ألقى رئيس القائمة العربية الموحدة (الحركة الإسلامية)، منصور عباس، مساء الخميس 1 أبريل (نيسان) الحالي، خطاباً للإعلان عن موقف حزبه حيال دعم مرشح معين لرئاسة الحكومة الإسرائيلية المقبلة، من اليمين أو اليسار أو الوسط، مختاراً الساعة الثامنة لإطلالته، مشابهاً في ذلك رئيس الوزراء المنتهية ولايته، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع بيني غانتس، ورئيس حزب "هناك مستقبل" يائير لبيد، وعموم قادة إسرائيل، عندما يلقون خطاباً مهماً، أو يعقدون مؤتمرات صحافية.
وقدم منصور عباس خطاباً ضبابياً افتقد المواقف السياسية المهمة، وامتنع عن كشف هوية عضو الكنيست الذي يعتزم نواب حزبه توصية الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، بتكليفه مهمة تشكيل الحكومة.
لكن حزب "الصهيونية الدينية" برئاسة بتسلئيل سموطريتش، الذي يعارض دعم عباس لحكومة يمينية، سواء من خلال مشاركة فعلية بالائتلاف الحكومي أو الدعم من خارج الحكومة، لم يتأخر كثيراً في التعبير عن غضبه على نتنياهو، وعلى ما سماها "حملة التبييض" التي يقودها لدعم عباس.
وسربت مصادر في حزب "الصهيونية الدينية" اعتقادها أن موقف عباس جاء بتنسيق مع نتنياهو، بل إن سموطريتش، رفض الرد على مكاملة هاتفية لنتنياهو مباشرةً بعد خطاب عباس.
وشددت المصادر ذاتها في حديث مع وسائل إعلام عبرية، على أن خطاب منصور عباس كان وليد محادثات مع حزب الليكود، في محاولة لتقريب اليمين من إمكانية تشكيل حكومة برئاسة نتنياهو ودعم "الحركة الإسلامية" من الخارج.
رفض يميني
وفي حين اعتبر البعض خطاب عباس مغازلةً لنتنياهو والأحزاب الدينية اليهودية، أكدت مصادر حزب سموطريتش، أن "الليكود عمل من خلف الكواليس لدفع منصور عباس وإقناع تحالف الصهيونية الدينية والكاهانية المتمثل بسموطريتش وإيتمار بن غفير، على تقبل هذه الإمكانية".
ونقلت "القناة 12" في التلفزيون الإسرائيلي عن مصادر "الصهيونية الدينية" أن "محاولة شرعنة مؤيدي الإرهاب ومن يرفضون الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية هو ضرر هائل، وأمر لن يغفر له، وتقع المسؤولية الكاملة على نتنياهو". أما بن غفير فقال إن "ائتلافاً حكومياً يعتمد على عباس سيكون نهاية اليمين، وليس لدينا تفويض للقيام بذلك"، داعياً إلى تشكيل حكومة يمينية دون الاعتماد على دعم "الحركة الإسلامية".
وجاء خطاب عباس موجهاً إلى الأحزاب الدينية اليهودية بما وصفه البعض بــ"منتدى حوار الأديان"، حيث جاء خالياً من أي موقف سياسي، سواء بالنسبة إلى القضية الفلسطينية، أو قضايا فلسطينيي 48، التمييز العنصري "قانون القومية"، وغيرها، حتى تلك التي وعده بها نتنياهو، خصوصاً مكافحة الجريمة في الوسط العربي. وأكثر من ذلك اعتبر عباس أن لواقع لا يشمل أي تمييز، خلافاً للواقع الذي يعيشه فلسطينيو 48.
واستهل عباس كلمته بالعبرية قائلاً "أنا منصور عباس، عربي فخور، مواطن دولة إسرائيل الذي يرأس الحركة السياسية الأكبر في المجتمع العربي، أدافع بشجاعة عالية عن السلام والأمن المتبادل، وأمد يدي باسمي وباسم الجمهور العربي الذي اختارنا لخلق فرصة من الحياة المشتركة في الأرض المقدسة والمباركة لأبناء الديانات الثلاث، والشعبين".
وضمن ما جاء في كلمته حول تكليف شخصية لتشكيل الحكومة، قال "لم أشطب أحد. توجهي هو ما هو نعم، وأقل ما هو لا. جئت لأمثل بأمانة جمهوراً كاملاً يبلغ 20 في المئة من الجمهور العربي في الدولة" (علماً بأن أكثرية الجمهور العربي الذي يشكل نسبة 20 في المئة من سكان إسرائيل دعم القائمة المشتركة).
