حكمت محكمة أميركية الجمعة 26 أبريل (نيسان) الحالي، بسجن الروسية ماريا بوتينا 18 شهراً وترحيلها إلى بلادها بعد انتهاء فترة حبسها، بتهمة العمالة لمصلحة روسيا، والتآمر مع موظف رسمي روسي لاختراق "الاتحاد الوطني للأسلحة" (أقوى المجموعات المدافعة عن حق امتلاك السلاح في أميركا) المقرّب من الحزب الجمهوري والتأثير على ناشطين أميركيين محافظين وجمهوريين، وذلك في إطار تحقيق بدأ منذ ثلاث سنوات في تدخّل موسكو في السياسة الأميركية.
بوتينا تتوسّل المسامحة
وتوسّلت بوتينا القاضية الفيديرالية الأميركية مسامحتها، وعبّرت عن أسفها الشديد "للفضيحة الدولية" التي سبّبتها قضيتها، قائلةً إنّها تشعر "بالخجل والحرج"، وإنها ليست هذا "الشخص الشرير الذي صوّرته وسائل الإعلام"، إلّا أنّ مناشدتها لم تمنع المحكمة من الحكم عليها بالعقوبة الكاملة التي طلبها الادعاء. ويبقى أمام المواطنة الروسية (30 سنة) تسعة أشهر لتمضيها في السجن، بعد مرور نصف مدة العقوبة منذ اعتقالها في يوليو (تموز) الماضي.
وكانت المتهمة أقرّت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بذنبها في التآمر للعب دور عميلة لحكومة أجنبية، من دون أن تسجل اسمها لدى السلطات الأميركية، بعد موافقتها على التعاون مع النيابة العامة في التحقيق.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واعترفت بوتينا أيضاً بالتآمر منذ العام 2015 مع النائب السابق لحاكم المصرف المركزي الروسي، ألكسندر تورشن، ومع مواطنَين أميركيَين، لاختراق "الاتحاد الوطني للأسلحة" المقرّب من الجمهوريين، ومن أجل فتح قنوات اتصال غير شرعية بهدف جعل سياسة واشنطن تجاه موسكو أكثر ودية. وتوثّق صفحات بوتينا على مواقع التواصل الاجتماعي حضورها مؤتمرات عدة لـ "الاتحاد الوطني للأسلحة"، ونشرها صوراً لها مع مسؤولين أميركيين بارزين من بينهم الحاكم السابق لولاية ويسكونسن الجمهوري سكوت ووكر.
"إخفاق بسيط بالتسجيل"
وقال محاموها إن نشاطاتها لا تخالف القانون، موضحين إنها "أخفقت فقط بإبلاغ وزارة العدل بقيامها بنشاطات نيابةً عن روسيا". وأكدت بوتينا بدورها أنها لو كانت تعلم بضرورة التسجيل كـ"عميل أجنبي" "لفعلت ذلك من دون تأخير"، مضيفةً "لم أتسجل فقط لأنني لم أكن أعلم".
في المقابل، قال المدعون إنه على الرغم من عمل المتهمة بشكل علني وعدم ارتباطها بأي وكالة استخبارات روسية، إلا أنّها عملت خلف الكواليس في دوائر سياسية محافظة لإنشاء شبكة صلات وتعزيز العلاقات الأميركية - الروسية.
قضية بوتينا منفصلة عن تحقيق مولر
وتنفصل محاكمة بوتينا عن قضية المحقق الخاص روبرت مولر عن التدخّل الروسي في انتخابات الرئاسة للعام 2016، والتي استغرقت نحو سنتين ونظرت في صحّة وجود تواطؤ بين الحملة الانتخابية للرئيس الأميركي دونالد ترمب وروسيا.
وما زال تقرير مولر الذي أشار إلى عدم وجود تواطؤ بين ترمب وموسكو وعدم وجود دلائل عن عرقلة الرئيس الأميركي للتحقيق، يثير جدلاً في الولايات المتحدة، رغم نشره كاملاً، خصوصاً أنه كشف عن محاولة ترمب طرد مولر، إلا أن الرئيس الأميركي نفى ذلك الجمعة.
ودافع ترمب عن نفسه مغرّداً "أملك صلاحية إنهاء عملية الملاحقة بكاملها لو أردت. كان بإمكاني طرد الجميع، بمن فيهم مولر، لو أردت ذلك، لكني اخترت ألا أفعل".
إلا أن معارضي ترمب في الحزب الديموقراطي يسعون إلى إثبات عمليات عرقلة محتملة من الرئيس بهدف عزله، وطلبوا من مولر الإدلاء بإفادة في مجلس النواب، في موعد أقصاه 23 مايو (أيار) المقبل، الأمر الذي لم يعارضه وزير العدل الأميركي بيل بار.