تكتظ مراكز استقبال اللاجئين على السواحل القبرصية بالمهاجرين السوريين، إثر زيادة واسعة ومفاجئة لأعدادهم خلال أسبوع، ما استدعى نيقوسيا إلى إعلان حالة الطوارئ سعياً للحد من التدفق المتزايد والمرجح في الأيام المقبلة.
أجواء مؤاتية
يبدو لافتاً في الفترة الأخيرة إبحار طالبي اللجوء عبر شواطئ غير معتادة، وتحديداً من طرطوس غرب سوريا، ما يُعدّ تغييراً في خريطة سير الهجرة غير الشرعية للسوريين، الذين اعتادوا خلال السنوات الخمس الماضية، الإبحار من الشواطئ التركية في قوارب صيد خشبية أو مطاطية صغيرة، يطلق عليها الفارون من لظى الحرب "قوارب الموت" أو "البلم".
كما يعزو مراقبون تزايد أعداد المهاجرين خلال الأيام القليلة الماضية لأسباب عدة، أبرزها الإغلاق المحدود للسواحل التركية وهدوء الأمواج مع تحسن الطقس في هذه الفترة من السنة، بينما يرى متابعون أن مواسم رحلات الهجرة غير الشرعية في نهاياته، إذ ستغلق أوروبا أبوابها بوجه هؤلاء المهاجرين قريباً.
حالة إرباك وقبرص تستنجد
في المقابل، أصدرت الحكومة القبرصية بياناً وجهته إلى المفوضية الأوروبية تطرقت به إلى حالة البلاد، وعدم امتلاكها الإمكانيات الكافية لاستقبال مزيد من المهاجرين. وطلب البيان المساعدة الأوروبية في إعادة الأشخاص الذين تُرفض طلبات لجوئهم. وقال وزير الداخلية القبرصي نيكوس نوريس إن حكومته رفضت 4 آلاف من طلبات اللجوء التي قُدمت منذ يناير (كانون الثاني) مطلع العام الحالي.
في الجهة المقابلة، أعلنت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة وصول أكثر من 12 ألفاً من طالبي اللجوء السوريين إلى قبرص منذ عام 2011، مُنح 8500 منهم الحماية الدولية التي توفرها القوانين المرعية في هذا الشأن.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مصير مجهول
في غضون ذلك، يواجه المهاجرون مصيراً مجهولاً، بعدما يكونوا اضطروا لتكبّد مشاق السفر ومواجهة خطر الموت واستغلال المهرّبين الذين يتقاضون آلاف الدولارات مقابل توصيلهم إلى بر الأمان. كما أن بعض الدول الأوروبية بدأت تمهّد طريق العودة للديار، إذ قررت الدنمارك إعادة كل السوريين اللاجئين لديها إلى بلدهم ومدنهم التي تنعم بالاستقرار ومنها العاصمة دمشق وريفها.
وتحدث الناشط الحقوقي في مجال شؤون اللاجئين، محمد الحجي، حول "ما تشكله قضية الهجرة غير الشرعية من مصدر قلق لدى الدول المستقبِلة للهاربين من دول الصراعات المسلحة، وأبرزها التحديات الأمنية والمالية المتزايدة، لكن في المقابل، بدأت هواجس العودة ورفض طلبات اللجوء، تكبر وتتسع بالنسبة للمهاجرين". وأضاف الحجي أن "لاجئين كُثراً يعيشون اليوم أشبه بكابوس إثر إلغاء إقامتهم"، بينما رأى أن رفض طلبات اللجوء في اليونان يعود إلى "ارتفاع عدد مقدميها بشكل لا يمكن استيعابه بالإمكانيات المتاحة، واعتبار أن مدناً سورية باتت تعيش اليوم حالة استقرار وأمن".
حلول مسعِفة وقانونية
وارتفعت نسبة طلبات اللجوء في الأربع سنوات الماضية إلى قبرص، التي تبعد عاصمتها 160 كيلومتراً عن الشواطئ السورية. وشكّل النازحون في قبرص أعلى نسبةً قياساً بعدد السكان، بين دول الاتحاد الأوروبي، مع 4 في المئة، وفق إحصائيات من الأمم المتحدة.
وشرح الناشط الحجي مجموعة إجراءات يمكن أن يلجأ إليها المهاجرون عقب رفض طلبهم اللجوء، أبرزها "تقديم طعن بالرفض عبر محامٍ أو يقدم طالب اللجوء الطعن بنفسه وفق الأنظمة المتاحة في بلد اللجوء، حيث تعود دائرة الهجرة إلى دراسة ملفه مجدداً، وقد يحظى بالقبول إن كان ذلك متاحاً من قبلهم". وأضاف "من الممكن أن يتواصلوا أيضاً مع ممثلي المنظمات الإنسانية والدولية والجمعيات التي تساعدهم".
لعل الوضع السوري بات صعباً جداً في الآونة الأخيرة مع تزايد الضغط من قبل الأحزاب المتطرفة والتململ الأوروبي من العبء الكبير الذي تفرضه تداعيات وصول أعداد متزايدة من المهاجرين، لا سيما بعد الضائقة المالية التي تمر بها الدول المستقبِلة إثر جائحة كورونا.