تنبئ المعلومات المتواترة في الشمال السوري بانسحاب القوات التركية وفصائل درع الفرات بعد هجوم شنته على بلدتَي مرعناز والمالكية في ريف حلب الشمالي. وترافق ذلك مع تبدل سريع في مواقع الاشتباك في ساعات الفجر الأولى من 5 مايو (أيار)، على خلفية عملية واسعة تجهز لها أنقرة، في حين تستعد إدلب، شمال غربي سوريا، لمعركة واسعة النطاق.
في ضوء ذلك، يبدو الاتفاق الروسي التركي لإقامة منطقة منزوعة السلاح، الموقّع في مدينة سوتشي الروسية، على المحك، خصوصاً على إيقاع المعارك وأعداد القتلى.
وتفيد معلومات من مصادر كردية عن حالة تأهب عالية في صفوف قوات سوريا الديمقراطية- قسد، لرد هجوم تركي واسع على وشك الانطلاق ثانية. فيما يرى مراقبون أن لا تخوف كردياً من نية أنقرة شن حملة عسكرية واسعة النطاق تستهدف مناطق وجودهم في القطاع الشمالي من ريف حلب، لاستكمال طوقها الأمني وسعياً إلى ترسيم منطقة آمنة.
الأكراد والعرب
يأتي المستجد الميداني بعد يوم واحد من مؤتمر العشائر في مدينة عين عيسى، 3 مايو، على خلفية نزاع بين عشائر عربية وكردية سارعت الأخيرة إلى وقفه واستيعابه حفظاً للسلم الأهلي ومنعاً لانفجار يقوّض سيطرة الأحزاب الكردية على المنطقة الشمالية.
ودافع في المؤتمر قائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبادي، عن قوات التحالف والقوات الروسية التي تدعم قواته في معاركها ضد الفصائل السورية المعارضة والمتطرّفة على حد سواء. وأكد عدم عودة الأكراد إلى ما قبل العام 2011، رافضاً حل المشاكل من طريق المصالحات أو أساليب أخرى.
وقد اعتُبر حديث قائد قسد رداً على الخيارين اللذين طرحتهما دمشق، في 17 مارس (آذار)، بشأن رفضها وجود ميليشيات مسلحة شمالاً خارج إطار الدولة. فيما ردت الخارجية السورية عبر مصدر مسؤول بالقول إن مؤتمر العشائر "التقاء العمالة والخيانة والارتهان".
عودة الأراضي وعمليات قتالية
وبينما يتعهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتسليم كل الأراضي إلى أصحابها الحقيقيين، تتحرك واشنطن لعقد مفاوضات ومؤتمر للمعارضة السورية بحضور ممثلي دول عربية. ووفق المبعوث الأميركي جيمس جيفري فإن الملتقى سيكون في السعودية وتحت اسم الرياض 3، واللافت هو انضمام الأكراد إليه. ويتوقع البعض أن يشكل هذا المؤتمر فرصة للقاء الأكراد والمعارضة السورية لمناقشة القضايا الخلافية.
ميدانياً، في ريفَي حماه وإدلب، تتفجر العمليات القتالية بين الجيش السوري وتنظيمات مسلحة أبرزها هيئة تحرير الشام. وتتأهب السلطة السورية لوضع حد للاختراقات المتكررة على حدود خفض التصعيد بحسب مصادر مطلعة والتي رأت أن ردَّ دمشق عسكرياً سيكون قاسياً على كل الجبهات التي وصفتها بالإرهابية، فيما غادر نحو 40 ألف مدني من إدلب خلال ثمانية أيام على وقع العمليات القتالية، بحسب معارضين.
ويزداد التوتر على جبهة خفض التصعيد مع حشود من الأطراف كافة، متزامنة مع رمايات مدفعية نفذها الجيش السوري على محاور تسلّل منها عناصر تتبع لتحرير الشام المصنفة إرهابية، والتي تحشد تشكيلاتها المسلحة جنوب إدلب في منطقة خفض التصعيد، ولا تستبعد أن تشن هجوماً واسعاً على مدينة حماه وفق ما أعلنت وزارة الدفاع الروسية.
الطائرات المسيرة
روسيا المتأهبة للعملية العسكرية منتظرة ساعة الصفر تضع نصب عينيها وقف التهديد المستمر على قاعدتها العسكرية في مطار حميميم، وخصوصاً من جانب هيئة تحرير الشام وتنظيم حراس الدين على أطراف محافظة إدلب.
وتتوجس القوات الروسية على الدوام من الطائرة المسيّرة من بعد (درون)، فيما شهد الأسبوع الفائت أوسع عملية قصف بصواريخ غراد 40 كيلومتراً من قرى جسر الشغور القريبة من القاعدة الروسية. ويرى مراقبون أن واقع الحال سيدفع موسكو إلى التفكير جدياً بعملية عسكرية تبعد الصواريخ عنها ما بين 20 و25 كيلومتراً في السيطرة على ريف حماه الشمالي.