واستغلت شخصيات بارزة في حزب الليكود حديث عباس لتعود إلى دق الإسفين داخل المجتمع العربي في إسرائيل. وفور إنهاء خطاب رئيس الحركة الإسلامية، صرح نائب وزير الصحة، يوآف كيش (الليكود) بأنه "بغض النظر عن السياسة والانتخابات وتشكيل الحكومة، كنت سعيداً لسماع خطاب عباس. لقد قلت مراراً وتكراراً في الكنيست إن القائمة المشتركة لا تمثل مواطني إسرائيل العرب الذين يريدون العيش بسلام في دولة إسرائيل. اليوم رأينا أن هذا الصوت له تمثيل في الكنيست". وقال الزعيم الروحي لـ"الحريديم"، الحاخام حاييم كنيفسكي "من الأفضل لنا تشكيل حكومة مع ممثلين من الجمهور العربي بدلاً من اليسار، فهم يهتمون بطبيعة البلاد ولا يريدون الترويج لبوتقة انصهار تجعل من الجميع علمانيين. كما أنهم أقرب إلينا كثيراً عندما يتعلق الأمر بالتجنيد في الجيش والقيم العائلية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بينت يخلط الأوراق
ولم يطلق أي رئيس حزب في إسرائيل موقفاً، في شأن دعم تكليف شخصية معينة لتشكيل الحكومة، قبل معرفة موقف الحركة الإسلامية، ليخرج موقف من حزب "يمينا"، برئاسة نفتالي بينت، ليؤكد عدم دعمه يائير لبيد من دون الإعلان عن دعم نتنياهو. ونقل عن مصادر من حزب "يمينا"، أنه قد يوصي بزعيمه بينت لتشكيل الحكومة. ومثل هذا الموقف يرفع احتمالات عدم حصول أي طرف على أكثرية تضمن تشكيل الحكومة، بالتالي التوجه إلى انتخابات خامسة. وأعقبت إعلان بينت تصريحات تدعو إلى الاستعداد لمثل هذا الاحتمال، لكن حزب الليكود ما زال يأمل في إقناع بينت. وإلى حين يوم الأربعاء المقبل، الموعد الأخير لتسمية الأحزاب شخصية لتكليفها تشكيل الحكومة، سيسعى نتنياهو، وفق ما نقل عن مصادر من "الليكود"، تقديم "رزمة سخية لبينت" مقابل الحصول على دعمه، مثل توليه مناصب رفيعة في الحكومة، بما في ذلك منصب القائم بأعمال أو نائب رئيس الحكومة، وربما حتى التناوب على رئاسة الوزراء.
أمام الوضعية هذه، يرى البعض ثلاث إمكانات أمامه: الأولى فيها ارتباط حزب بينت بنتنياهو وتشكيل حكومة، ومع هذا لا يصل عدد داعمي نتنياهو إلى 61 نائباً، بالتالي فإما تدعم هذا التحالف الحركة الإسلامية من الخارج، وهو الاحتمال الذي يواجه معارضةً من حزبي سموطرتش وبن غفير، أو أن ينجح نتنياهو في كسب اثنين من نواب حزب جدعون ساعر، وهذا أيضاً احتمال غير مضمون.
الإمكانية الثانية لبينت تكون فقط في حال توليه رئاسة الحكومة بتحالف مع لبيد، ساعر، ليبرمان، غانتس واحزاب اليسار (بلا الأحزاب العربية). في مثل هذه الحالة، يمكن لبينت أن يحصل على منصب رئيس الحكومة الأول بالتناوب مع لبيد.
وسرت معلومات أن لبيد مستعد أن يعطي بينت الصدارة في رئاسة الحكومة بالتناوب بهدف تشكيل حكومة، غير أنه في مثل هذه الحالة ستحصل هذه الحكومة الفترضة على دعم 58 نائباً فقط، ومن أجل الحصول على الأغلبية، سيضطر بينت ولبيد لضم نواب انسحبوا من "الليكود"، أو أحزاب أخرى مثل "الحريديم".
والإمكانية الثالثة، فهي ألا يدعم بينت أحداً من المرشحين، ويقرب بالتالي إسرائيل من انتخابات خامسة.
القائمة المشتركة
أما بالنسبة إلى القائمة المشتركة، التي يشكل دعمها من الخارج أهمية لضمان أكثرية لأي من المرشحين، فعلمت "اندبندنت عربية" من مصادر رسمية في القائمة أنها لن توصي بأي شخصية، إثر خيبة أملها من غانتس، بعدما أوصت به في الانتخابات السابقة، ثم دخل في ائتلاف حكومي مع نتنياهو.
وكان رئيس القائمة المشتركة، أيمن عودة والنائب أحمد الطيبي، التقيا يائير لبيد، الذي طلب التوصية به، لكنهما رفضا التعهد له بذلك. وجاء لقاؤهما بلبيد من دون مشاركة سامي أبو شحادة، رئيس "التجمع الوطني"، المركب الثالث في القائمة المشتركة، ما يعني حسم التجمع بعدم التوصية بأي شخصية، وهو موقف اتخذه الحزب في الانتخابات السابقة، لدى رفضه التوصية بغانتس، ما يعني أنه في حال تراجعت القائمة المشتركة، وقررت أن توصي بلبيد أمام الرئيس الإسرائيلي فسيكون عدد نوابها خمسة، وليس ستة.