بعد نحو 8 سنوات من التقاضي، أيدت محكمة النقض المصرية أحكاماً "نهائية واجبة النفاذ وغير قابلة للطعن" بإعدام 12 شخصاً بينهم قياديون في جماعة "الإخوان المسلمين" التي تصنفها السلطات "إرهابية"، في القضية المعروفة باسم "فض اعتصام رابعة العدوية عام 2013"، فيما خففت عقوبة 31 شخصاً من الإعدام إلى السجن المؤبد.
وشملت أحكام الإعدام، التي طالبت الجماعة بـ"وقف تنفيذها"، كل من: صفوت حجازي، ومحمد البلتاجي وعبد الرحمن البر، وأسامة ياسين وأحمد عارف وإيهاب وجدي محمد، ومحمد عبدالحي، ومصطفى عبدالحي الفرماوي، وأحمد فاروق كامل وهيثم السيد العربي، ومحمد محمود علي زناتي، وعبدالعظيم إبراهيم محمد، فيما انقضت الدعوى بالنسبة للقيادي الإخواني عضام العريان لوفاته، وحكم بالسجن المؤبد (25 عاماً) لآخرين على رأسهم مرشد الجماعة محمد بديع، وباسم عودة وزير التموين خلال فترة حكم الرئيس السابق محمد مرسي.
وفي سبتمبر (أيلول) 2018 قضت محكمة جنايات مصرية بإعدام 75 من أنصار الرئيس الراحل المنتمي لجماعة الإخوان المسملين، محمد مرسي بعد إدانتهم بالقتل ومقاومة قوات الأمن أثناء فض اعتصامي "رابعة والنهضة"، كما شملت أحكام المحكمة السجن 15 عاماً لـ374 متهماً، والسجن 10 سنوات لمتهم واحد هو أسامة مرسي، ابن الرئيس السابق، والسجن 5 سنوات لـ215 متهماً.
أحكام نهائة واجبة النفاذ
بحسب مصادر قضائية مصرية تحدثت لـ"اندبندنت عربية"، فإن الأحكام الأخيرة التي أصدرتها محكمة النقض المصرية، أعلى سلطة قضائية، تعتبر أحكاماً نهائية غير قابلة للطعن، ما لم يتدخل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وفق الصلاحيات الممنوحة له دستورياً، في مدة 14 يوماً، لوقفها.
وبحسب القانون المصري، فإن حكم الإعدام لا ينفذ إلا بعد تصديق رئيس الجمهورية عليه، حيث تنص المادة 470 من قانون الإجراءات الجنائية على أن لرئيس الجمهورية الحق في العفو أو تخفيف العقوبة، وينفذ الحكم بالإعدام إذا لم يصدر العفو، أو إبدال العقوبة من الرئيس خلال 14 يوماً. ما يعني أنه بعد انقضاء تلك المدة يصبح الحكم بالإعدام باتاً وينفذ الحكم.
ووفق المادة 155 من الدستور المصري، فإنه "في حالة صدور حكم نهائي بالإعدام يحق لرئيس الجمهورية إصدار قرار العفو عن العقوبة كلياً أو تخفيف الحكم فيها بعد أخذ رأي مجلس الوزراء، وفي حال لم يصدر أي قرار بعفو رئاسي للمتهم بإلغاء العقوبة أو تخفيفها، خلال فترة 14 يوماً، يتم تحديد موعد تنفيذ الإعدام بقرار من النيابة العامة وتقوم مصلحة السجون في وزارة الداخلية بتنفيذ الحكم".
اتهامات القضية
وتعود القضية محل الاتهام إلى عام 2013، عندما اعتصم الآلاف من أنصار جماعة الإخوان المسملين في ميدان رابعة بمنطقة مدينة نصر (شرق العاصمة) وميدان النهضة بمحافظة الجيزة، احتجاجاً على الإطاحة بمرسي إثر مظاهرات واسعة طالبت برحيله.
