تتشبث الحكومة المصرية بالموسم السياحي الصيفي لتعويض جزء من خسارتها من نظيره الشتوي إلى جانب الخسارة السنوية على مدار عامين منذ تفشي جائحة كورونا في العالم مع نهاية عام 2019، وسط توقعات تشير إلى عدم تحقق أكثر من 50 في المئة من الإيرادات السياحية القياسية في نهاية العام المقبل.
وكانت القاهرة حققت رقماً قياسياً في الدخل السياحي قبل ثلاث سنوات عندما وصلت عائداتها 13 مليار دولار أميركي خلال العام المالي (2018- 2019) قبل أن تسلبها جائحة كورونا 75 في المئة منها في العام قبل الماضي عندما حققت أقل من 3.5 مليار دولار.
عودة السياحة الروسية
تمسك القاهرة بالموسم الصيفي له ما يبرره حالياً، إذ تترقب عودة السائحين الروس بكثافة إلى المحافظات السياحية، على رأسها محافظتا البحر الأحمر وجنوب سيناء، خصوصاً بعدما أعلن السفير الروسي في مصر جورجي بوريسينكو، أن السلطات الروسية تعمل على استئناف الرحلات الجوية إلى المنتجعات المصرية في أقرب وقت، قبل أن يتفق الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والمصري عبد الفتاح السيسي على استئناف الرحلات في اتصال هاتفي في 23 أبريل (نيسان) الماضي ومع نهاية الشهر بدأت 6 شركات روسية تشغل رحلات جوية إلى مطار القاهرة.
والثلاثاء الماضي، استقبل مطار القاهرة الدولي، أولى رحلات الطيران المباشرة القادمة من مدينة سان بطرسبرغ الروسية، في أول تشغيل لهذا الخط منذ استئناف العاصمة موسكو رحلاتها الجوية المباشرة إلى القاهرة في عام 2018.
وفي محاولة منها لاقتناص الفرصة الثمينة كثفت الحكومة المصرية تحركاتها استعداداً للموسم السياحي الصيفي، إذ تلقى وزير السياحة والآثار المصرية خالد العناني تقريراً مفصلاً من هيئة الرقابة على المنشآت الفندقية والمحال والأنشطة السياحية عن استعدادات استقبال الموسم السياحي الصيفي.
فحص 207 منشآت سياحية و50 مطعماً
وبحسب بيان رسمي قامت الوزارة بالتأكد من مستوى جودة الخدمات السياحية المقدمة في المنشآت الفندقية والسياحية المختلفة ومدى التزامها تطبيق الإجراءات الاحترازية وضوابط السلامة الصحية وتطعيم العاملين فيها، حيث قامت الإدارة المتخصصة بالوزارة بفحص 207 منشآت فندقية و50 مطعماً سياحياً في محافظتي البحر الأحمر وجنوب سيناء.
وقال مساعد الوزير للرقابة على المنشآت الفندقية والمحال والأنشطة السياحية عبد الفتاح العاصي، إن العمل يجري على قدم وساق لاستكمال فحص باقي المنشآت السياحية والفندقية في محافظتي البحر الأحمر وجنوب سيناء تباعاً. مضيفاً أن إجراءات تطعيم العاملين في القطاع السياحي بالأمصال المضادة لفيروس كورونا في محافظتي البحر الأحمر وجنوب سيناء تتم بشكل مكثف بالتنسيق مع وزارة الصحة والسكان وغرفة المنشآت الفندقية. وأشار إلى أنه قريباً سيتم الإعلان عن الانتهاء من تطعيم كافة العاملين بالقطاع في هاتين المحافظتين اللتين تستقبلان العدد الأكبر من السائحين في مصر، لما تتمتعان به من أماكن مفتوحة وطبيعة خلابة وشمس دافئة وجو صحي مع تطبيق إجراءات احترازية صارمة.
1.5 مليون سائح زاروا مصر في 9 أشهر
من جانبها قالت نائب وزير السياحة والآثار غادة شلبي، إن ما يقرب من 1.5 مليون سائح أجنبي زاروا المدن السياحية في البحر الأحمر وجنوب سيناء وجنوب الصعيد، مثل الغردقة ومرسى علم وشرم الشيخ والأقصر وأسوان في 9 أشهر.
وأضافت لـ"اندبندنت عربية" أن نحو 3.5 مليون سائح أجنبي زاروا مصر في الفترة من يوليو (تموز) 2020 وحتى أبريل الماضي بإجمالي إيرادات بلغت نحو 3.2 مليار دولار.
وتوقعت بحسب المؤشرات الحالية والحجوزات المستقبلية المتوقعة وعودة السياحة الروسية لشرم الشيخ والغردقة، أن ترتفع أعداد السياح الوافدة إلى مصر خلال النصف الثاني من العام الحالي، مشيرة إلى أن إيرادات السياحة سترتفع كذلك خلال الفترة المقبلة، بخاصة عقب قرار وزارة السياحة والآثار تحديد حد أدنى لبيع الغرف الفندقية فئة 4 و5 نجوم.
