تحول جبل صبيح جنوب شرقي نابلس (شمال الضفة الغربية) إلى ميدان مواجهة شبه يومية بين الفلسطينيين والمستوطنين الذين يحاولون ترسيخ بؤرة استيطانية صغيرة أقاموها قبل أسابيع عدة على قمة الجبل المشرف على الطريق الرئيس بين نابلس ورام الله.
وهذه هي المرة الرابعة التي يضع فيها المستوطنون بيوتاً متنقلة على قمة الجبل، حيث أقام الجيش الإسرائيلي معسكراً له، قبل أن يُجبرهم أصحاب الجبل من الفلسطينيين ومتضامنون معهم على إزالتها.
واستغل المستوطنون الإسرائيليون "هبّة القدس" الأخيرة وحرب غزة ليعودوا قبل أسابيع بحماية الجيش الإسرائيلي إلى قمة الجبل، بمنازل متنقلة ضمن خطة لترسيخ وجودهم، وتحويل المكان إلى مستوطنة دائمة. ويقع جبل صبيح بين 3 قرى فلسطينية هي، قبلان ويتما وبيتا، جنوب نابلس. وتعود ملكية الجبل لفلسطينيين من القرى الثلاث، يملكون وثائق تثبت ذلك ولطالما أبدوا استعدادهم لتقديهما عبر المحاميين إلى المحاكم الإسرائيلية.
ويشهد الجبل بشكل شبه يومي مواجهات بين الفلسطينيين والمستوطنين المحميين بالجيش الإسرائيلي، تزداد عنفاً يومَي الجمعة والسبت، أسفرت عن سقوط ثلاثة قتلى فلسطينيين هم، عيسى برهم وهو وكيل نيابة ويحمل شهادة الدكتوراه، وزكريا حمايل وهو أستاذ مدرسي، وطارق صنوبر، بالإضافة إلى عشرات الجرحى والأسرى.
وتخرج القرى الثلاث، بخاصة بيتا، في مسيرات سلمية حاشدة، ما تلبث أن تتحول إلى مواجهات يستخدم خلالها الفلسطينيون الحجارة والجيش الإسرائيلي الرصاص الحي وقنابل مسيلة للدموع.
وقال الجيش الإسرائيلي إن مئات الفلسطينيين ألقوا الحجارة وأشعلوا النيران في مساحات من الأرض، لافتاً إلى أنه استخدم "وسائل تفريق أعمال الشغب ورصاص معدني مغلف بالمطاط".
"لن نهدأ"
وفي حين رفض الجيش الإسرائيلي الإجابة عن تساؤلات حول سبب وجود المستوطنين على الجبل، وعما إذا كان سيتحرك لإجلائهم من هناك، قال القيادي الميداني في حركة فتح منور عبد الرحمن "لن نهدأ، ويطمئن لنا بال إلى أن تتم إزالة البؤرة الإستيطانية حتى لو كلفنا ذلك أرواحنا"، مضيفاً أن للفلسطينيين "عزيمة من حديد على إخراج المستوطنين من الجبل كي لا يتحول إلى مستوطنة دائمة تعزل شمال الضفة الغربية عن جنوبها وتحول القرى الفلسطينية إلى جزر معزولة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار عبد الرحمن من أسفل جبل صبيح، إلى أن "قرية بيتا ستبقى عصية على الاستيطان لأنها دفعت الثمن من أرواح أبنائها ومن حريتهم، وسنواصل الدفاع عنها بشكل سلمي، ودون سلاح، وبصدورنا العارية".
واستعان الفلسطينيون في الضفة الغربية بسلاح "الإرباك الليلي" من قطاع غزة، كأسلوب لإجبار المستوطنين على الرحيل عن جبل صبيح بشكل سلمي، ففي كل ليلة يُشعل الفلسطينيون إطارات السيارات في محيط قمة الجبل، ويطلقون الألعاب النارية وصيحات التكبير لبث الذعر والخوف بين المستوطنين الذين وجدوا أنفسهم محاطين بالنيران أكثر من مرة.
تحرك واسع
وقال مسؤول ملف مقاومة الاستيطان في شمال الضفة الغربية غسان دغلس، إن "التحرك الشعبي لمواجهة المستوطنين في جبل صبيح كبير جداً ويشبه أيام الانتفاضة الأولى"، مشيراً إلى أن الفلسطينيين بجميع فئاتهم يخرجون في المسيرات السلمية".
وشدد دغلس على أن الفلسطينيين "أقسموا اليمين على مواصلة تحركهم حتى إزالة البؤرة الاستيطانية خشية تحولها إلى مستوطنة دائمة". وأوضح أن الحكومة الإسرائيلية هي "حكومة استيطان، وتسعى إلى افتعال أزمات"، مضيفاً أن الجيش الإسرائيلي "يمتلك أوامر لقتل الفلسطينيين في تلك المسيرات السلمية".
وكان الجيش الإسرائيلي أزال الثلاثاء الماضي، بؤرةً استيطانية أقامها مستوطنون في خربة شحادة، غرب سلفيت، وسط الضفة الغربية، بعد احتجاجات فلسطينية دفعت "الإدارة المدنية الإسرائيلية" إلى إصدار أمر بذلك.