فجّر حديث شربل وهبة، وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال في لبنان مشاعر السعوديين لترتطم أمواج الغضب والسخرية بالاعتزاز برمال صحاري شبه الجزيرة العربية، بعدما حاول بازدراء إنهاء حوار تلفزيوني مع ضيف سعودي قائلاً "أنا بلبنان يهينني واحد من أهل البدو؟".
والحوار المتلفز الذي مرّ على بثه أكثر من 20 ساعة، لم تتركه وسائل التواصل الاجتماعي حتى شرّحته وفصّلت أجزاءه كاملة وإسقاطات واتهامات الوزير ضد السعودية، خصوصاً ودول الخليج بشكل عام برعاية الإرهاب ونعتهم بـ "البدو".
الغضب الشعبي
الموجة التي أغرقت وسائل التواصل الاجتماعي لساعات متواصلة، عبّر من خلالها السعوديون عن استيائهم من التصريح اللبناني واصفين مطلقه بـ "رأس الدبلوماسية اللبنانية"، مما دعا إلى استذكار وسرد مواقف العلاقات بين البلدين.
وفي السياق ذاته، غرّد فارس "هل كان يعلم شربل وهبة بأن حجم المساعدات التي قدمتها المملكة للبنان خلال الأعوام الماضية قدرت بـ70 مليار دولار بين مساعدات ومنح وهبات ومواد إغاثية، كأكثر دولة تقف بجانب لبنان في أزماته عبر التاريخ؟".
وتساءلت حصة عبدالله "البدوي الأصيل يا شربل وهبة قدم لوطنك بين عامي 1990 و2015 ما يناهز 70 مليار دولار بشكل مباشر وغير مباشر، وأنت هل قدمت لوطنك نصف ما قدمه البدوي؟"، في حين أشار أسامة "مساعدات أهل البدو لإنقاذ لبنان من الفساد السياسي تجاوزت سبعين مليار خلال 25 سنة".
فرصة لاستعراض الإنجازات
الغضب الشعبي الممتد لم يكن اللافت الوحيد لرد فعل مواطني مجلس التعاون الخليجي على التصريح المسيء، بل إن مواطني مجلس التعاون الخليجي حوّلوا السقطة الدبلوماسية اللبنانية إلى سخرية جهله بحضارة بلادهم، لينحتوا الإنجازات على منصات التواصل الاجتماعي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحول تلك الإنجازات، غرّد فهد "من ديار البدو انطلق أول رائد فضاء عربي مسلم وهو الأمير سلطان بن سلمان"، وعلّق المغرد البحريني خليفة الماجد "بلاد البدو اليوم من ضمن أكبر20 اقتصاداً في العالم"، إضافة إلى تداول صور حضارة الرياض ومدن السعودية وبعض عواصم الخليج.
وبعد ساعات من الموجة الشعبية، أخذت السعودية موقفاً رسمياً عبر وزارة الخارجية التي نددت واستنكرت تصريحات الوزير اللبناني، مؤكدة أن "تلك التصريحات تتنافى مع أبسط الأعراف الدبلوماسية ولا تنسجم مع العلاقات التاريخية بين الشعبين الشقيقين".
بيان من وزارة الخارجية بخصوص التصريحات المسيئة الصادرة من وزير خارجية الجمهورية اللبنانية في حكومة تصريف الأعمال pic.twitter.com/YKBNbhDOvA
— وزارة الخارجية (@KSAMOFA) May 18, 2021
وتبع تنديد الرياض مطالبة من مجلس التعاون الخليجي بتقديم اعتذار رسمي لدوله، إضافة إلى تسليم الخارجية الإماراتية والبحرينية والكويتية مذكرات احتجاج رسمية تضمنت رفضها للتصريحات المسيئة.
وزارة الخارجية تستنكر تصريحات وزير الخارجية والمغتربين اللبناني وما تضمنته من إساءات للمملكة العربية #السعودية ودول وشعوب مجلس التعاونhttps://t.co/falUsKPfrk pic.twitter.com/X9VBtrUqXN
— وزارة الخارجية (@bahdiplomatic) May 18, 2021
"حنا بدو مبطي تعدينا السحاب"
الدولة الخليجية التي تمثل غالبية شبه الجزيرة العربية وتؤطر شمالها وجنوبها صحاري النفوذ والربع الخالي حيث مكان البادية التي عشِقت الصعاب، ألهمت أبناءها الرد السريع، ليكون حديث وهبة دافعاً لمحمد الحربي الذي كتب قصيدة قال في مطلعها "حنا بدو مبطي تعدينا السحاب، وغيرنا تو مابدوا"، وذيّلها بـ "شعر البدوي محمد الحربي".
#حنا_بدو
إي نعم
حنّا بدو
ما نمدّ إلا السمان
ولا نردّ إلا عدو#شربل_وهبة pic.twitter.com/9r54aU7osL
— د. محمد علي الحربي (@mainharbi) May 18, 2021
ومن جانبه، غرد تركي آل الشيخ، رئيس هيئة الترفيه السعودية "أولاً أفتخر أني بدوي وأفتخر أني راعي غنم، الي على فكرة وظيفة أكثر من 25 رسول ومنها حبيبي رسول الله…".
وسلسلة التغريدات الشعبية تكاد لا تنتهي أبداً، إذ غرّد أبو سلمان "أفتخر بما كان عليه أبوي وجدي فهو قبل النفط عاش في بيئة فقيرة جداً لكنه تحمل التعب فعاش بكرامته".
ويبدو أن السعوديين ينتشون لوصفهم بالبداوة عكس ما حاول وهبة إيصاله، إذ استذكر المغردون قصيدة وطنية غُنيت في 1997، قال فيها الأمير عبد الرحمن بن مساعد " قال قايل ذولا بدو والنفط هو كل السبب... يا مخالف المعقول قل كل ما بتقول... عوايدنا نصد الغيض ونمسح دمعة المحزون".
وفي وسط الحماسة المشتعلة بين أوساط السعوديين، برزت للمرة الثانية صور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال كلمة دافوس التي ألقاها في مطلع العام الحالي من وسط خيمته في قلب "العلا" المدينة التراثية والتاريخية شمال غربي البلاد.
— (@Nadaalbuqami) May 18, 2021
والصور التي هيمنت على أخبار يناير (كانون الثاني) الماضي، رافقتها هذه المرة صور تاريخية لمؤسس البلاد الملك عبد العزيز آل سعود في خيمة بدوية تقليدية وقت استقبال الوفود الرسمية.
وفي الجانب الآخر من القصة، شهدت وسائل التواصل الاجتماعي اللبنانية أشبه بحالة تبرّؤ من حديث شربل وهبة ومحاولات تهدئة بين الشعبين، إذ قال إيلي صليبا، رئيس حركة شباب لبنان "أيها الوزير لم يمثل لا اللبنانين المقيمين ولا المغتربين للأسف علاقتنا بالسعودية أكبر من كلامك يلي ما بمثلنا".
وأكمل صليبا "البدو أهل شهامة وعزة ونخوة وليسوا كالتابعين المأجورين، المملكة العربية السعودية الشقيق الأكبر للدول العربية وقبلة المسلمين ولم تقصّر مع أي دولة شقيقة يوماً… المطلوب استقالة الوزير لتفادي تدمير العلاقات بين البلدين وما ينتج من ذلك من كارثة اقتصادية".