تتخذ الشركات الأجنبية الكبيرة في ميانمار قرارات متفرقة منذ انقلاب الأول من فبراير (شباط)، إذ اختار بعضها البقاء على الرغم من احتمال تعليق نشاطاتها، وقررت أخرى قليلة الرحيل بكل بساطة.
ودعت عدة منظمات غير حكومية بعض المجموعات الكبرى إلى مراجعة أنشطتها في ميانمار، حيث يتكثف قمع الجيش للحركة الاحتجاجية وأدى إلى سقوط 543 قتيلاً على الأقل منذ مطلع فبراير، حسب جمعية مساعدة السجناء السياسيين.
وقالت منسقة جمعية "انفو ميانمار" صوفي برونديل لـ"وكالة الصحافة الفرنسية" "نريد أن تكون القرارات المتخذة موجهة ضد المجموعة العسكرية، وأن يكون تأثيرها على السكان في أدنى حد ممكن". وأضافت أن "الرسالة لم تكن يوماً أنه يجب ألا يكون هناك وجود في ميانمار بل يجب قطع العلاقات مع الجيش".
وميانمار غنية بالموارد الطبيعية. ويعمل في قطاع النفط فيها عدد من المجموعات الدولية الكبرى مثل الفرنسية "توتال".
وتؤكد "توتال" الموجودة في البلاد منذ 1992، أن فرعها المحلي "يقوم بأنشطته بطريقة مسؤولة، بما يتماشى مع القوانين وحقوق الإنسان العالمية"، من دون إعادة النظر بوجوده هناك.
ودعت كثير من المنظمات غير الحكومية فرع توتال إلى "التوقف عن تمويل المجموعة العسكرية" بينما دفعت المجموعة حوالى 230 مليون دولار للسلطات في ميانمار في 2019 ثم حوالى 176 مليون دولار في 2020 على شكل ضرائب و"حقوق إنتاج"، حسب وثائق مالية نشرتها المجموعة المتعددة الجنسيات.
فعلياً، يسيطر الجيش على الشركة الوطنية "ميانمار للنفط والغاز" التي أبرمت شراكات مع "توتال" ومنافستها الأميركية "شيفرون" وتتلقى نحو مليار دولار سنوياً من بيع الغاز الطبيعي.
وأكدت "شيفرون" أن ما تسدده إلى شركة النفط يمثل مدفوعات ضريبية وأنها لا تمتلك سوى حصة تشكل أقلية فقط في حقل الغاز البحري العملاق "يادانا" الذي تتستثمره "توتال"، كما أفادت "وكالة الصحافة الفرنسية".
أما مجموعة أكور التي تدير تسعة فنادق في ميانمار ولديها ستة فنادق أخرى يجري بناؤها فلا تنوي مغادرة البلاد أو الانفصال عن شريكها المحلي مجموعة "ماكس ميانمار" التي "لم تفرض عليها أي عقوبات" حتى الآن.
وتعتقد المجموعة الفرنسية أن "السياحة هي الحلقة الأخيرة التي تربط الشعب في ميانمار بالعالم"، على حد قول متحدث باسم "أكور" التي يعمل فيها ألف موظف.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من جهتها، أشارت الشركة اليابانية لصناعة البيرة "كيرين" إلى أنها ستنهي بشكل عاجل علاقاتها التجارية مع الجيش الذي يستثمر معها محلياً مصنعين للجعة، مدينة الأفعال "المخالفة" لمبادئها في مجال حقوق الإنسان.
لكن المجموعة أكدت أنها لا تنوي حالياً الانسحاب بشكل كامل من ميانمار التي تشكل سوقاً تمثل نحو 2 في المئة من إجمالي مبيعاتها.
في القطاع نفسه، أكدت شركة "كارلسبرغ" الدنماركية التي تشغل أقل من 500 موظف، "تقليص طاقاتها" الإنتاجية على خلفية انخفاض الاستهلاك المحلي، من دون التخطيط لأي انسحاب. وأكدت أيضاً أنها لا تجري "أي اتصال" مع السلطات الجديدة.
وذكرت شركة التبغ البريطانية "بات" أن استثماراتها وأنشطتها وشراكاتها تشمل أكثر من مئة ألف وظيفة محلية وأنها تواصل نشاطاتها في البلاد، مؤكدة أن "أولوياتها" هي سلامة موظفيها ورفاهيتهم.
وأعلنت شركة الطاقة الفرنسية العملاقة "أو دي أف" التي تساهم في مشروع سد لتوليد الطاقة الكهرومائية، عن تعليق استثمار بقيمة 1.5 مليار دولار. وهذا المشروع الذي يحمل اسم "شويلي-3" ونفذه كونسورسيوم يضم أيضاً اليابانية ماروبيني و البورمية "أييار هينثار".
وفي رسالة موجهة إلى المنظمة غير الحكومية "العدالة من أجل ميانمار"، أكدت المجموعة الفرنسية أن "احترام حقوق الإنسان الأساسية (...) شرط رئيس لكل مشروع تشارك فيه الشركة".
وبعد الانقلاب، أغلقت المجموعة اليابانية سوزوكي بسرعة مصنعيها المحليين اللذين أنتجا 13300 سيارة في 2019، خصوصاً للسوق المحلية.
لكن المجموعة التي تعمل في ميانمار منذ 1998، أعادت فتح هذين الموقعين بعد أيام قليلة وتخطط لبناء موقع ثالث في البلاد.
في قطاع الملابس في هذا البلد الذي يعد مركزاً كبيراً للتصنيع، قامت المجموعتان الإيطالية "بينيتون" والسويدية "أتش أند أم" بتعليق جميع الطلبات الجديدة من ميانمار. وأوضح الرئيس التنفيذي لـ"بينيتون" ماسيمو رينون أنه أراد بهذه الخطوة "إعطاء إشارة قوية وعملية".
قررت المجموعة الإيطالية "فولتاليا" المنتجة للطاقات المتجددة "وضع حد لأنشطتها" في ميانمار حيث تعمل منذ 2018 وغذت 156 برجاً للاتصالات في المناطق الريفية.
وأشارت مجموعة إلى "الأزمة السياسية والإنسانية" في البلاد حيث توظف 43 شخصاً. وتمثل ميانمار أقل من 1 في المئة من إنتاج "فولتاليا".