، تسبب قلقاً كبيراً لدى المستخدمين وتجعل هدف التقدم الرقمي بعيد المنال. وتأتي هذه الإجراءات بينما باكستان في أمس الحاجة إلى تعزيز الابتكار والتوسع الرقمي لتشكل عائقاً في طريق التحسن.

 

وقد شهد القطاع الرقمي نمواً ملحوظاً في باكستان خلال السنوات القليلة الماضية، وزادت صادراتها من تكنولوجيا المعلومات من مليار دولار عام 2018 إلى 2.6 مليار دولار عام 2023، مما يدل إلى إمكانات القطاع لتعزيز الاقتصاد، إلا أن الانقطاعات المتكررة في خدمات الإنترنت والقيود المفروضة على منصات التواصل الاجتماعي تعرض هذا التطور للخطر.

الآثار الاقتصادية

ووفقاً للمعهد الباكستاني لاقتصادات التنمية فإن انقطاع الإنترنت لمدة 24 ساعة يكلف الاقتصاد المحلي 1.3 مليار روبية (4.7 مليون دولار) يومياً، ووصل إجمالي الخسائر الناجمة عن القيود على الإنترنت إلى 65 مليار روبية (235 مليون دولار) خلال العام الماضي فحسب، مما أثر في الشركات، إضافة إلى العاملين المستقلين وعلاقاتهم مع الشركاء في الخارج.

وبالنسبة لقطاع الخدمات في باكستان، فإن هذه القيود ليست سبباً للقلق فحسب، بل تهدد بقاء القطاع بأكمله، إذ تعد منصات التواصل الاجتماعي، التي تربط الشركات الباكستانية بالأسواق العالمية، ضرورية للتواصل مع العملاء الدوليين وتوليد الإيرادات.

ويبلغ عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في بداية العام الحالي 71.7 مليون مستخدم وفقاً لتقرير البيانات، بينما زاد عدد مستخدمي الإنترنت في باكستان بمقدار 24 مليوناً (27.1 في المئة) خلال العام الماضي، وبلغ معدل انتشار الإنترنت 45.7 في المئة بحسب تحليل شركة "كابيوس".

وبينما يزداد عدد المستخدمين فإن الإجراءات الرجعية مثل القيود المفروضة على منصة "إكس" وتفعيل جدران الحماية الوطنية يمكن أن تعزل باكستان عن العالم وتحرمها من فرص اقتصادية كبيرة.

وحذرت رابطة شركات البرمجيات الباكستانية من أن مثل هذه السياسات يمكن أن تؤدي إلى خسارة أكثر من 300 مليون دولار، مما يزيد من إضعاف إمكانات اقتصادنا الرقمي. وأضافت الرابطة أن الشبكات الافتراضية الخاصة VPN لا تستعمل، فحسب، لفتح المواقع المحجوبة، بل إنها تحمي خصوصية البيانات، وتوفر الوصول إلى الأسواق العالمية أيضاً، لا سيما في وقت زادت فيه أهمية أمن البيانات والشفافية الرقمية، لذا ستتفاقم التحديات في حال حظر هذه الشبكات، مما سيخاطر بدفع باكستان إلى مزيد من التراجع في السباق الرقمي العالمي.

الدبلوماسية الرقمية وازدواجية السياسات

ويمتد أثر القيود على الإنترنت على مجالات أخرى تؤثر بصورة مباشرة على موقف الدولة مثل الدبلوماسية الرقمية.

فبينما تحظر الحكومة منصة "إكس" على المواطنين يستمر أعضاء الحكومة في استخدامها لترحيب القادة الدوليين وتهنئتهم في المناسبات الوطنية.

وأعتقد أن استخدام الحكومة هذه المنصة هو بمثابة اعتراف بأن الدبلوماسية الرقمية حقيقة لا يمكن تجاهلها. فلماذا تحظر الحكومة الأدوات التي تساعد على تعزيز مصالح الدولة؟

وتتمتع باكستان بفرصة نادرة لقيادة تعزيز الابتكار الرقمي والشمول باعتبارها عضواً مؤسساً في منظمة التعاون الرقمي في السعودية التي تهدف إلى تعزيز التعاون عبر الحدود وتسليط الضوء على إمكانات الاقتصاد الرقمي للدول الأعضاء، لكن القيود الرقمية داخل الدولة تتنافى مع أهداف المنظمة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إضافة إلى ذلك، يجب على الحكومة أن تدرك أنها تدفع الدولة إلى الانعزال من خلال خلق بيئة عدم اليقين ليس فقط في داخل المنظمة فحسب، بل أيضاً في النظام الأوسع للدبلوماسية الرقمية.

من جانب آخر أرسلت منظمة العلاقات العامة والفعاليات والتنشيط الرقمي التابعة للقطاع الخاص أخيراً رسالة وقعتها شركات بارزة في مجال الاتصالات وإدارة الأحداث والتنشيط والصناعات الرقمية إلى الحكومة الباكستانية طالبت فيها بأخذ سياسات أكثر تقدمية وشمولية.

وتعمل الشركات الموقعة في القطاعات التي أخذت زمام المبادرة في تشكيل هوية باكستان الحديثة وتعزيز ثقافتها وخلق الفرص الوظيفية لآلاف الشباب المهنيين، ويؤكد صوتهم الجماعي في هذه الرسالة على خطورة القضية واستعداد القطاع الخاص للتعاون مع الحكومة لتأمين مستقبل باكستان الرقمي.

القضايا المثارة

وتتعلق القضايا المثارة في الرسالة بتجارب العاملين في الاقتصاد الباكستاني. وتعكس مشاركة القطاع الخاص في هذه القضايا التزام باكستان الواسع النطاق بالنمو الرقمي إذ إن هذه الصناعات هي التي صمدت في وجه عدم الاستقرار الاقتصادي وأظهرت مرونة في مواجهة التحديات.

وتعد هذه الشركات ضمن القطاعات التي تقود الثورة الرقمية في باكستان وتخلق فرص العمل وتوفر الفرص للجيل القادم. وتشير الرسالة المذكورة إلى أن قرارات الحكومة وسياساتها لا تحدث في الفراغ، بل تؤثر بصورة مباشرة في أشخاص وشركات حقيقيين إضافة إلى سمعة الدولة.

إن اعتراف الحكومة بالتحول الرقمي باعتباره ركيزة أساسية للنمو الاقتصادي يعد خطوة مشجعة، لكن الكلمات يجب أن تقترن بالأفعال. باكستان تحتاج إلى سياسات واضحة ومتسقة وتطلعية تعمل على إيجاد التوازن بين المخاوف الأمنية والحاجة إلى الانفتاح والابتكار.

وسوف تعوق القيود وجدران الحماية والرقابة الدولة في هذا المجال، وقد حان الوقت لتبني السياسات الكفيلة بدفع باكستان إلى الأمام.

نقلاً عن "اندبندنت أوردو"

المزيد من تقارير