أوقفت إيران العمل مؤقتاً في بوشهر، محطتها الوحيدة للطاقة النووية والواقعة في جنوب البلاد، بسبب "عطل تقني" لم تحدد طبيعته، وفق ما أعلنت المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، ليل الأحد الإثنين، 20 يونيو (حزيران).
وأضافت المنظمة في بيان، "على إثر عطل تقني في محطة بوشهر (...) تم توقيف العمل فيها بشكل موقت، وخرجت عن شبكة الكهرباء الوطنية".
وفي حين لم تحدد طبيعة المشكلة، أكدت أنه "بطبيعة الحال، بعد أن يتم حل هذه المشكلة التقنية، سيعاد ربط المحطة بشبكة الكهرباء الوطنية".
"إصلاحات فنية"
وكان التلفزيون الرسمي الإيراني قد أعلن، الأحد، إغلاق المنشأة النووية بشكل طارئ، وقال غلام علي رخشانيمهر، المسؤول في شركة الطاقة الكهربائية الحكومية الإيرانية، خلال برنامج حواري تلفزيوني، إن "إغلاق محطة بوشهر بدأ، السبت، وسيستمر ما بين ثلاثة وأربعة أيام".
وأعلن مسؤول للتلفزيون الرسمي أنه "تم إغلاق المحطة موقتاً للقيام بإصلاحات فنية تستغرق بضعة أيام"، وهذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها إيران عن إغلاق طارئ للمحطة الواقعة في مدينة بوشهر الساحلية، جنوب البلاد.
وأشار رخشانيمهر إلى إمكانية حدوث انقطاع في التيار الكهربائي، ولم يُدلِ المسؤول الإيراني بمزيد من التفاصيل.
انقطاع الكهرباء
وكانت شركة الكهرباء الوطنية دعت الإيرانيين ليل الأحد إلى تخفيف الاستهلاك قدر الإمكان في ساعات الذروة، وذلك بسبب "ارتفاع متوقع في درجات الحرارة"، و"قيود على إنتاج الطاقة بسبب إصلاحات جارية في محطة بوشهر". وأوضحت أن هذه الأعمال قد تمتد حتى نهاية الأسبوع، أي حتى الجمعة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وشهدت طهران ومدن إيرانية أخرى انقطاعات للتيار الكهربائي في مايو (أيار)، عزيت أسبابها إلى نقص في توليد الكهرباء من المعامل الكهرومائية بسبب الجفاف وقلة المتساقطات هذه السنة، وارتفاع درجات الحرارة والاستهلاك الكبير للطاقة بهدف تعدين العملات المشفّرة.
وفي أعقاب ذلك، أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني حظر النشاطات المرتبطة بتعدين العملات المشفرة في البلاد حتى سبتمبر (أيلول).
وانقطاع التيار الكهرباء في إيران خلال أشهر ذروة الاستهلاك في الصيف ليس أمراً غير مألوف.
وتعتزم إيران زيادة الطاقة المنتجة من بوشهر. وبدأت شركات إيرانية وروسية في عام 2016، بناء مفاعلين إضافيين تبلغ طاقة كل منهما 1000 ميغاوات. وتشير التقديرات إلى أن إنجاز العمل فيهما سيتطلب عشرة أعوام.
"قيود مصرفية أميركية"
وأعلنت إيران في مارس (آذار) الماضي، أن محطة بوشهر قد تتوقف عن العمل، لعدم قدرة إيران على شراء قطع غيار ومعدات لها من روسيا بسبب العقوبات المصرفية التي فرضتها الولايات المتحدة عام 2018.
وصرح نائب رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمود جعفري، حينها، بأن محطة بوشهر للطاقة النووية "تواجه خطر الإغلاق"، لأن القيود المصرفية الأميركية جعلت من الصعب على طهران تحويل الأموال وشراء المعدات اللازمة".
وأضاف، "تقلبات العملة والمشكلات المتعلقة بالعقوبات المصرفية أدت إلى تعقيد الجهود المبذولة لتغطية تكاليف تشغيل المحطة وصيانتها وتسديد مدفوعات للمقاولين الروس".
موقع المحطة وخطر الزلازل
وبنت روسيا محطة بوشهر الواقعة على سواحل الخليج، وهي مزودة بمفاعل تبلغ طاقته 1000 ميغاوات، ودخلت الخدمة في عام 2013.
وتقع بوشهر على سواحل الخليج في جنوب إيران، في منطقة غالباً ما تشهد نشاطاً زلزالياً وهزات أرضية. وسبق لدول مجاورة أن أبدت مخاوف من قرب المحطة من أراضيها، واحتمال حصول تسرب إشعاعي بحال ضرب المنطقة زلزال قوي قد يتسبب بأضرار في المحطة.
وفي أبريل (نيسان)، أفاد الإعلام الرسمي الإيراني بإصابة خمسة أشخاص بجروح إثر زلزال قوته 5.8 درجات على مقياس ريشتر (وفق مركز المسح الجيولوجي الأميركي)، كان مركزه في محافظة بوشهر على مسافة حوالى 100 كيلومتر من المحطة.
وأكدت دائرة العلاقات العامة في المحطة في حينها، أن "كل الأقسام والأجهزة والمباني في محطة بوشهر سليمة تماماً وتواصل نشاطها من دون أي خلل"، وأنها مصممة لمقاومة "أشد أنواع الزلازل في البلاد والمنطقة"، وفق ما أوردت وكالة "إرنا" الرسمية.
برنامج إيران النووي
وتعد إيران من أبرز منتجي الغاز والنفط، وسبق أن أبدت رغبتها في بناء 20 محطة للطاقة النووية بهدف تنويع مصادر الطاقة وتخفيف الاعتماد على الوقود الأحفوري في الاستهلاك الداخلي.
وأبرمت في عام 2015، اتفاقاً بشأن برنامجها النووي مع ست قوى كبرى (الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، روسيا، الصين وألمانيا)، بعد أعوام من التوتر والمفاوضات الشاقة.
وأتاح الاتفاق رفع العديد من العقوبات التي كانت مفروضة على إيران، في مقابل خفض أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها. لكن مفاعيل الاتفاق انتفت تقريباً مذ قرر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب سحب بلاده أحادياً من الاتفاق عام 2018، وإعادة فرض عقوبات قاسية على إيران. وبعد نحو عام من الانسحاب الأميركي، بدأت طهران بالتراجع تدريجاً عن غالبية التزاماتها الأساسية بموجب الاتفاق.
وتجري طهران وأطراف الاتفاق، وبمشاركة غير مباشرة من الولايات المتحدة، مباحثات في فيينا منذ مطلع أبريل سعياً لإحياء الاتفاق من خلال التفاهم على رفع الولايات المتحدة للعقوبات، وعودة إيران لالتزاماتها.
وأكّد دبلوماسيون الأحد بعد انتهاء الجولة السادسة من هذه المباحثات، أن المفاوضين باتوا "أقرب" إلى إنقاذ الاتفاق النووي، لكن بعض النقاط الشائكة لا تزال قائمة.