بعد اعلان إسرائيل رفع ملف غزة إلى رأس أولوياتها في أعقاب عملية "حامي الأسوار"، عاد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي ليرفع من شأن الملف النووي الإيراني والتموضع في سوريا بالنسبة إلى تل أبيب.
ويتوجه كوخافي، الأحد 20 يونيو (حزيران) الحالي، إلى واشنطن، لبحث مجمل التحديات المحدقة بإسرائيل من مختلف الجبهات، بخاصة تلك المشتركة بين تل أبيب وواشنطن، وفي مقدمتها النفوذ الإيراني في المنطقة والتموضع في سوريا تحديداً، إلى جانب مشروع الصواريخ الدقيقة لدى "حزب الله" وجهوده لتعزيز قدراته، إضافة إلى حصوله على المصادقة الأخيرة على تحويل مبالغ مالية عبارة عن تعويضات عن الذخيرة التي فقدها الجيش خلال عمليته العسكرية الأخيرة على غزة "حامي الأسوار".
كما سيستقبل الرئيس الأميركي جو بايدن نظيره الإسرائيلي رؤوفين ريفلين في واشنطن في 28 يونيو، بحسب ما أعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي.
وسيكون ريفلين الذي تنتهي ولايته في 5 يوليو (تموز) المقبل، أرفع مسؤول إسرائيلي يلتقي الرئيس الأميركي الجديد منذ تسلمه منصبه، في حين أصبح الزعيم السابق لحزب العمل، اسحق هرتسوغ، الرئيس الحادي عشر لإسرائيل بعدما انتخبه الكنيست، وسيخلف ريفلين الذي انتُخب في عام 2014.
الاتفاق النووي
وبالعودة إلى برنامج كوخافي، فسيلتقي إلى جانب نظيره لويد أوستن، مسؤولين أميركيين ورؤساء معاهد البحوث الأميركية، وذلك ضمن ما سماه الجيش الإسرائيلي في بيان حول الزيارة، "الحرب على الوعي".
وذكرت تقارير أمنية إسرائيلية أن أبرز أهداف الزيارة هي محاولة التأثير في موقف واشنطن بشأن الاتفاق النووي مع إيران والتجاوب مع المطلب الإسرائيلي برفض العودة إلى الاتفاق السابق، الذي جرى توقيعه في عام 2015.
في ملف غزة، ووفق الجيش الإسرائيلي، سيعرض كوخافي تقريراً حول العملية العسكرية الأخيرة على القطاع، وضمن ذلك الرسالة التي بعثت بها تل أبيب خلال وجود عبر الاستخبارات المصرية إلى "حماس"، والتي تهدد فيها بتنفيذ عملية عسكرية جديدة في حال عدم توقف الحركة عن إطلاق البالونات الحارقة. وقد سلّم الرسالة الوفد الإسرائيلي خلال وجوده في القاهرة.
ويحمل كوخافي تقارير تتحدث عن رؤية إسرائيل لمخاطر الاتفاق النووي الجديد، في وقت أصدر مسؤولون أمنيون وثيقة أشاروا فيها إلى أن الفترة الزمنية المتبقية أمام تل أبيب للتأثير في الاتفاق النووي باتت قصيرة جداً.
وحذرت الوثيقة من أنه في حال لم تطرح إسرائيل موقفها بكل وضوح من الاتفاق، فستتيح المجال أمام الأميركيين والأوروبيين للقول إن تل أبيب حصلت على فرصة للتأثير، لكنها امتنعت عن ذلك، وبناء عليه لا يمكنها معارضة الاتفاق بعد توقيعه.
وجرى بحث الوثيقة مع قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، ومما جاء فيها أن "الولايات المتحدة ستكتفي بإجراء ترتيب مخفف ترفع خلاله معظم العقوبات التي فرضتها الإدارة السابقة على إيران، منذ عام 2018 وأن الولايات المتحدة ستعمل على صد انتقادات الجانب المخفف في الاتفاق من خلال التعهد بالاهتمام في مجمل القضايا الأخرى مستقبلاً ولأمد طويل".
