لا يزال تأجيل زيارة رئيس وزراء فرنسا جان كاستكس، إلى الجزائر، يصنع الحدث. وفي وقت التزمت الجزائر الصمت "تدعي" باريس أنها من "ألغى" الزيارة تحت تبرير جائحة كورونا. غير أن المتفق عليه هو أن العلاقات الجزائرية الفرنسية ليست على ما يرام.
إلى أجل غير مسمى
فقد أعلنت باريس تأجيل زيارة رئيس الوزراء جان كاستيكس إلى الجزائر "إلى أجل غير مسمى"، بعدما كان من المقرر أن تجرى الأحد المقبل. وجاء في بيان لمكتب رئيس الوزراء الفرنسي أن جائحة "كوفيد-19" لا تسمح بأن تكون هذه الوفود في ظروف مرضية، مضيفاً أن "اللجنة الحكومية الفرنسية- الجزائرية، التي كان مفترضاً أن تعقد الاجتماعات الثنائية، أرجئت إلى موعد لاحق يكون فيه السياق الصحي أكثر ملاءمة".
بين "التأجيل" و"الإلغاء" يحضر تأزم الوضع بين البلدين. وفي حين قلصت باريس حجم الوفد إلى أربعة وزراء، واختصرت الزيارة إلى يوم واحد، بسبب كورونا، "انزعجت" الجزائر التي طلبت إلغاء الزيارة. وترى أطراف جزائرية أن تعاطي باريس مع قضية الصحراء الغربية على عكس توجهات الجزائر، هو أهم دافع لإلغاء الزيارة.
وفي خطوة غير مسبوقة، أعلن حزب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، "الجمهورية إلى الأمام"، عن افتتاح فرع له في مدينة "الداخلة" في الصحراء الغربية، في إشارة إلى دعم الحزب الحاكم في فرنسا مغربية الصحراء.
3 فرضيات
يعتبر الدبلوماسي الجزائري محمد خدير أن وراء "ما حدث فرضيتين، أولاهما، أن الجزائر لم يعجبها ما فعله حزب ماكرون، حين أعلن عن فتح فرع له في الصحراء الغربية، وهو التصرف الذي أزعجها كثيراً، والفرضية الثانية، هي أن تقليص الوفد الذي كان يضم رجال أعمال ووزراء أغضب الجزائر".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان مقرراً أن يبحث رئيسا الوزراء، عبد العزيز جراد وجان كاستيكس، العلاقات الثنائية والملفات الاقتصادية والأمنية والثقافية، إضافة إلى التوقيع على اتفاقيات تعاون. علماً أن اللجنة الحكومية رفيعة المستوى التي يترأسها رئيسا الوزراء في البلدين لم تجتمع منذ يناير (كانون الأول) 2017.
وأعلنت السلطات الفرنسية في وقت سابق، عن زيارة رئيس الوزراء إلى الجزائر، الأحد المقبل، لمناسبة انعقاد اللجنة الحكومية المشتركة رفيعة المستوى ومناقشة عدد من الملفات. وقالت إن كاستيكس سيترأس ونظيره الجزائري أعمال اللجنة العليا المشتركة لدراسة جميع جوانب العلاقات الثنائية، وسيوقعان اتفاقيات في بعض مجالات التعاون، مشيرة إلى أن كاستيكس يحرص على أداء هذه الزيارة كدليل على التزام فرنسا ترقية العلاقات الثنائية والقيام ببادرة صداقة تجاه الجزائر.
تأويلات الإعلام الفرنسي
ويتواصل التأويل على مستوى الإعلام، فتحت عنوان "علاقة فرنسا- الجزائر عالقة في مستنقع"، كتبت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، إن تأجيل الزيارة التي كان يفترض أن يقوم بها كاستيكس الأحد إلى الجزائر لمناسبة الدورة الخامسة للجنة الحكومية رفيعة المستوى يشهد على وجود مناخ سلبي، على الرغم من التفاهم بين رئيسي البلدين ماكرون وعبد المجيد تبون، مشيرة إلى أن بيان رئاسة الحكومة الفرنسية أكد أن قرار تأجيل زيارة كاستيكس اتخذ رسمياً "بالاتفاق المتبادل بين السلطات الجزائرية والفرنسية".
وتابعت الصحيفة أن مكتب رئيس الوزراء الفرنسي فوجئ بردود الفعل وإعلانات التأجيل من الجانب الجزائري، ولم ترغب رئاسة الحكومة في الإدلاء بأي تعليقات أخرى، مبرزة أن الأوساط الاقتصادية الفرنسية ترى أن تأجيل زيارة رئيس الوزراء الفرنسي "خيبة أمل جديدة"، خصوصاً أنه منذ عام 2017، لم تتقدم الأمور كثيراً.
وسألت صحيفة "لوبينيون" الفرنسية عن الأسباب الرسمية وغير الرسمية لتأجيل زيارة كاستكس إلى الجزائر، واعتبرت أن البلدين ضيعا مرة أخرى فرصة إحياء العلاقات بينهما، وكشفت نقلاً عن وسيط فرنسي لم تذكر اسمه أن الجزائر هي من اتخذ قرار تأجيل الزيارة بعدما أجرت باريس تعديلات تتعلق بعدد الوزراء المرافقين لرئيس الوزراء.
إزاء ذلك، يرى الإعلامي فاتح بولعشب، المقيم في باريس، أنه وفق ما هو معلن، فإن الجزائر هي من طلب تأجيل الزيارة، لكن وفق ما ذهبت إليه وسائل الإعلام في فرنسا، فقد يكون السبب هو مطالبة الجزائر بتسليم مطلوبَين اثنين يعارضان نظام الحكم انطلاقاً من التراب الفرنسي، وتابع أنه "يبدو لي أن هذا ليس هو السبب الحقيقي"، لافتاً إلى وجود ملفات ساخنة عدة بين الجزائر وباريس منها الوضع في شمال مالي.