قُتل خمسة على الأقل، اليوم الثلاثاء، في تظاهرات متفرقة في نجامينا وجنوبي تشاد ضد المجلس العسكري الذي تولّى الحكم عقب وفاة الرئيس إدريس ديبي قبل أسبوع، وفق ما أعلنت النيابة العامة.
لكن مرصداً محلياً أشار إلى مقتل تسعة أشخاص. فقد ذكرت الجمعية التشادية لحقوق الإنسان، في بيان، أنه "سقط تسعة قتلى، سبعة في نجامينا واثنان آخران في موندو بجنوب تشاد".
ودانت المنظمة الحقوقية، "هذه المجزرة المخزية بعد الاستخدام المفرط لأسلحة الحرب ضد المتظاهرين" غير المسلحين.
وتحدث مدعي العاصمة عن مقتل أربعة أشخاص في نجامينا بينهم امرأة.
وأكد المدعي العام، علي كولا ابراهيم، في ثاني مدن تشاد على بعد حوالى 400 كيلومتر نحو جنوب العاصمة، لوكالة الصحافة الفرنسية عبر الهاتف، سقوط "قتيل في موندو صباحاً في تظاهرات"، موضحاً "لم نعرف بعد الظروف المحددة للوفاة، إنه شاب يبلغ 21 عاماً".
وأكد المسؤول عن وسائل الإعلام الرسمية في موندو، أحمد مالوم، أن "طالباً رمى حجراً على سيارة للشرطة والشرطة أطلقت رصاصة حيةّ وقُتل الطالب على الفور".
احتجاجات العاصمة
وفي العاصمة نجامينا، ردت الشرطة على الاحتجاجات بإطلاق غاز مسيل للدموع، بينما أحرق المحتجون دإطارات في أحياء عدة بالعاصمة في ساعة مبكرة من صباح الثلاثاء. وشوهدت شاحنات تقل جنوداً تجوب الشوارع في محيط وسط العاصمة.
وأكد المدعي العام للجمهورية في نجامينا، يوسوف توم، أن امرأة قُتلت الثلاثاء في العاصمة على أيدي متظاهرين، في وقت كانت الشرطة تفرّق تجمّعات للمعارضة. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية عبر الهاتف، إن "المتظاهرين هاجموا حافلةً في حيّ ديمبي. بعض الركاب فرّوا لكن امرأة بقيت وقُتلت على أيدي المتظاهرين".
كما أكد مسؤول في مجال الصحة بالعاصمة، لوكلة "رويترز" طالباً عدم ذكر اسمه، وفاة شاب في العشرينيات تم نقله إلى قسم الطوارئ مع 27 آخرين أصيبوا خلال الاحتجاجات.
وقالت التشادية سارة، "سئمنا سئمنا سئمنا من الحكم الملكي في تشاد". خلفها، وصل شباب يركضون ويهتفون "شرطة، شرطة". ومع اقتراب شاحنة صغيرة لقوات الأمن، فرّ المتظاهرون الـ20 راكضين.
وفي حيّ واليا في جنوب العاصمة، تعرض متظاهر للضرب المبرح على أيدي قوات الأمن، وفق ما أفاد صحافيون في وكالة الصحافة الفرنسية.
محاولة السيطرة على الشارع
في المقابل، قال متحدث باسم المجلس العسكري الحاكم إن قوات الأمن كانت تحاول السيطرة على المحتجين والحد في الوقت نفسه من الأضرار المادية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وخرجت الاحتجاجات المناهضة لـ"الانقلاب المؤسساتي" الذي نفذه المجلس العسكري الانتقالي، على الرغم من قرار حظر التظاهرات الذي أصدرته وزارة الأمن العام الاثنين.
وجاء في المرسوم الذي يحمل توقيع سليمان أباكار أدوم، أن "كل المسيرات، أو التظاهرات، أياً كانت تسميتها، التي لم تحصل على موافقة مسبقة، ومن شأنها إحداث بلبلة في النظام العام، تحظر بشكل قاطع في مجمل الأراضي الوطنية".
