ازدادت وتيرة المواجهات خلال الأيام الماضية بين الشبان الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، وذلك في أعقاب انتقادات حادة طاولت حركة "فتح" واتهامات "بالصمت على العدوان الإسرائيلي على القدس وقطاع غزة"، في حين دعت الحركة إلى "مسيرات غضب بكل الوسائل المتاحة".
وتعرّضت "فتح" التي تُعتبر الحزب الحاكم ضمن السلطة الفلسطينية لانتقادات واتهامات "بالتزام الصمت الميداني، وعدم الاشتباك مع الجيش الإسرائيلي والمستوطنين في مدن وقرى الضفة الغربية"، في حين تخشى السلطة من "استغلال حركة حماس للأوضاع الحالية لإثارة التوتر والفوضى في الضفة"، بحسب مسؤولين فلسطينيين تحدثت إليهم "اندبندنت عربية".
لكن يوم الجمعة 14 مايو (أيار) الحالي، شهدت نقاط التماس في الضفة الغربية أكثر من 250 مواجهة بين فلسطينيين والجيش الإسرائيلي، جرت معظمها بدعوة من حركة "فتح"، وأسفرت عن مقتل 11 فلسطينياً وأكثر من 500 جريح، وفي ظل عدم منع الأمن الفلسطيني المحتجين من الوصول إلى نقاط الاحتكاك.
ودعت "فتح" عقب اجتماع أمناء سر الأقاليم مع قيادة التعبئة والتنظيم في الحركة، إلى "الخروج بمسيرات غضب في كل المدن والقرى والمخيمات، واستمرار حالة الاستنفار والمواجهة على خطوط التماس والطرق الالتفافية بكل الوسائل المتاحة".
وأكدت الحركة "مواصلة الصمود واستمرار حالة الاشتباك في كل المناطق والمحاور ومواجهة قطعان المستوطنين في كل الشوارع وأينما أمكن". وشدد بيان الحركة على أن "المعركة الأساسية مع الاحتلال الإسرائيلي، والوحدة الوطنية هي الأساس فيها"، وأن "الذين يعبثون ويعملون على حرف البوصلة عن القدس وعن الاحتلال هم ضد وحدة شعبنا ومصالحه الوطنية"، وذلك في إشارة إلى الاعتداء على أحد مراكز الشرطة الفلسطينية في نابلس، وخشية الأمن الفلسطيني من استغلال حركة "حماس" الأوضاع للإساءة إلى السلطة وقيادتها.
مشاركة قائد الأمن الوقائي
وعلمت "اندبندنت عربية" أن مشاركة قائد جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني في اجتماع أمناء سر حركة "فتح"، أتت بهدف إطلاعهم على "التحديات الأمنية على الجبهة الداخلية الفلسطينية"، وإبلاغهم بمضمون تعميم وُزِّع على عناصر "حماس" يدعوهم إلى "إهانة الرموز الفلسطينية والهتاف ضد السلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس وإحراق مراكز للشرطة الفلسطينية".
وكشفت مصادر شاركت في الاجتماع لـ"اندبندنت عربية" عن أن الأجهزة الأمنية لن تسمح "بحرف البوصلة" عن المواجهات مع الجيش الإسرائيلي من خلال مسيرات وهجمات لا تهدف إلا للقضاء على السلطة الفلسطينية".
موقف حماس
في المقابل، نفى القيادي في "حماس" أيمن دراغمه أن تكون الحركة أصدرت التعميم المذكور، مضيفاً أنه "يجب التثبت من ذلك قبل إلقاء الاتهامات". وقال إن عناصر وأنصار الحركة سارعوا مع آخرين إلى إطفاء الحريق الذي اندلع الجمعة (14 مايو) في مركز الشرطة.
وكان مركز للشرطة الفلسطينية في بلدة عوريف جنوب غربي نابلس تعرّض يوم الجمعة إلى الحرق، ما أدى إلى إصابة رجل أمن فلسطيني بجروح واحتراق مركبات للشرطة.
وقالت الشرطة الفلسطينية إن مراكزها "بُنيت بدماء الشهداء وأُسست لحفظ أمن المواطنين وممتلكاتهم على الرغم من تعرّضها للقصف والتدمير من سلطات الاحتلال مرات عدة"، مضيفةً أن "هناك مَن يحاول حَرف البوصلة لإشعال اقتتال داخلي. لن ننجرّ خلف هذه الأهداف وستبقى الشرطة إلى جانب شعبنا في كل الظروف وستمارس ضبط النفس واحترام حياة المواطن".
في سياق متصل، ترأس عباس "اجتماعاً طارئاً" لمتابعة الوضع في الأراضي الفلسطينية، بحضور رئيس الوزراء محمد اشتية وقادة الأجهزة الأمنية وكبار المسؤولين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
توظيف المعركة
وكان أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح" جبريل الرجوب شدد على أن "المعركة الحالية مع إسرائيل مفتوحة باستخدام الرصاص والحجارة"، لكنه دعا إلى "توظيفها لصالح المشروع الوطني الفلسطيني".
وأشار الرجوب إلى أن "الشعب الفلسطيني بكامله يشارك في هبّة القدس كل بحسب إمكاناته. وصمود الفلسطينيين في القدس والضفة يُعتبر أرقى أشكال المقاومة"، داعياً إلى "عدم المزايدة على حركة فتح في هذا المجال"، في إشارة إلى "حماس".
وأوضح أن "حركة فتح جاهزة لتطوير قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل بالتوافق مع الفصائل الفلسطينية، وعلى بدء إصلاح جدّي لمنظمة التحرير الفلسطينية لأن وضعها الحالي لا يمكن أن يستمر".
وخاطب الرجوب عناصر "فتح"، قائلاً "ارفعوا رؤوسكم لأن حركتكم هي الضمانة لتحقيق مشروع الدولة"، مضيفاً أن نائب رئيس الحركة محمود العالول قاد المواجهات مع الجيش الإسرائيلي يوم الجمعة (14 مايو).
بيان "شبيبة فتح"
وجاءت تصريحات الرجوب ردّاً على بيان لـ"شبيبة حركة فتح"، طالبت فيه قيادة الحركة "بإعلان النفير العام، وبأن تفيق من سباتها"، مضيفة أن "تصريحات قادة الحركة لا تليق بقضيتنا العادلة وهبّة أبناء شعبنا المشرّفة".
كما طالبت "شبيبة فتح" الرئيس عباس "بإلغاء كل الاتفاقيات المعيبة والمشينة مع إسرائيل"، مشيرةً إلى أنه "لا دولة في ظل وجود الاحتلال الغاشم".
وأرجع رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل بلال الشوبكي ازدياد حدة المواجهات في الضفة الغربية إلى "وجود شريحة كبيرة في حركة فتح غير راضية عن توجّه قيادتها". إلا أنه أشار إلى إمكانية أن تكون تلك المواجهات والتصريحات "مجرد عملية احتواء للقاعدة الجماهيرية في فتح"، مضيفاً أن "التقارير الأمنية التي تُرفع للرئيس عباس لا تدفعه إلى اتخاذ إجراءات قوية، كما أن اندلاع انتفاضة في الضفة يعني فقدان السلطة الفلسطينية السيطرة عليها".