بفضل إعطاء ملايين اللقاحات بسرعة قياسية، حقق برنامج تطعيم "كوفيد" نجاحاً باهراً. لكنه أسفر عن نتيجة غير متوقعة كذلك.
إذ بدأت بعض النساء يتساءلن أكثر فأكثر إن كانت حاجاتهن الصحية ثانوية.
وطُرحت هذه الأسئلة حين تبين أن لقاح "أسترازينيكا" مرتبط بنوع نادر جداً من تجلط الدم.
ويُحسب لهيئة الخدمات الصحية الوطنية أنها تحركت بسرعة. فأعلنت اللجنة الحكومية الرسمية المشتركة المعنية بالتلقيح والتحصين أنها سوف تتصرف بحذر شديد وأخبرت كل الأشخاص دون الثلاثين من العمر أنهم سيتلقون لقاحاً مختلفاً عن "أسترازينيكا" حين يحين دورهم.
لكن في غضون ساعات قليلة فقط، كانت آلاف النساء قد اتجهن إلى "تويتر" وغيرها من منصات التواصل الاجتماعي من أجل تسليط الضوء على المخاطر المعروفة والمتعلقة بتجلطات الدم وحبوب منع الحمل.
وأشارت إحداهن ببلاغة إلى أنهن يعرفن الآن لماذا لم تصنع حبوب للرجال. ذلك لأنه لا يُتوقع من الرجال أن يتحملوا خطراً كهذا، بل ذلك منتظر من النساء فقط.
وخلال الأيام التالية، فتح هذا الموضوع نقاشاً في المجلات النسائية والصحف الوطنية بشأن المخاطر والفوائد المرتبطة بمنع الحمل، كما بشأن التوقعات العامة من المرأة في القرن الحادي والعشرين.
بعد ذلك بأسابيع قليلة فقط، واجهت مجموعة أخرى من النساء مشكلة غريبة ظاهرياً في الحصول على لقاحات "كوفيد".
فبعد الإعلان المتعلق بمن هم دون سن الثلاثين، قالت اللجنة المشتركة المعنية بالتلقيح والتحصين إنه يُفضل أن تأخذ الحوامل لقاحاً غير "أسترازينيكا". قد تعتقدون بأن الأمور صريحة ومباشرة إلى حد الآن. لكن في هذه المرحلة، دخلت النساء الحوامل كابوساً بيروقراطياً. إذ تلقين رسالة نصية تدعوهن لأخذ اللقاح. لكن عندما دخلن خدمة حجز مواعيد اللقاح الوطنية، لم يجدن أي طريقة لكي يوضحن أنهن حوامل. والأسوأ بعد، عندما اتصلن بخط المساعدة 119، أحالهن إلى أطبائهن العامين، مؤكداً لهن أنهم قادرون على مساعدتهن. لكن الأطباء العامين تفاجأوا كلياً وأخبروا النساء بأنهم لا يملكون أي معلومات عن أي مكان أو أي وقت يمكنهن فيه الحصول على لقاح بديل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي حال من اليأس بدأت النساء بجمع المعلومات من مجموعات "واتساب" والمنتديات، حيث تنتشر الإشاعات. أجلت بعضهن التلقيح خوفاً من الذهاب في رحلة طويلة في آخر فترة الحمل والتعرض للرفض [رفض تطعيمهن] بعدها. فيما قررت أخريات الإنجاب أولاً، لكن الأطباء حذروهن من أخذ اللقاح قبل مرور ثمانية أسابيع على الإنجاب، من دون أن يعطوهن سبباً طبياً واضحاً.
وقد اعترض الأطباء العامون أنفسهم. وقال ريتشارد فوتري، رئيس لجنة الأطباء العامين في الجمعية الطبية البريطانية لـ"اندبندنت"، "لا يمكن أن تعرض عيادات الأطباء العامين خيارات لقاحات على الحوامل. لم تكن يوماً قادرة على ذلك. لم يوضع نظام يسمح لها بفعل ذلك".
وفي نهاية المطاف تغير النظام حين أُعلن فحسب أن الأشخاص دون سن الأربعين، الذين كان موعد تلقيحهم قد اقترب، يجب أن يحصلوا على لقاح مختلف عن "أسترازينيكا" كذلك.
أو أن النظام تغير، على ما لاحظت بعض النساء، حين بدأ أخيراً بالتأثير في مجموعة أخرى من الأشخاص… الرجال.
هل هذه الانتقادات مبررة؟ وهل هناك ما يستدعي قلق النساء في ما يتعلق بطريقة النظر إلى حاجاتهن الصحية؟ إن الأمر المؤكد الوحيد هو أن المخاوف حقيقية وتشكل تحدياً حقيقياً بالنسبة لهيئة الخدمات الصحية الوطنية.
لماذا؟ لمعرفة ذلك علينا النظر إلى برنامج التطعيم نفسه. فقد سلط الضوء على الأكلاف التي قد تؤثر فينا جميعاً حين تشعر مجموعات معينة في المجتمع أن النظام لا يخدمها.
© The Independent