طالبت منظمة العفو الدولية ميليشيات الحوثي الذين يسيطرون على العاصمة اليمنية صنعاء، بعدم إجبار ممثلة وعارضة أزياء يمنية محتجزة منذ أكثر من شهرين على الخضوع لاختبار "كشف عذرية قسري".
وأوضحت المنظمة أن عارضة الأزياء انتصار الحمادي "تعرضت للاستجواب وهي معصوبة العينين، وتعرضت للاعتداء الجسدي واللفظي والإهانات العنصرية".
وبحسب المنظمة فإن الحمادي "أجبرت على الاعتراف بعدة جرائم من بينها حيازة المخدرات والدعارة".
وذكرت منظمة العفو الدولية، أنه تم إبلاغ محامي الحمادي في 5 من مايو (أيار) الماضي من قبل أحد أفراد النيابة اعتزام السلطات إخضاعها لاختبار "كشف العذرية" في غضون أيام، بمجرد إصدار مذكرة للطبيب الشرعي.
وقالت نائبة المدير الإقليمي لمنظمة العفو، لين معلوف، في البيان "يتوجب على سلطة الأمر الواقع في اليمن وقف كافة الخطط لإخضاع انتصار الحمادي لاختبار كشف العذرية القسري".
وبحسب معلوف، فإن الحمادي تعاقب من قبل سلطات المتمردين "لتحديها الأعراف الاجتماعية للمجتمع الأبوي اليمني الذي يكرس التمييز ضد المرأة".
حلم الضوء ينتهي بمحكمة
وعلى ما يبدو أن أفق الحياة بات يضيق في المجال الجغرافي الخاضع لسيطرة الحوثيين أكثر فأكثر إلى الحد الذي يدفع الميليشيا للضيق ذرعاً من عارضة وفنانة شابة أودعوها السجن بسبب صورها على المنصات الاجتماعية.
إذ لم تعلم الحمادي ذات الـ 19 عاماً، المولودة لأم إثيوبية وأب يمني، أن تصميم الأزياء وعرضها والتمثيل كثنائية شهرة وضوء، سيقودانها يوماً إلى الزنازين المظلمة في صنعاء.
ظلت الشابة السمراء تحلم بأن تغدو عارضة أزياء، وشقت في سبيل ذلك طرقاً وعرة في بلد محافظ، وحققت نجاحات لافتة في مجالها الذي منحها دخلاً ثابتاً يعول أمها وأخاها المعوق، بحسب محاميها خالد الكمال.
ومثلما أن للأزياء لمستها الخاصة، قادها نجاحها ذاك لخوض تجربة فنية جديدة في التمثيل، وشاركت في عدد من المسلسلات المحلية، إلا أنها قبل أن تضع لمستها الخاصة في فضائها الفني الجديد، وجدت نفسها محتجزة في السجن المركزي سيء الصيت في العاصمة صنعاء، الخاضع لسيطرة الميليشيا الحوثية.
وواصلت سلطات الحوثيين المضي في إجراءات إحالة الفنانة انتصار الحمادي وزميلاتها إلى المحاكمة، بعد أن رفضت المحكمة عرض المحققين بالإفراج عنها، وفقاً لإفادة محاميها الذي تحدث إلى "اندبندنت عربية".
وقال الكمال إن عضو النيابة المسؤول عن التحقيق في القضية "عرض على وكيل النيابة المختص القاضي ياسر الزنداني، رأياً بالإفراج عن الحمادي وزميلتها، إلا أن الأخير رفض العرض من دون إبداء الأسباب، كما رفض الإفادة لرئيس النيابة بهذا الشأن، بناء على شكوى فريق الدفاع بحسب المادة 194 من القانون.
ويؤكد القانوني اليمني أن موكلته اعتقلت مساء الـ 20 من فبراير (شباط) الماضي، بينما كانت في طريقها مع زميلتين لها إلى جلسة تصوير في منطقة شملان بعد احتجازها في نقطة تفتيش مستحدَثة أوقفتها "من دون مذكرة ومن دون توجيه أي تهم إليها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعن التهمة التي تم بموجبها اعتقال موكلته وزميلاتها اللواتي كن برفقتها، قال إن النيابة "تحاول وصف القضية بفعل فاضح بحجة أنها أبرزت شعرها ولم تضع الحجاب على رأسها". وحول الوضع العائلي يضيف، "والدة انتصار تمر بوضع نفسي سيء وتبكي باستمرار، وأخوها الصغير يعاني من إعاقة وهي المعيل الوحيد للأسرة".
زنزانة انفرادية
وبدأ فريق محققين من النيابة العامة، الأربعاء، استجواب الفنانة الحمادي، وزميلاتها في السجن المركزي، بعدما تعذر هذا التحقيق خارج المعتقل الخاضع لسلطة الحوثيين.
وأشار محاميها إلى أن مسؤولاً في السجن أمر نهاية جلسة التحقيقات بحجزها في زنزانة انفرادية على خلفية مشادة كلامية دارت بينهما بسبب ظروف احتجازها.
الحوثيون الذين لم يعلقوا على القضية على الرغم من أنها لاقت صدى دولياً، كانوا أطلقوا حملات ملاحقة بحق النساء الناشطات وأغلقوا عدداً من الأندية والمقاهي المختلطة، كما نفذوا حملة طمس للصور النسائية المعلقة في محال التجميل والمولات وغيرها.
إعادة هيكلة المجتمع
ونظم العاملون في القطاع الحقوقي والقانوني اليمني وقفات ضد ما يصفونه بـ "الانتهاكات الحوثية بحق المجتمع اليمني".
وقال رئيس منظمة "سام" للحقوق والحريات في اليمن، توفيق الحميدي، إن "الحريات الشخصية واختيار الحياة المناسبة أصبحت في خطر، بعد أن بدأت الجماعة تأخذ منحى طالباني".
ويستدل الحقوقي اليمني بشواهد عن الممارسات الحوثية الخاصة بـ "التضييق على الحقوق والحريات"، وقال إنه "منذ استولت ميليشيات الحوثي على العاصمة صنعاء، سعت جاهدة بكل الوسائل إلى إعادة هيكلة المجتمع اليمني وفقاً لرؤيتها الفكرية، والتضيق على الحريات كافة وفي مقدمتها الحرية الفكرية والإعلامية، فأغلقت القنوات والإذاعات والصحف والمواقع المناوئة لها".
الحفاظ على الأخلاق
ويتطرق الحميدي إلى تقرير صدر عن منظمة سام في سبتمبر (أيلول) 2020 بعنوان "مهنة خطرة"، فصّل كل الانتهاكات التي طالت الصحافيين في اليمن خلال خمس سنوات.
ويؤكد أن "الانتهاكات الحوثية كافة تمت تحت مبررات متعددة منها "التعاون مع العدوان"، أو "الحفاظ على الأخلاق"، وهذا المبرر اكتوت بناره النساء خاصة، ومنهن انتصار الحمادي التي ترى الجماعة الحوثية قضيتها بأنه موضوع أخلاقي لتمنح نفسها مبرراً للانتهاك، وافق ذلك العديد من الانتهاكات الأخرى مثل منع زيارتها أو الالتقاء بمحاميها ووضعها في زنزانة انفرادية.