دانت محكمة أميركية الثلاثاء، الشرطي السابق ديريك شوفين بقتل المواطن الأميركي الأسود جورج فلويد في قضية هزت الولايات المتحدة على مدار عام وأظهرت الانقسامات العرقية العميقة في المجتمع الأميركي.
واحتاجت هيئة المحلفين المختلطة عرقياً المكونة من سبع نساء وخمسة رجال في مدينة مينيابوليس إلى أقل من يومين بعد انتهاء جلسات المحاكمة التي استمرت ثلاثة أسابيع للتوصل إلى قرار بالإجماع بأن الشرطي الأبيض مذنب بالتهم الثلاث الموجهة إليه.
ويتوقع أن يقضي شوفين البالغ 45 عاماً سنوات طويلة وراء القضبان في قضية مقتل فلويد في 25 مايو (أيار) العام 2020، التي أثارت احتجاجات عنيفة ضد انعدام العدالة العرقي حول العالم واعتبرت بمثابة اختبار تاريخي لمحاسبة الشرطة.
وفتح المدعي العام الأميركي ميريك جارلاند، الأربعاء، تحقيقاً واسع النطاق في ممارسات الشرطة في مدينة منيابوليس.
وقال جارلاند في مؤتمر صحافي إن التحقيق "سيُقَيم إذا ما كانت إدارة شرطة منيابوليس ضالعة في نهج أو أسلوب لاستخدام القوة المفرطة بما في ذلك أثناء الاحتجاجات".
وتمثل إدانة تشوفين علامة فارقة في تاريخ الولايات المتحدة في ما يتعلق بالأعراق واستنكاراً لأسلوب معاملة أجهزة إنفاذ القانون للمواطنين السود.
وكان جارلاند قد أعلن في السابق أنه سيجعل من أولوياته اتخاذ إجراءات صارمة ضد تجاوزات الشرطة.
وسبق لوزارة العدل الأميركية أن أعلنت فتح تحقيق فيما إذا كان ضباط الشرطة المتورطون في موت فلويد قد انتهكوا حقوقه المدنية.
وألغت وزارة العدل، الجمعة، سياسة وضعتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب حدّت من الأدوات التي يمكن للحكومة الاتحادية استخدامها لمراقبة تجاوزات الشرطة والتحقيق فيها.
"خطوة هائلة" في طريق العدالة
وأعرب الرئيس الأميركي جو بايدن لعائلة جورج فلويد في اتصال هاتفي الثلاثاء، عن "ارتياحه" للحكم، قائلاً خلال المكالمة التي تشاركت العائلة في مينيابوليس تسجيلاً لها على وسائل التواصل الاجتماعي أنه "في غاية الأهمية".
وقال بايدن "نحن جميعاً نشعر بالارتياح"، متعهداً بإحضار العائلة على متن الطائرة الرئاسية لزيارة البيت الأبيض. ومن المقرر أن يدلي بايدن بتصريحات رسمية الثلاثاء بشأن الحكم.
وفي تصريحات أذيعت تلفزيونياً، قال بايدن "كان قتلاً في وضح النهار على مرأى ومسمع العالم كله". وأضاف "العنصرية الممنهجة وصمة على جبين بلدنا".
ومضى الرئيس الأميركي قائلاً، إن الاحتجاجات التي شهدتها الولايات المتحدة بعد مقتل فلويد كانت شيئاً لم تشهده البلاد منذ حركة الحقوق المدنية، وإنها وحدت الشعب بمختلف أعراقه.
وعن أسرة فلويد قال "لا يمكن أن يعيد شيء لهم أخاهم وأباهم... لكن هذه يمكن أن تكون خطوة هائلة في مسيرة العدالة في أميركا".
وأدلت أيضاً نائبة الرئيس كاملا هاريس بتصريحات حثت فيها مجلس الشيوخ على إقرار قانون وافق عليه مجلس النواب، يهدف لوقف الممارسات العدوانية التي تستهدف ذوي الأصول الأفريقية والأقليات الأخرى.
وقالت هاريس، وهي أول أميركية من أصل آسيوي، وأول سيدة تشغل منصب نائب الرئيس في الولايات المتحدة، "هذا الحكم يقربنا خطوة" من تحقيق العدالة.
"انتصار تاريخي"
وأشاد محامي عائلة فلويد بن كرامب بالحكم، باعتباره انتصاراً تاريخياً للحقوق المدنية ويمكن أن يكون ركيزة لإصدار تشريعات تتضمن إصلاحات للشرطة بخاصة في تعاملها مع الأقليات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكتب كرامب على "تويتر" "العدالة التي تألمنا لتحقيقها حصلت عليها عائلة فلويد أخيراً. هذا الحكم هو نقطة تحول في التاريخ ويبعث برسالة واضحة حول الحاجة إلى محاسبة مؤسسات إنفاذ القانون".
وأضاف "العدالة للسود في أميركا هي عدالة لجميع الأميركيين".
"لا يمكنني التنفس"
وشوهد شوفين في تسجيل مصور في 25 مايو 2020، وهو جاثم على رقبة فلويد لأكثر من تسع دقائق، بينما استلقى الرجل الأسود البالغ 46 عاماً على بطنه في الشارع وهو يقول "لا يمكنني التنفس".
وأثار التسجيل الذي عرض مراراً أمام هيئة المحلفين خلال محاكمة شوفين المتواصلة منذ ثلاثة أسابيع، احتجاجات حول العالم ضد غياب العدالة العرقية وقسوة الشرطة.
ويواجه شوفين الذي عمل 19 عاماً في شرطة مينيابوليس عقوبة أقصاها قضاء 40 عاماً في السجن في أخطر التهم الثلاث التي أدين بها وهي القتل من الدرجة الثانية.
وتتطلب الإدانة بأي من تهم القتل العمد أو من الدرجة الثانية أو الثالثة إجماع هيئة المحلفين على القرار.
ويواجه ثلاثة ضباط شرطة سابقين آخرين كانوا برفقة شوفين تهماً تتعلق بمقتل فلويد، وستجري محاكمتهم بشكل منفصل في وقت لاحق هذا العام.