رفض "الانقلاب"
وتلقي الاحتجاجات الضوء على الأجواء المشحونة في تشاد بعد وفاة ديبي، حيث يجد المجلس العسكري الانتقالي صعوبةً في كسب تأييد شعب ضاق ذرعاً بانفراد ديبي بالسلطة على مدى 30 عاماً.
ودعت أحزاب سياسية عدة وجمعيات من المجتمع المدني إلى تظاهرات، الثلاثاء، ضد المجلس العسكري المؤقت، الذي يقوده محمد إدريس ديبي، نجل الرئيس الراحل.
وطلب "الوفاق التشادي لحقوق الإنسان"، الاثنين، من ناشطيه "الخروج بشكل حاشد" للتظاهر ضد المجلس العسكري، الذي وصفه بأنه "هيئة غير قانونية وغير شرعية باركتها فرنسا التي تظن أن بوسعها فرض ديكتاتورية عسكرية جديدة على التشاديين".
ويمسك محمد إدريس ديبي (37 عاماً) بكامل السلطات على رأس المجلس، وأحاط نفسه بـ14 جنرالاً أوفياء لوالده. ووعد بإجراء "انتخابات حرة وديمقراطية" بعد 18 شهراً.
ودعت المعارضة والمجتمع المدني منذ أن وضع المجلس العسكري يده على السلطة، إلى "عملية انتقالية بقيادة المدنيين".
ماكرون وتشيسكيدي يدينان أعمال العنف في تشاد
كما أكّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الثلاثاء، إن بلاده تدين بشدة أعمال العنف التي تمارسها قوات الأمن في تشاد ضد المتظاهرين. وجاءت تصريحاته خلال زيارة رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، رئيس الاتحاد الأفريقي حالياً، لباريس، مؤكداً أن بلاده تؤيد "الانتقال السلمي والديمقراطي والشامل" للسلطة، ومحذّرا من أن فرنسا تعارض أي "خطة لخلافة" ديبي.
وفي بيان مشترك، دعا الرئيسان "إلى وقف جميع أشكال العنف"، وأكدا دعمهما لعملية انتقالية شاملة متاحة لجميع القوى السياسية التشادية، بقيادة حكومة وحدة وطنية مدنية تقود البلاد إلى انتخابات خلال 18 شهراً". وأضاف البيان أن فرنسا وجمهورية الكونغو الديمقراطية "تؤكدان تمسكهما باستقرار وسلامة تشاد" و"تدعمان الجهود" التي يبذلها الاتحاد الأفريقي.
كما دعا تشيسكيدي إلى "توطيد النظام الديمقراطي بسرعة".
تعيين رئيس للوزراء
وعين محمد إدريس ديبي، الاثنين، ألبير باهيمي باداكيه، آخر رئيس وزراء لإدريس ديبي، رئيساً للحكومة الانتقالية.
وكان باهيمي باداكيه قد حل في المرتبة الثانية في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 11 أبريل، مع 10.32 في المئة من الأصوات، بفارق كبير عن الرئيس الراحل الذي أعيد انتخابه في الجولة الأولى بحصوله على 79.32 في المئة.
وشغل باهيمي باداكيه منصب رئيس الوزراء حتى عام 2018، عندما ألغي المنصب. وسيرأس بموجب الميثاق الانتقالي حكومة انتقالية سيعين أعضاؤها ويعزلهم محمد إدريس ديبي.
وفي مرسوم آخر وقعه الرجل القوي الجديد للنظام، تم تعيين ابن شقيق الرئيس السابق، إدريس يوسف بوي، سكرتيراً خاصاً لرئيس المجلس، وهو المنصب الذي كانت تشغله حتى الآن هندا ديبي إتنو، أرملة الرئيس الراحل.
وخلال مراسم تشييع إدريس ديبي، دعت فرنسا والدول الأربع الأخرى في مجموعة الساحل، التي شكلت قوة عسكرية تدعمها باريس لمحاربة المتطرفين في هذه المنطقة من أفريقيا، إلى "عملية انتقال مدنية - عسكرية".
وقتل الرئيس التشادي خلال معارك مع المتمردين الأسبوع الماضي.