Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
0 seconds of 1 minute, 18 secondsVolume 90%
Press shift question mark to access a list of keyboard shortcuts
00:00
01:18
01:18
 

مستحضرات مغربية ثمينة منتجة من عبق الورد وشقاء جانياته

يرتبط اسم قلعة مكونة بالورود إلى درجة أن كل شيء فيها يتمحور حولها

تحصل يزى على ثلاثة دراهم (نحو 30 سنتاً) فقط عن كل كيلوغرام من الورود تجنيه في جنوب المغرب، وهو إنتاج تستخرج منه مستحضرات ثمينة، مثل الزيوت الأساسية التي يصل ثمنها إلى 18 ألف دولار للكيلوغرام الواحد.

وتقول السيدة التي تعمل في جني الورود إلى جانب غيرها من النساء، "بالكاد نربح ما يوفر لقمة العيش"، بينما تستعين بقفاز لتفادي أشواك الورد، وقبعة لحماية رأسها من شمس ربيعية دافئة في قلعة مكونة، التي تلقّب "بوادي الورد" في جنوب شرقي المغرب.

جني الورد

يبدأ الجني مع طلوع الفجر، وتحتاج النساء إلى نحو ست ساعات لملء الحقائب الكبيرة التي يحملنها بعد الانتهاء فوق رؤوسهن كي يتم وزنها.

لكن يزى آيت موح الأربعينية لا تشكو ما دام هذا العمل يمكنها من "إعالة أسرتها المكونة من خمسة أفراد"، وهي تربح نحو ست دولارات عن 20 كيلوغراماً في اليوم، خلال فترة ازدهار الورد التي تدوم قرابة شهر.

 

وتعبق داخل الوادي في الربيع الرائحة الزكية التي تفوح من الوردة الدمشقية، وهي صنف جلب من العاصمة السورية منذ زمن القوافل التجارية، وفق بعض الروايات. وترتوي حقول الورد المنتشرة في أرجاء الوادي من خلال نهرين يتدفقان من جبال الأطلس غرباً.

ويرتبط اسم قلعة "مكونة" بالورد إلى درجة أن كل شيء فيها يتمحور حول هذه الزهرة، بدءاً بأسماء الفنادق ولون سيارات الأجرة مروراً بمستحضرات التجميل المعروضة في الدكاكين والمجسم الضخم الذي يتوسط ساحتها الرئيسة، وصولاً إلى مهرجان الورد الذي يقام فيها كل عام ويجذب إليه آلاف الزوار، قبل أن تعلقه الجائحة.

الدخل

اقرأ المزيد

ويشكل الورد "المصدر الوحيد للعمل هنا"، وفق تعبير نجاد حصاد (35 عاماً) التي تعمل مسيّرة لتعاونية "روزامكون" المتخصصة في تقطير الورد، والتي أسستها مزارعتان من المنطقة.

وفضلاً عن حصولها على نحو 250 دولاراً، ما يقارب الحد الأدنى للأجر في المغرب، مقابل نحو 40 دولاراً فقط في عملها السابق، تشعر نجاد بالسعادة في التعاونية حيث تعمل "في أجواء عائلية" برفقة خمس عاملات.

وتعرض التعاونية منتجاتها من ماء الورد والزيوت الأساسية، إضافة إلى مستحضرات تجميل.

ويصل ثمن الكيلوغرام الواحد من زيوت الورد الأساسية إلى قرابة 18 ألف دولار، لكن إنتاجه يحتاج نحو 4 إلى 5 أطنان من الورد.

 

تطوير القطاع

ويشبّه رئيس الفيدرالية المهنية لمزارعي ومحولي الورود المغاربة، رشدي بوبكر، الورد "بمحرك التنمية المحلية" في المنطقة، مراهناً على استمرار ذلك في ظل استمرار رواج استهلاك المواد الأولية الطبيعية والمنتجات العضوية الخالية من المبيدات عالمياً.

ويسعى إلى استصدار علامة منتج عضوي خاصة بالمنطقة، من أجل تثمين وردها في السوق العالمية التي تهيمن عليها بلغاريا وتركيا، أهم منتجين للورد العطري.

ويضيف ساخراً، "لحسن حظنا أننا فقراء، لا نستعمل المبيدات وإن استعملت فبشكل محدود".

ويرى بوبكر أن تطوير القطاع يمر عبر دعم أنشطة تقطير الورد في تعاونيات، مما سيمكن أيضاً "من تحسين شروط العيش ومواجهة الهجرة من الأرياف".

ويتطلب رفع مداخيل هذه الزراعة "تطوير المشتقات التي تدر أكثر"، والمتمثلة في الزيوت الأساسية والرحيق "الصافي" الذي يستخرج بعد عمليات تصفية، ويلاقي إقبالاً كبيراً من مصنعي العطور الفاخرة.

صادرات ضئيلة

وتتركز صادرات القطاع حالياً في ماء الورد والورد المجفف، بينما لا يتعدى الباقي نحو 50 كيلوغراماً سنوياً من الزيوت الأساسية ونحو 500 كيلوغرام من الرحيق، والذي يعد كمية ضئيلة مقارنة بحجم الإنتاج في بلغاريا وتركيا، وفق فيدرالية مهنيي الورد المغاربة.

ويعد زوار المنطقة من السياح "الزبائن الأوائل" لمنتجاتها من الورد، كما يشير محمد قاصي. ونجح هذا الأربيعني في تأسيس شركة "وادي الورود" المتخصصة في مستحضرات التجميل والتي توظف 30 عاملاً، بعدما كانت بدايته بسيطة بطقم تقطير تقليدي، لكن "الجائحة عطّلت كل شيء للأسف"، كما يقول.

وتراجع ثمن الورد الطري 30 في المئة (من 2.5 لى 2 دولار) للكيلوغرام الواحد منذ الموسم الماضي، بسبب تداعيات الوباء، وذلك بعد فترة سجل فيها ارتفاعاً بفضل جهود وزارة الزراعة لتطوير القطاع واستقطاب مستثمرين ورفع المردود. وبلغ إجمالي المحصول 3600 طن في 2020 على نحو 900 هكتار، وفق أرقام الفيدرالية.

وتبقى حفصة شكيبي (30 عاماً) متفائلة بمستقبل القطاع، فهي التي أسست شركة "فلورا سينا" في 2016 بعد حصولها على دبلوم في الكيمياء مراهنة على المنتجات العضوية، والمحاصيل القليلة مع تقنية التقطير "التقليدي" في أطقم نحاسية.

وبسرعة وجدت الشابة التي تحمل الجنسيتين الفرنسية والمغربية، زبائن لوردها "الصافي الطبيعي" ممن "يبحثون عن إضافة نوعية" في كندا والصين وبريطانيا وفرنسا وهولندا. وتأمل بأن تنطلق "قريباً" في إنتاح الرحيق الصافي ذي القيمة المضافة.

المزيد من منوعات