تراجع احتياطي تونس من العملات الأجنبية في الأسبوع الأول من مايو (أيار) الحالي بسبب سداد قرض قطري بقيمة 185 مليون دولار حل موعده. وهبطت عدد أيام التوريد من 140 إلى 132 يوماً في ظرف يوم واحد ليبلغ احتياطي تونس من العملات الأجنبية في السابع من مايو نحو 7.7 مليار دولار مقابل 7 مليارات و885 مليون دولار، بحسب بيانات البنك المركزي التونسي.
وبلغ صافي العملة الأجنبية 8.1 مليار دولار، أي ما يناهز 153 يوم توريد في 8 أبريل (نيسان) 2021، وتعرف تونس أسوأ ضائقة اقتصادية مالية في تاريخها منذ الاستقلال (مارس 1956) وغير مسبوقة مع عجز مالي لعام 2020، يقدر بنحو 11.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ووصل الانكماش اقتصادي إلى 8.8 في المئة مع تعطل لأهم رافعات النمو، وخاصة جهازي التصدير والاستثمار في ظل الشلل الذي أصاب العديد من القطاعات الاستراتيجية.
تراجع لأهم مقومات التصدير
وباستثناء مبيعات زيت الزيتون والتمور فإن بقية القطاعات الحيوية على غرار صناعة النسيج وأنشطة استخراج الفوسفات وتحويله التي تعرف شللاً كبيراً منذ نحو عقد من الزمن بسبب الاضطرابات الاجتماعية وتنامي الإضرابات والاعتصامات.
وبحسب تقارير اقتصادية رسمية فقد تراجع إنتاج البترول، ما أسهم في ارتفاع عجز الطاقة من 5 إلى 55 في المئة سنوياً بين 2011 و2020 إلى جانب انهيار إنتاج الفوسفات.
كما أن تراجع إنتاج البترول والفوسفات حرم تونس من 2.2 إلى 2.9 مليار دولار سنوياً، أي تقريباً 18 مليار دولار خلال نحو عشر سنوات. وتلجأ البلاد سنوياً إلى الأسواق المالية الدولية لتعبئة الموارد المالية في شكل قروض خارجية لتمويل الميزانية، ما جعلها تدخل في حلقة مفرغة من الديون أرهقت البلاد، وفق عدد من المتخصصين.
خمسة مصادر للاحتياطي الأجنبي
يقول المحلل الاقتصادي عز الدين سعيدان لـ"اندبندنت عربية"، "إن تونس ستدفع خلال عام 2021 نحو 6 مليارات دولار سداداً لقروض، 70 في المئة منها ديون خارجية"، وكشف عن "أنها ستقدم خلال يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) وأغسطس (آب) على خلاص ديون قديمة حل موعد سدادها"، مشيراً إلى "سياسة التعتيم التي تتوخاها الحكومة في الإفصاح عن مقدار قيمة القروض المزمع سدادها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولفت إلى أن مصادر الاحتياطي من العملات الأجنبية يأتي من خمسة مصادر أساسية، وهي التصدير المتعطل وتفاقم العجز التجاري لتونس ثم السياحة التي تعرف ركوداً كبيراً بسبب تداعيات أزمة جائحة كورونا إلى جانب تحويلات التونسيين المغتربين، التي لا تزال متواصلة، وتدفق الاستثمار الخارجي المباشر المتوقف بشكل كلي تقريباً، والمصدر الخامس الاقتراض الخارجي، معتبراً إياه أسوأ المصادر. وأشار إلى أن تونس تحتاج إلى هذا الاحتياطي من النقد الأجنبي لتمويل ثلاث عمليات محورية لاقتصادها تتمثل في اقتناء المواد الغذائية (القموح) والدواء والمحروقات.
التزامات كبيرة
ويؤكد أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية، رضا الشكندالي، أن "التزامات تونس في الأشهر الثلاثة المقبلة ستكون كبيرة على مستوى سداد الديون"، مرجحاً "أن احتياطي العملات الأجنبية سيتقلص أكثر فأكثر، الأمر الذي سيؤثر من وجهة نظره في قيمة الدينار التونسي، وفي ظل تعطل أبرز رافعات التصدير، فإن نحو 80 في المئة من صافي العملة الأجنبية لتونس متأتية من الديون الخارجية وحتى الداخلية باقتراض الدولة من البنوك التونسية"، معتبراً أن "هذا الاحتياطي غير طبيعي". وكشف عن أن "البلاد تسدد قروضاً خارجية حل موعد سدادها في يونيو ويوليو وأغسطس، ما يعني أن احتياطي النقد الأجنبي سيتراجع بشكل لافت، وسيتآكل".
لا مناص من مباركة صندوق النقد الدولي
وشدد على أن تونس مجبرة على الوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد (في حدود 4 مليارات دولار)، وبالخصوص الحصول على الضوء الأخضر من الصندوق لبقية المانحين الدوليين لخروج تونس على أسواق المال الدولية لتعبئة القروض لتمويل ميزانية هذا العام (19.4 مليار دولار).
يضيف أن "حصول تونس على مباركة صندوق النقد الدولي وضمان الولايات المتحدة الأميركية سيكون بمثابة صك ضمان لتونس لكي تتمكن من الحصول على الموارد المالية الضرورية". وأكد أن البلاد بحاجة إلى هذه الموافقة إثر تخفيض ترقيمها السيادي من وكالة "موديز" في مطلع يناير (كانون الثاني) من هذا العام إلى مستوى B 3 مع آفاق سلبية، وأنها على بعد درجة وحيدة ليقع تصنيفها في مستوى الدول العاجزة عن سداد ديونها الخارجية.