وتابعت أن قرار عودة السياحة الروسية لمصر مهم خلال الفترة الحالية، حيث سيسهم في إحداث انتعاشه سياحية في كل من الغردقة وشرم الشيخ خلال الأشهر المقبلة، مشيرة إلى أنه من المتوقع أن تكون أعداد السياح الروس الوافدين لمصر هذا العام بعد توقف نحو 6 سنوات جيدة للغاية بالمقارنة مع ظروف جائحة كورونا الحالية.
الروس يمثلون 30 في المئة من حجم السياحة
من جانبه قال رئيس هيئة تنشيط السياحة الأسبق هشام الدميري، إن السياحة في مصر شأنها شأن السياحة في جميع بلدان العالم، بسبب التداعيات السلبية والإجراءات الاحترازية لمواجهة جائحة كورونا. وأضاف، أنه يجب على الحكومة استثمار الفرصة الذهبية الحالية مع عودة الروس بكثافة، مؤكداً أن السياح الروس يمثلون نحو 30 في المئة من عدد السياح الوافدين إلى مصر، لافتاً إلى أن السياحة الروسية أحد الشرايين الرئيسة في قطاع السياحة المصرية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحول ارتفاع الإيرادات السياحية في ما تبقى من العام، أوضح أنه غير مهتم باستعادة قطاع السياحة في مصر لكامل قوته كما كان قبل الجائحة، قائلاً، لو استعدنا حوالى 50 في المئة من الروس خلال الموسم السياحي الصيفي فهذا أمر جيد. واستدرك، لكن تحقيق الأمر يتوقف على السيطرة على جائحة كورونا عالمياً، فالأمر لا يتوقف على مدى استعدادات مصر فحسب، بل إن الدول الأخرى تتخذ القرارات وفق مصلحة شعوبها أيضاً. وأشار إلى أن مصر تعد وجهة جاذبة للسياحة طوال العام، خصوصاً في الموسم الشتوي بداية من يناير (كانون الثاني) إلى مارس(آذار) أو الموسم الصيفي بداية من يونيو(حزيران) وحتى أكتوبر(تشرين الأول) من كل عام.
ترويج في فرنسا
وفي محاولة مصرية لاستقطاب السياح الفرنسيين عقد سفير مصر لدى فرنسا علاء يوسف ، لقاءً مع ممثلي شركات السياحة الفرنسية المتخصصة في السوق المصرية، حيث استعرض الإجراءات والتدابير التي اتخذتها الحكومة لتوفير الحماية والرعاية للسائحين الأجانب على أراضيها خلال جائحة كورونا.
وعرض خلال اللقاء الاكتشافات الأثرية في الفترة الأخيرة، وسلسلة الفعاليات والمزارات الثقافية والسياحية المهمة التي تعتزم مصر إطلاقها خلال المرحلة المقبلة، على رأسها المتحف المصري الكبير الذي سيكون من أكبر متاحف العالم. وتحدث كذلك عن الولع الفرنسي بالحضارة المصرية، حيث يقصد السائح الفرنسي مصر لزيارة الأماكن التاريخية والثقافية والاستمتاع بالمزارات السياحية على شواطئ البحر الأحمر وفقاً لبيان رسمي.
"الصحة" ترفع درجة الاستعداد القصوى
تزامناً مع ترقب السياحة الروسية رفعت وزارة الصحة المصرية درجة الاستعداد القصوى في منافذ الحجر الصحي في كل من مطار شرم الدولي، وميناء شرم البحري، وميناء نويبع البحري، ومنفذ طابا البري استعداداً لعودة السياحة في محافظة جنوب سيناء، وتوفير القوى البشرية المدربة للتعامل في هذه المنافذ.
وقالت وزيرة الصحة هالة زايد، في بيان الأربعاء الماضي، إنه سيتم اتخاذ كافة الإجراءات الوقائية اللازمة لمجابهة فيروس كورونا، واتباع التعليمات الخاصة بالدخول من المنافذ، ومنها عدم دخول أي شخص إلا بتحليل "PCR"وفي حالة عدم وجود تحليل يتم إجراء التحليل في المطار، على أن ينتقل السائح إلى الفندق لحين إبلاغه بالنتيجة خلال 12 ساعة.
وأضافت أنه في حالة السفر يتم اتباع الإجراءات طبقاً لقوانين الدولة المسافر لها السائح، مشيرة إلى أن عدد المسحات التي تم إجراؤها عند الوصول بلغت 32764 مسحة، فيما بلغ عدد المسحات التي تم إجراؤها عند السفر 93066 مسحة.
السياحة العالمية تنكمش بنسبة 49 في المئة
عالمياً، أعلن المجلس العالمي للسياحة والسفر أن قطاع السياحة تعرض لأسوأ خسائر بين القطاعات الصناعية بسبب القيود التي فرضت على الانتقال بين الدول، للدرجة التي انكمشت فيها حصته من الناتج المحلي بنحو 49 في المئة، لتهبط إلى 4.7 تريليون دولار في عام الوباء، ما تسبب في تسريح 162 مليون عامل فقدوا وظائفهم وهوى إنفاق السائح بأكثر من 69 في المئة ليسجل أدنى مستوى في تاريخه.