في وقت تتواصل فيه الجهود الأميركية والدولية والعربية لضمان استمرار التهدئة بين إسرائيل وغزة، تواصل تل أبيب تهديداتها العسكرية تجاه القطاع، وأعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، في اليوم الأول من تمديد فترة ولايته لسنة إضافية، أنه أصدر تعليماته للقوات العسكرية بالاستعداد لإمكانية استئناف القتال في غزة خلال الفترة القريبة المقبلة.
وتتواصل الاتصالات الإسرائيلية - المصرية حول سبل الحفاظ على التهدئة، وسيلتقي وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكنازي، مطلع الأسبوع المقبل، نظيره المصري سامح شكري، في القاهرة لبحث الموضوع والتفاهم حول كيفية ضمان تهدئة طويلة المدى مع حركة "حماس".
في موازاة ذلك، كشف تقرير إسرائيلي عن الترسانة الصاروخية الضخمة لحركة "حماس"، مرجحاً أنها فقدت خلال عملية "حامي الأسوار" (التسمية التي اعتمدتها إسرائيل للمواجهة الأخيرة مع غزة) نحو 40 في المئة من هذه الترسانة إضافة إلى حيازتها، حالياً، معدات قتالية أخرى، فاجأت إسرائيل خلال العملية الحربية الأخيرة.
وفيما صعد العسكريون والسياسيون الإسرائيليون تهديداتهم تجاه غزة و"حماس"، تجاوز تهديد وزير الأمن بيني غانتس، الحدود الجنوبية نحو الشمال، معلناً أن لدى جيش إسرائيل "بنك أهداف في لبنان يفوق بكثير ما لديه في غزة".
وفي ظل هذه الأجواء الحربية في إسرائيل، أكد تقرير جديد أن الجيش الإسرائيلي غير قادر حتى على خوض حرب إقليمية تشارك فيها جبهتا الجنوب والشمال فقط.
اتفاق تهدئة بأسرع وقت
ومنذ وقف إطلاق النار، واصلت المؤسستان السياسية والأمنية في إسرائيل البحث حول سبل التعامل مع غزة و"حماس" بعد عملية "حامي الأسوار"، في موازاة استمرار النقاش مع جهات خارجية.
وبعد زيارة وزيري الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، والبريطاني دومينيك راب، وبحث سبل الحفاظ على تهدئة طويلة المدى، إضافة إلى مختلف القضايا الأمنية، أجرى وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكنازي، اتصالات مع نظيره المصري، سامح شكري، واتفقا على لقاء، علم أنه سيجري مطلع الأسبوع المقبل في القاهرة. وسيشارك في هذه الزيارة مندوبون عن مجلس الأمن القومي والدائرة السياسية – الأمنية في وزارة الأمن الإسرائيلية.
ونقل عن مسؤول سياسي أن إسرائيل تعتبر مصر عاملاً مركزياً لما تملكه من قدرة على ممارسة الضغوط على "حماس" لإقناعها بالموافقة على المطالب الإسرائيلية بالتوصل إلى اتفاق تهدئة طويلة المدى.
الجيش الإسرائيلي يستعد للمعركة المقبلة
وفي ظل الأوضاع الأمنية التي تشهدها إسرائيل وغزة، تم تمديد فترة رئيس أركان الجيش، أفيف كوخافي، لمدة سنة. وفي المداولات التي أجرتها المؤسستان الأمنية والعسكرية، وخلال اتخاذ قرار تمديد ولايته، ذكر كوخافي أنه أصدر تعليمات للجيش لمباشرة الاستعداد لاحتمال استئناف القتال في غزة خلال الفترة القريبة المقبلة، إلى جانب تكييف الخطط العملياتية وإعداد بنك أهداف أخرى لسلاح الجو والجيش الإسرائيلي. كما أعلن عن مشاركة شعبة الاستخبارات العسكرية في الخطط العملياتية واستعدادها لاحتمال القتال.
ودعت شعبة الاستخبارات المسؤولين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين إلى عدم إطلاق تصريحات، خصوصاً بما يتعلق بتحقيق الردع تجاه "حماس"، لضمان تهدئة طويلة. وبحسب شعبة الاستخبارات فإن تحقيق الردع وتثبيته سيستغرق وقتاً طويلاً.
وفي مقابل بحث هذا الجانب، تطرق الإسرائيليون إلى ضرورة إعمار غزة اعتقاداً أن خطوةً كهذه من شأنها أن تذلل العقبات للتوصل إلى صفقة لإعادة جثتي الجنديين، هدار غولدن وأورون شاؤول، المحتجزتين في غزة، وإعادة المواطنين الإسرائيليين الثلاثة المحتجزين أيضاً.
إسرائيل غير قادرة على خوض حرب إقليمية
وتطرقت الأبحاث الإسرائيلية حول الوضعية الحالية تجاه غزة، إلى الأوضاع الأمنية في المنطقة وتجاه لبنان و"حزب الله"، على وجه الخصوص.
