فرضت "نتفليكس" بصماتها في زوايا الأرض الأربع مع تجاوز عدد مشتركيها مئتي مليون، ثلثاهم خارج أميركا الشمالية، وباتت منصة البث التدفقي التي يتنافس الكثير من أفلامها على جوائز الأوسكار الأحد، كما "ديزني"، من المجموعات الترفيهية القليلة القادرة على إحداث أثر ثقافي على مستوى العالم كله.
فجوة بين المسلسلات والأفلام
ومن بين المسلسلات التي تعرضها "نتفليكس" الأكثر بحثاً على "غوغل" في الأرجنتين عام 2020 "كوبرا كاي" و"ذي كوينز غامبيت". وفي الهند يتصدر مسلسل "لا كاسا دي بابيل" الذي يعرض أيضاً على هذه المنصة عدد المشاهدات، ويأتي خامساً في مصر وأولاً في نيجيريا.
في البرازيل، وفقاً لموقع "أومليت"، أدى إطلاق الموسم الثالث من "كوبرا كاي" في أوائل يناير (كانون الثاني) إلى زيادة عمليات البحث عن مدارس الكاراتيه بـ 75 في المئة. وفي العراق، قام معارضو الحكومة بتصوير ونشر مقطع فيديو وهم يرتدون بذلة حمراء، ويضعون قناعاً مماثلاً للذي يضعه أبطال مسلسل "لا كاسا دي بابيل".
في كل أنحاء العالم "أصبحت نتفليكس الوجهة النهائية لأي شخص يبحث عن (مسلسل أو فيلم جديد) رائج" وفق ما كتب أوليفر سكينر مدير التسويق في شركة الدبلجة "فويسز" أخيراً في منشور على مدونته.
وتمكّنت "نتفليكس" التي تنشر مسلسلات مترجمة إلى عشرات اللغات على الإنترنت، وهي سابقة، من توجيه المحادثات السائدة على الشبكات الاجتماعية حول محتواها في الأشهر الأخيرة، من "تايغر كينغ" إلى "لوبين".
ومع ذلك، ثمة فجوة بين مسلسلات المنصة وأفلامها. وعلى رغم 35 ترشيحاً لجوائز الأوسكار لم يكن لأي من الأفلام المرشحة تأثير شعبي كبير.
وفي عالم تلفزيوني أكثر تجزؤا من أي وقت، فإن "مسلسل معين على نتفليكس لديه التأثير الثقافي نفسه للذي تملكه المسلسلات التي كانت تعرض على الشبكات الأميركية الكبرى (إي بي سي، وسي بس أس، وأن بي سي) حتى ثمانينيات القرن العشرين" كما قال أستاذ علم الاجتماع المتخصص في صناعة الترفيه في جامعة كاليفورنيا.
تأثير ثقافي
وعلى رغم وصول المنصات المنافسة إلى حجم "نتفليكس"، ما زالت المنصة سباقة بفضل تراكم البيانات حول عادات مستهلكيها المشتركين البالغ عددهم 207 ملايين، على ما أكد أسوين بوناثامبيكار الأستاذ في جامعة فيرجينيا، مضيفاً "تتيح لهم فهم الاتجاهات التي تتجاوز العوامل الديموغرافية وتحديد المسلسل الذي يرغبون بمشاهدته".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن، هل البصمة التي تركتها "نتفليكس" غير مسبوقة؟ "سيكون الأمر أشبه بالسؤال عما إذا كان التأثير الثقافي لنتفليكس أقوى من تأثير ديزني. لست متأكداً من أن هذه هي الحال في الوقت الحالي"، وفق لويس ويارت الأستاذ في قسم علوم المعلومات والاتصالات في جامعة "ليبر" في بروكسل.
وأوضح، "ما هو مؤكد هو أن هذه الأسواق الناشئة الجديدة في آسيا وأميركا اللاتينية هي أولويات نتفليكس"، خصوصاً بسبب ظهور طبقة وسطى "تتمتع بإمكان الوصول إلى أنماط جديدة من الاستهلاك الرقمي والثقافي"، ولديها "تقارب قوي إلى حد ما مع هذا النظام الأساسي".
وبهدف ترسيخ وجودها في الخارج، وكذلك الامتثال للقوانين المحلية، تنتج "نتفليكس" المزيد من المحتوى المحلي، وأنتجت في سابقة مسلسلاً إسبانياً (لا كاسا دي بابيل) وآخر فرنسياً (لوبين) حققا شهرة عالمية.
وقال ويارت، "تنتج نتفليكس محتوى محلياً، لكن للسوق العالمية يمكن تصديره إلى أنحاء العالم". وأضاف "هذا الأمر ينطوي على خطر التوحيد والتوافق مع المعايير".
بالنسبة إلى غابريال روسمان، بلغت "نتفليكس" ذروتها. يجب أن تتعامل المنصة الآن مع صعود العروض المنافسة من "ديزني" أو "أمازون برايم"، التي ستحد من هيمنتها عبر استخدام الاستراتيجية نفسها مع مجموعة من البرامج باللغة الإنجليزية والمسلسلات المنتجة محلياً.