هبطت أسعار العملات المشفرة في بداية تعاملات آخر أيام الأسبوع، اليوم الجمعة، وقادت الهبوط العملتان الرئيستان "بيتكوين" و"إيثريوم" لتفقد كل منهما نحو 4 في المئة من قيمتها. ووصل سعر "بيتكوين" إلى 37 ألفاً و866 دولاراً حالياً، بعد أن كان تجاوز حاجز 40 ألف دولار يوم 15 يونيو (حزيران). ويأتي الهبوط في قيمة العملات المشفرة مع إعلان الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي عن تعجيل تشديد السياسة النقدية من 2022 إلى العام بعد المقبل 2023.
وغالباً ما تتأثر قيمة الأصول الاستثمارية عالية المخاطر بتشديد السياسة النقدية (رفع سعر الفائدة). ويعني هبوط قيمة "بيتكوين" والعملات الأخرى عموماً أنها تبتعد كثيراً عن كونها مخزناً للقيمة، أو أصل تحوط في مواجهة التضخم وتقلبات السياسة النقدية كما هو الحال مع الذهب مثلاً، أو حتى الدولار والسندات المقيمة به.
لذا يتوقع كثير من المحللين ومتابعي السوق أن تواصل العملات المشفرة الهبوط في قيمتها وتبتعد أكثر عن فرص الدخول في النظام المالي العالمي التقليدي. ويوم الخميس، رفض البنك الدولي طلباً من السلفادور للحصول على مساعد في اعتماد "بيتكوين" كعملة تداول. وقال البنك إنه لا يمكنه المساعدة في خطط السلفادور، معدداً مخاطر "بيتكوين" ومن بينها انعدام الشفافية والأضرار البيئية بسبب ما تستهلكه من طاقة في عملياتها.
استثمار غير موثوق
مطلع هذا الأسبوع، خلص بنك "غولدمان ساكس" الاستثماري إلى أن العملات المشفرة "ليست استثماراً مضموناً" لمحافظ الاستثمار المتنوعة الأصول. وفي تقرير لعملائها، قالت وحدة الاستهلاك وإدارة الثروة في "غولدمان ساكس"، إنه "بعد تحليل مختلف نماذج التقييم وتطبيق نموذجنا لتخصيص الأصول الاستراتيجي متعدد العوامل، خلصنا إلى أن العملات المشفرة ليست استثماراً جديراً بالثقة للمحافظ المتنوعة لعملائنا".
وذكر التقرير أسباب تلك الخلاصة، ومن أهمها استهلاك الطاقة الهائل في عمليات المشفرات، وأن التقدم التكنولوجي، خاصة فيما يتعلق بحوسبة الكم (كوانتم كومبيوتنغ) سيجعل تكنولوجيا "بلوكتشين" ليست متقدمة كما هي الآن. أما السبب الآخر فهو تصاعد ضغط السلطات المالية والنقدية والهيئات المنظمة للأسواق المالية على تعاملات المشفرات.
هناك أيضاً مشكلة أن أغلب شركات تداول وصرف العملات المشفرة ليست خاضعة تماماً للقيود واللوائح والقواعد، التي تخضع لها المؤسسات المالية التقليدية.
يذكر أن "غولدمان ساكس" كانت قررت في مايو (أيار) 2020 أن العملات المشفرة ليست "أصلاً استثمارياً" تنصح به عملاءها، واعتبرتها مجرد تداول رقمي للمضاربات.
مضاربة على الهبوط
تشير إحصاءات شركات متابعة للعملات المشفرة إلى أن المضاربات على هبوط سعر "بيتكوين" لما دون 10 آلاف دولار زادت بشدة في الآونة الأخيرة. وحسب تقرير لشركة "يو أس بوكيز دوت كوم" نشر قبل أيام زادت احتمالات المضاربين على هبوط قيمة العملة المشفرة لما دون ذلك المستوى إلى 57 في المئة، بينما كانت تلك الاحتمالات في منتصف شهر أبريل (نيسان) الماضي لا تزيد على 20 في المئة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ونقلت "ياهو فاينانس" عن متحدث باسم "يو أس بوكيز" قوله، إن "التوجهات الأخيرة لا تشير إلى نتائج إيجابية للعملة المشفرة... هناك عوامل كثيرة تؤثر في ثقة المتعاملين، لكن الأهم هو السياسة النقدية في الولايات المتحدة وتأثير الضغوط في الصين".
يذكر أن السلطات الصينية شددت في الفترة الأخيرة حملتها على عمليات العملات المشفرة في البلاد، وأيضاً على الشركات والبورصات التي تتعامل بها. ويوم الأربعاء الماضي، قررت السلطات الصينية إغلاق كل عمليات "تعدين" العملات المشفرة في إقليم تشنغهاي، حيث تشير التقارير إلى وجود أكثر من مركز بحث وتكوين للعملات المشفرة.
شراء طويل الأجل
في الوقت نفسه، ذكر تقرير لشركة "غلاسنود داتا" أن المستثمرين الذين لديهم مراكز طويلة الأمد من "بيتكوين" يقبلون على الاحتفاظ بها وعدم البيع. ويعني ذلك أن كل عمليات البيع الكبيرة التي تهوي بالأسعار هي من قبل متعاملين لأجل قصير جداً، بل إن تقرير "غلاسنود" يشير إلى أن المستثمرين للأجل الطويل يقومون بالشراء حالياً مع توقع استمرار هبوط أسعار "بيتكوين" والعملات المشفرة.
يتسق ذلك مع تطورات سابقة في سوق العملات المشفرة، حسب شركة "غلاسنود داتا". فقد ظل أصحاب المراكز طويلة الأجل يحافظون على ما لديهم من عملات في أغلب عام 2018، الذي كان عاماً سيئاً لسعر "بيتكوين". وحتى في بداية 2019 عندما كان سعرها أقل من 5 آلاف دولار وقبل أن تعاود الارتفاع في الربع الثاني من ذلك العام ليرتفع سعرها فوق 13 ألف دولار. ثم عاد سعر "بيتكوين" ليهوي من مستوى 13 ألفاً إلى مستوى 4 آلاف بين أغسطس (آب) 2019 ومارس (آذار) 2020. وبعدها أخذت منحى الارتفاع في عام وباء كورونا، قبل أن تتجاوز في وقت سابق من هذا العام حاجز 60 ألف دولار. وعندها بدأ المستثمرون الذين يحتفظون بمراكز طويلة الأمد ببيعها.