وفي حين تحدث غانتس عن بنك أهداف إسرائيل في لبنان، معتبراً أنه أكبر بأضعاف مما وضعه الجيش الإسرائيلي في غزة قبل إطلاق عملية "حامي الأسوار"، حذر تقرير إسرائيلي من أي تصعيد يؤدي إلى مواجهات إقليمية، مشيراً إلى أن إسرائيل غير مستعدة لمثل هذه المواجهات، فيما تحدث تقرير آخر عن تطوير وتعزيز قدرات "حماس" العسكرية وإمكاناتها الكبيرة على إطلاق صواريخ مكثفة ويومية تصل حتى تل أبيب. كما حذرت المخابرات الإسرائيلية من مخاطر مواجهات جديدة مع "حماس"، خلال الفترة القريبة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي تقرير حول مدى قدرة إسرائيل على خوض حرب إقليمية، ذكر أن سلاح الجو الإسرائيلي أثبت في العملية الحربية "حامي الأسوار"، أنه غير قادر وحده على حسم المعركة. وجاء في التقرير أنه "يجري الحديث منذ سنوات عن أن سلاح الجو يشكل ذراعاً استراتيجية لإسرائيل، لكن ما تبين هو أنه لا يملك القدرات الكافية، بل إن هذه القدرة شبه معدومة أمام القذائف، وبالتأكيد أمام الصواريخ".
وانتقد التقرير التعامل مع سلاح البحرية الإسرائيلي، مشيراً إلى أنه أهمل وتدهور، "والآن هو على وشك الاستهلاك، حيث ينظر إلى سلاح الجو على أنه جيش الدولة، من خلال منطق مشوه يقول إنه يمكن الانتصار في حرب ومنع خسائر في الأرواح بمساعدة سلاح الجو وحده. الآن نحن ندفع بسبب ذلك ثمناً باهظاً جداً".
وفي تلخيص لعملية "حامي الأسوار" ضد "حماس"، أشار التقرير الإسرائيلي إلى أن الحديث يدور لدى الحركة عن انتصار في المعركة وتبني توجه جديد وجريء. ويضيف التقرير "بسبب ذلك، "حماس" تحصل على التعاطف الكبير من دول معادية لنا وفي أوساط عدة في العالم. الجولة الأخيرة لم تمنعها هي و"الجهاد الإسلامي" من خوض جولات أخرى، لأن طموحهم هو التسبب باشتعال إقليمي شامل، يشمل انتفاضة ثالثة في الضفة وصدامات بين العرب (فلسطينيي 48) واليهود داخل إسرائيل، ما سيجر إلى المعركة أيضاً "حزب الله" والميليشيات الشيعية في اليمن والعراق وسوريا. من هنا تكون المسافة قصيرة إلى حرب إقليمية بإدارة إيران".
وخلافاً لغزة. يقول التقرير، "في حرب متعددة الجبهات سيتم إطلاق آلاف الصواريخ والقذائف على إسرائيل من مناطق واسعة ومن مسافات تبعد مئات الكيلومترات. إن حجم سلاح الجو لن يمكنه من مهاجمة مناطق واسعة كهذه في الوقت ذاته. وحتى في الأماكن التي سيهاجمها، فهو لا يستطيع وقف استمرار إطلاق الصواريخ والقذائف، مثلما لم ينجح في ذلك في الحرب الأخيرة مع غزة، إذ إن إطلاق الصواريخ على الجبهة الداخلية الإسرائيلية سيستمر دون توقف من جميع الاتجاهات، من الشمال ومن الجنوب ومن الشرق. في كل يوم سيتم إطلاق آلاف الصواريخ والقذائف على مراكز السكان وبنى تحتية وأهداف استراتيجية، وهي صواريخ تعتبر قوة تدميرها أكبر بعشرات الأضعاف من صواريخ "حماس". سيتم إطلاق صواريخ دقيقة تحمل رؤوس متفجرة لمسافة مئات الكيلومترات. ووفق المعلومات الاستخبارية يوجد لدى "حماس" صواريخ ثابتة وغير دقيقة، يحمل أكبرها رأساً متفجراً بوزن 90 كيلوغراماً، في حين أنه توجد لدى "حزب الله" صواريخ دقيقة مع رؤوس متفجرة بوزن 500 كيلوغرام وأكثر"، وفق التقرير الإسرائيلي.
في تقدير إسرائيل يوجد لدى من تعتبرهم أعداء 250 ألف صاروخ وقذيفة، ما يمكنهم من محاربتها لأسابيع وحتى أشهر. في المقابل، وفق التقرير الإسرائيلي، "لا يوجد لدى إسرائيل مخزون كافٍ من الصواريخ المضادة لصواريخ أرض – أرض التي توجد لدى العدو، بسبب تكلفتها الباهظة. واذا لم يوقف سلاح الجو إطلاق "حماس" الصواريخ فالمؤكد أنه لن يستطيع وقف إطلاقها في حرب متعددة الجبهات في مساحات أوسع وأبعد. الكثير من صواريخ العدو تم تركيبها على منصات 250 إطلاق متحركة، تغير مكانها بعد عملية الإطلاق ويصعب جداً تحديد موقعها وتدميرها. ومن المفروغ منه أن الكثير من هذه الصواريخ تم تخزينها عميقاً تحت الأرض".
أما بالنسبة إلى "حماس"، فقدر جهاز الأمن الإسرائيلي، قبل "حامي الأسوار"، أن لدى الحركة 15 ألف صاروخ، أكثر من ألف منها بمدى متوسط يصل إلى أكثر من 50 كيلومتراً. وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أنه تبقى لدى الحركة اليوم 60 في المئة من ترسانتها الصاروخية.