وفي 14 أغسطس (آب) 2013، كانت السلطات المصرية قد فضت اعتصامي "رابعة والنهضة" لأنصار جماعة الإخوان ما أسفر عن مقتل العشرات من الجانبين، وفق تقارير محلية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعليه، وجهت النيابة العامة المصرية للمتهمين الذين تحاوز عددهم 600 شخص، تهماً من بينها "تدبير تجمهر مؤلف من أكثر من 5 أشخاص بمحيط ميدان رابعة العدوية من شأنه أن يجعل السلم والأمن العام في خطر، والقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وقطع الطرق"، كما أدين الأشخاص الذين صدرت بحقهم أحكام بالإعدام بتهم من بينها "تسليح عصابات إجرامية هاجمت المواطنين وقاومت رجال الشرطة، وحيازة أسلحة وذخائر ومواد تدخل في تصنيع القنابل". وشملت التهم كذلك، "قتل رجال الشرطة ومقاومة السلطات واحتلال الممتلكات العامة وتدميرها".
ويعد حكم الإعدام الحالي، الأول "الواجب النفاذ" بحق قياديين في الصف الأول من جماعة الإخوان منذ صيف 2013، وسابقاً قالت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشيل باشليت إن قرار المحكمة "نتاج محاكمة غير عادلة"، وهو الأمر الذي ترفضه السلطات المصرية وتقول، إن الأحكام السابقة بالإعدام لم تصدر إلا بعد جلسات محاكمة مطولة، توفرت فيها كل ضمانات المحاكمات العادلة، مشددة على "نزاهة القضاء وعدم تسيسه".
ويقول أحمد سلطان، الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، إن "أحكام الإعدام المؤيدة من قبل محكمة النقض تؤكد ثبوت الأدلة على المتهمين بارتكاب الجرائم والتهم التي وجهت لهم على مدار السنوات الماضية"، موضحاً، أن صدور الأحكام من محكمة النقض وهي أعلى درجة للتقاضي في البلاد، بالإجماع، تعني اتفاق هيئة المحكمة وإيمانها الكامل بما أثبتته أدلة الاتهام وعدم اعتراض أطرافها على تلك الأحكام. مشيراً إلى أن بعض المتهمين خففت بشأنهم الأحكام من الإعدام إلى المؤبد، من قبل المحكمة نفسها.
وذكر سلطان، فيما يتعلق بترويج جماعة الإخوان لاعتبار الأحكام الصادرة "سياسية وليست جنائية" فهي "لا تتجاوز كونها محاولة للتنصل من الجرائم التي ارتكبت على مدار السنوات الماضية"، موضحاً، "لا تزال الجماعة تحاول التسويق لنفسها باعتبارها فصيلاً سياسياً وتسعى لاستغلال مثل تلك الأحكام لدى المنظمات الحقوقية للتنديد بها على أمل بدعم موقفها المتأزم".
الجماعة تطالب بـ"وقف التنفيذ"
في غضون ذلك، وفيما طالبت منظمة العفو الدولية السلطات المصرية بإعادة محاكمة مدانين بارتكاب جرائم عنف بشكل "عادل ونزيه" من دون اللجوء إلى عقوبة الإعدام، أعلنت جماعة الإخوان المسلمين، الثلاثاء، رفضها الشديد لأحكام الإعدام، ووصفتها بـ"الانتقامية والجائرة"، محملة في بيانها من سمتهم "أصحاب المواقف السلبية المسؤولية أمام الله ثم أمام التاريخ".
وطالبت الجماعة في بيان لها "العالم الحر بكل مؤسساته ومنظماته" بوقف تنفيذ هذه الأحكام وإلغاء كافة الأحكام "المفتقدة لأدنى درجات المصداقية والخالية من العدالة والنزاهة"، وفق تعبيرها.
بدورها أدانت "مؤسسة مرسي للديمقراطية" (مقرها لندن) الأحكام، التي شملت أسامة مرسي نجل الرئيس السابق، معتبرة ذلك "مواصلة للتنكيل بعائلة الرئيس المصري الراحل". وقالت المؤسسة في بيان لها، أن الأحكام الصادرة "تمثل تحدياً لقواعد الدستور والقانون وحقوق الإنسان".