فرق تحقيق
وفي مقابل الأبحاث الإسرائيلية الداخلية ومع الأميركيين حول الملف الإيراني، تحاول تل أبيب استخلاص العبر من "حامي الأسوار"، إذ شكّل الجيش 14 فريقاً للتحقيق في مجمل القضايا التي رافقته خلال هذه العملية إلى جانب المعلومات الاستخبارية حول كل ما يتعلق بالقدرات الصاروخية لحركة "حماس"، التي مثّلت مفاجأة كبيرة لدى وصولها إلى القدس وإلى مركز إسرائيل، ومدى فاعلية المنظومات المضادة لها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولم يسقط الجيش من حساباته خلال التحقيقات التي تجريها الفرق العسكرية، المخاطر المحدقة من قبل "حزب الله" وما يملكه من صواريخ متطورة ودقيقة وقادرة على الوصول إلى كل مكان في إسرائيل. واعتبر الأمنيون "حزب الله" إلى جانب غزة من التحديات الأمنية الحالية الأبرز بالنسبة إلى الحكومة الإسرائيلية الجديدة.
من جهته، دعا الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية عاموس يدلين، الحكومة الجديدة إلى وضع قضايا إقليمية مهمة عدة على أولويات أجندتها، وفي مقدمتها إيران ومشروعها النووي، وطرح صياغة جديدة للسياسة الإسرائيلية في مواجهة المشروع لمنعها من الاقتراب من العتبة النووية، وتحديد الخطوط الحمراء لإسرائيل في هذا الجانب والخيارات العسكرية الممكنة لمواجهة هذا الخطر.
ووضع يدلين أمام الحكومة الجديدة إمكانية موافقة الولايات المتحدة على الاتفاق، واقترح أن تسعى إسرائيل إلى التوصل مع واشنطن إلى اتفاق موازٍ حول السياسة التي يتوجب أن يتبعها الطرفان لمواجهة هذا الاتفاق، وكيف يجري التصرف في حال خرقته إيران، إلى جانب مراقبة الخطوات التي تتخذها الدول الأخرى في المنطقة للاقتراب من القدرات النووية.
"حزب الله" تحد كبير
أما "حزب الله"، فاعتبره يدلين بمثابة التهديد العسكري الأكثر أهمية بالنسبة إلى إسرائيل. وبحسبه، فإن الحزب نجح في بناء قوة صاروخية كبيرة، تضم صواريخ متطورة ودقيقة، في موازاة امتلاكه قوة برية كبيرة. وبالتالي، سيكون الحزب بمثابة تحدٍّ كبير ليس فقط للجيش الإسرائيلي، إنما للجبهة الداخلية في إسرائيل أيضاً. ودعا يدلين المجلس الوزاري الأمني الذي ستشكّله الحكومة الإسرائيلية الجديدة إلى تعلّم دروس حرب يوليو (تموز) 2006 والاستعداد لاحتمال اندلاع حرب ثالثة مع لبنان.
وتطرق يدلين إلى ما تسمّيها تل أبيب "الحرب بين الحربين"، تجاه سوريا، داعياً إلى تقييم التهديدات التي ربما يتعرّض لها سلاح الجو من مختلف الجهات في منطقة الشمال.
وإلى جانب دعوة الحكومة الإسرائيلية للتعامل مع "حماس" كقوة متزايدة واحتمال جولة عسكرية جديدة والاستعداد لها، أشار يدلين إلى أن العملية العسكرية الأخيرة على غزة ألحقت أضراراً بـ"اتفاقيات إبراهيم".
وانتقد يدلين الوضع الذي يشهده الجيش الإسرائيلي وعدم قدرته على تنفيذ خطته "متعددة السنوات"، لعدم المصادقة على الموازنة الخاصة به. ودعا الحكومة الإسرائيلية إلى مناقشة الجوانب الأمنية المتعلقة بالوضعية التي يشهدها الجيش، خصوصاً كيفية تطوير قدراته بما يتناسب وتطوير القدرات لدى إيران، بشكل خاص. وأشار يدلين إلى التآكل في القدرات العسكرية للجيش الإسرائيلي وتقنياته.