حذرت غريتا ثونبرغ، الناشطة السويدية في مجال مكافحة تغير المناخ، من أن العالم يواجه "اختباراً أخلاقياً" بسبب التوزيع غير العادل للقاحات المضادة لفيروس كورونا. وقد تبرعت بـ100 ألف يورو لمصلحة الطرح العالمي للجرعات التحصينية بين المجموعات السكانية المعرضة للخطر.
جاء كلام ثونبرغ خلال مؤتمر صحافي عقدته "منظمة الصحة العالمية"، وشجبت فيه الناشطة أيضاً النزعة القومية المحيطة باللقاحات، مشيرة إلى أن إيلاء الدول الغنية مواطنيها الشباب الأولوية ومدّهم باللقاحات قبل الفئات الضعيفة في الدول ذات الدخل المنخفض، شكّل تصرفاً غير أخلاقي.
وتظهر تقديرات أنه في مقابل تطعيم شخص واحد من كل أربعة أشخاص ضد "كوفيد- 19" في البلدان ذات الدخل المرتفع، تلقّى شخص واحد من بين ما يربو على 500 شخص في البلدان الفقيرة، جرعة من اللقاح.
ووفق ثونبرغ، "على المجتمع الدولي والحكومات ومطوري اللقاحات الارتقاء في مستوى جهودهم والتصدي لمأساة عدم المساواة في الحصول على اللقاحات"، لا سيما أننا "نملك ما يلزم من أدوات كي نصحح ذلك التفاوت العالمي في المعركة ضد كوفيد- 19".
وكذلك رأت الناشطة في مجال البيئة، "شأن الحال مع أزمة المناخ، يحتاج الأشخاص الأكثر ضعفاً إلى منحهم الأولوية، وتستدعي المشكلات العالمية حلولاً عالمية" أيضاً.
وفي إطار الوصول العادل للقاحات، تتبرع الشابة ذات الـ18 ربيعاً، من خلال مؤسسة "غريتا ثونبرغ"، بـ100 ألف يورو (ما يعادل حوالى 86 ألف جنيه إسترليني) لبرنامج "كوفاكس" Covax التابع لـ"منظمة الصحة العالمية"، الذي يعتزم تقديم ملياري جرعة للدول الـ92 الأفقر في العالم، مع حلول نهاية العام الحالي.
تذكيراً، خلُص بحث أعدّته المؤسسة الخيرية "بيل أند ميليندا غيتس" Bill & Melinda Gates إلى أن التوزيع العادل للقاحات "كوفيد- 19" على مستوى العالم من شأنه أن يحول دون 61 في المئة من الوفيات في المستقبل، بالمقارنة مع 33 في المئة إذا احتكرت الدول الـ47 الأغنى في العالم الجرعات التحصينية.
وعلى الرغم من ذلك، اشترت تلك البلدان الغنية ملياري جرعة زائدة عن حاجة مواطنيها إلى اللقاحات، وفق تقديرات عدة. مثلاً، جمعت بريطانيا لوحدها أحد أكبر مخزونات اللقاحات في العالم، بما يزيد على 400 مليون لقاح، أي ما يكفي لتلقيح كل سكانها ثلاث مرات. وتابعت ثونبرغ، "من غير الأخلاقي تماماً أن تلجأ البلاد ذات الدخل المرتفع الآن إلى تطعيم الفئات الشابة والأشخاص الأصحاء على حساب الأشخاص المدرجين ضمن الفئات المعرّضة للخطر، والعاملين في الخطوط الأمامية (لمواجهة الجائحة) في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن وجهة نظر ثونبرغ، نحن أمام "اختبار أخلاقي، إذ نتحدث اليوم عن إظهار التضامن، ولكن مع ذلك تقود القومية عملية توزيع الجرعات. ونحن لا نكشف وجهنا الحقيقي إلا عندما يتعلق الأمر بها".
في سياق متصل، وجّه الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، المدير العام لـ"منظمة الصحة العالمية"، شكره إلى الناشطة المناخية على المبلغ المالي الذي تبرعت به لبرنامج "كوفاكس"، ودعمها المساواة في حصول الجميع على اللقاحات.
وكذلك توجّه غيبريسوس إلى المجتمع العالمي بكلمات من بينها، "أحثه [المجتمع الدولي] على أن يحذو حذو غريتا، ويفعل ما في وسعه، في سبيل توفير الدعم لكوفاكس، من أجل تقديم الحماية للأشخاص الأكثر ضعفاً في العالم من هذه الجائحة".
كذلك ذكرت ثونبرغ أنه لا يمكن فصل "الأزمة الصحية" التي يعيشها العالم راهناً عن "الأزمة البيئية".
وبحسب رأيها، "يبيّن العلم أن الجوائح ستتكرر أكثر في المستقبل، على الأرجح، وستكون وطأتها أشد تدميراً، ما لم نغيّر جذرياً أساليبنا وطريقة تعاملنا مع الطبيعة. حالياً، الحيوانات مصدر ما يصل إلى 75 في المئة من كل الأمراض الناشئة، وفيما نقطع أشجار الغابات وندمر الموائل الطبيعية، نخلق الظروف المثالية لانتقال الأمراض من حيوان إلى آخر، ومن ثم إلينا".
في الواقع، وفق كلمات ثونبرغ، "ما عاد في إمكاننا أن نفصل الأزمة الصحية عن نظيرتها البيئية، ولا الأزمة البيئية عن أزمة المناخ. كل هذه الأزمات مترابطة ببعضها بعضاً بطرق عدة".
© The Independent