"ظل محط أنظار المجتمع، أحياناً بشكل غير مريح لجميع الأطراف المعنية، طيلة سبعة عقود".
لا يعرف كثيرون أنه من بين مجموعة الألقاب والأوسمة والنياشين التي تقلدها الأمير فيليب، لقب مهرج مدى الحياة، الذي منحه إياه نادي فَرايتي (Variety Club) في عام 1949، ربما باعتباره هدية زواج متأخرة، كما للمرء أن يفترض. وقَبِل الأمير اللقب بكل لباقة.
ولا شك أنه كان له من لقبه نصيب، لدرجة أنه بحلول نهاية خدمته الطويلة للأمة، لم يعد سوى خليطاً كاريكاتيرياً من التعليقات شبه (كي نكون لطيفين) العنصرية، والشتائم والقيادة الخطيرة.
رأى كثيرون فيه شخصاً قديماً وغريب الأطوار، ولا شك أن دوره تراجع مع تدهور صحته، بعد تقاعده الذي يمكن اعتباره "متأخراً" عن عمر ناهز الـ96 في عام 2017. ظل محط أنظار المجتمع، أحياناً بشكل غير مريح لجميع الأطراف المعنية، طيلة سبعة عقود.
في كل مرة كان يزيح الستارة عن أي لوحة تذكارية، كان يمزح قائلاً إنه "أكثر الأشخاص خبرة في العالم في إزاحة الستارة عن اللوحات". وهذا صحيح. لم يكن لديه كثير ليفعله عدا ذلك، باعتباره أميراً وزوج الملكة الحاكمة، لم يحظ بأي دور محدد دستورياً، وغالبية الوقت، عندما لم يكن يزيح ستارة مزخرفة، انحصرت وظيفته الرئيسة بالسير وراء زوجته بخطوتين وتأدية مهام تأمين الورثة الأشبه بمهام ذكر النحل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومع أن هذا الأمر ربما عصي على التصديق بالنسبة إلى جيل البريطانيين الأصغر سناً، فقد كان الأمير فيليب يوماً شخصية وسيمة وساحرة ومُلهمة وشغوفة بالحداثة. خلال خمسينيات القرن الماضي، قبل التدهور السياسي والصناعي القاسي في بريطانيا، جرى الحديث بكثافة عن "عصر إليزابيثي جديد"، ذلك العصر من الاكتشافات العلمية ونشر القوة البريطانية من خلال الدور الريادي العالمي في التكنولوجيا والابتكار، المروحية وسيارة (أوستن) ميني وطائرة كونكورد.
عندما بدأ الحلم بالتلاشي، تذمر الأمير فيليب من ذلك علناً وفي حادثة مشهورة، قال لقادة قطاع الصناعة البريطاني (إدارة ونقابات عمالية) "كفوا عن التراخي". اعتبره البعض رجلاً فاعلاً جذاباً، ووطنياً حقيقياً، على الرغم من أصوله اليونانية - الدنماركية، وشخصية متناقضة جداً مع سياسيي العصر الراضين عن أنفسهم والمتقلبين.
لو جرت الأمور كما اشتهى بعض الداعمين للمؤامرات، والرجعيون في المؤسسة السياسية البريطانية خلال فترة الاضطراب في أواخر ستينيات وفي سبعينيات القرن الماضي، لنُصّب الأمير فيليب رئيس وزراء شبه دكتاتوري لحكومة وحدة وطنية. طبعاً، مع الوقت، حصلوا على مارغريت تاتشر بدلاً عنه.
لم ينجح كلياً في محاولاته الأساسية لانتزاع دور لنفسه. ربما أراد أن يتشبه بالأمير ألبرت في العصر الفيكتوري، وهو الرجل الذي قدم لنا المعرض الكبير في العام 1851، وبعض التقاليد المستوحاة من الألمان وشراب الكيرش في عيد الميلاد. لكن فيليب لم يتمكن من ترك البصمة نفسها في البلد. حتى استراتيجيته في تحديث الملكية ودعوة الإعلام لكي يصور وثائقياً "وراء الكواليس"، تحت عنوان العائلة المالكة، وضعت "الشركة" كما سماها، على مسار خطير.
لكن الحكم على فيليب بصفته أي شيء غير تابع لرئيسة الدولة يعمل ببعض الجد هو خطأ. فقد أدرك أن المهمة الوحيدة الموكلة إليه هي، خدمة الملكة بأفضل الطرق الممكنة. وقد أداها كواجب.
وقد وفى بالفعل بالعهد القديم الجاد الذي قطعه على نفسه خلال حفل تنصيب الملكة في عام 1953 "أنا فيليب، سأكون تابعك المخلص في هذه الحياة وعلى هذه الأرض، وسوف أحميك بحياتي من كل المخاطر، والله المستعان".
© The Independent