أفاد استطلاع للرأي بأن عدد الأشخاص الذين يمتلكون عملات مشفرة على غرار "بيتكوين" قفز بمقدار الربع، فوصل إلى 2.3 مليون شخص خلال السنة الماضية. في المقابل، أعرب خبراء عن مخاوفهم في شأن افتقار "مرعب" إلى المعرفة بالمخاطر التي ينطوي عليها ذلك.
وبيّن استطلاع أجرته "هيئة السلوك المالي" أن مزيداً من الناس يدركون وجود العملات المشفرة وغيرها من الأصول الرقمية، لكن فهم طبيعتها يتراجع.
ووجد الاستطلاع أن 78 في المئة من البالغين سمعوا عن الأصول المشفرة، بعدما كانت النسبة 73 في المئة قبل سنة.
في المقابل، لم يلاحظ سوى واحد من عشرة أشخاص بين هؤلاء الناس، تحذيرات هيئة السلوك المالي من أن المستثمرين قد يخسرون أموالهم كلها. وكذلك لم يتمكن ثلاثة من كل 10 أشخاص من تحديد تعريف العملة المشفرة في شكل صحيح من بين مجموعة من الإجابات المحتملة. وأفاد واحد من كل سبعة مشترين للعملات المشفرة إنه اقترض أموالاً كي يموّل عملية الشراء، فيما ذكر خُمسَهَم أن الخوف من تفويت الفرص شكّل دافعهم في ذلك الشراء.
وتُعتبَر العملات المشفرة "عملات معدنية" رقمية مبنية على قاعدة بيانات لامركزية تسجل المعاملات كلها ويجري تأمينها باستخدام رموز معقدة أو تشفير. وبالنظر إلى لامركزية قاعدة البيانات تلك، المعروفة باسم "بلوك تشاين" Blockchain أو سلسلة الكتل، فإنها لا تحتاج إلى مؤسسة مركزية واحدة كالبنك، في معالجة المعاملات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى الرغم من أن عدد تجار التجزئة الذين يقبلون "بيتكوين"، وهي العملة المشفرة الأكثر شعبية، آخذ في النمو، لا تزال العملة بعيدة عن استخدامها على نطاق واسع كوسيلة للتبادل.
وفي ذلك الصدد، يندرج أندرو بايلي، محافظ بنك إنجلترا، من بين الشخصيات البارزة التي أصدرت تحذيراً في شأن العملات المشفرة. وقد ذكر في هذا الأسبوع، أن قيمة الأصول المشفرة "غير مستقرة إلى حد كبير وقد لا تساوي شيئاً". وعلى الرغم من التحذيرات، ينظر الجمهور إلى الأصول المشفرة على نحو متزايد على أنها استثمار آمن. فقد أظهر استطلاع رأي أجرته "هيئة السلوك المالي" أن 38 في المئة ممن اشتروا أصولاً مشفرة، يعتقدون أنهم كانوا يقامرون، فيما بلغت تلك النسبة 47 في المئة قبل سنة واحدة. وفي سياق متصل، تتزايد الحماسة للأصول المشفرة مع إشارة أكثر من نصف مستخدميها إلى إنهم اكتسبوا خبرة إيجابية حتى الآن، ومن المرجح أن يشتروا مزيداً منها، وقد ارتفعت نسبة من تزايدت حماستهم للعملات المشفرة من 41 إلى 53 في المئة.
وفي ذلك الصدد، ذكر المحلل المالي في "إيه جي بل"، ليث خلف، إن البحوث رسمت صورة "إيجابية إلى حد كبير" [عن ظاهرة التعامل بالعملات المشفرة]، لكن بعض جوانب الاستنتاجات جاءت مثيرة لقلق شديد.
وأضاف، "هناك نقطة ضعف مظلمة تكمن في الأرقام، ما يشير إلى أن احتمالات إلحاق الضرر بالمستهلكين على نطاق واسع لا تزال مستمرة. إذ يشكّل لجوء 14 في المئة من مشتري العملات المشفرة إلى الاقتراض كي يستثمروا فيها، أمراً مخيفاً ببساطة. وكذلك تعني التقلبات الشديدة والتوقعات غير المؤكدة على الأجل البعيد في ما يتصل بالعملات المشفرة، تعني إمكانية القضاء على تلك الحيازات، ما سيجعل المقترضين غير ممتلكين لأي شيء سوى ديونهم [التي ستكون] تذكاراً [عن تلك العملات]".
وكذلك أعرب السيد خلف عن اعتقاده "بأن الخوف من تفويت الفرص ليس دافعاً جيداً لاتخاذ القرارات المالية. إذ يشكّل شراء عملة مشفرة نشاطاً مالياً خطيراً، وعلى رغم أن عديداً من المستهلكين يفهمون المخاطر، يلعب البعض منهم بلا مبالاة بالنار. ولا يوجد مسار واضح بشأن قدرة العملات المشفرة على تحقيق قبول واسع النطاق في استخدامها وسيلةً للتبادل بين المستهلكين والشركات. وكذلك أدت أن البصمة الكربونية الناجمة عن تعدين العملات المشفرة إلى مزيد من التأثير في قدرتها على أن تكون بديلاً عن النظام النقدي في مستقبل بعيد".
وفي نفسٍ مماثل، بيّن كيفن برات، الخبير المالي في مؤسسة "فوربس أدفايزور يو كاي"، إنه من "المزعج" ملاحظة أن ثُمْنَ المستهلكين يعتقد على نحو غير صحيح بأن الاستثمارات المشفرة محمية على نحو ما، مِنْ قِبَلْ الهيئات التشريعية [المعنية بالنقد].
وأضاف السيد برات، "من المقلق أن أصابع كثيرة ستُصاب بحروق بالغة، عاجلاً أو آجلاً. ولا يعود ذلك حصراً إلى التقلبات في قيمة الأصول. ففي نهاية المطاف، يتتبع المحتالون المال".
وكخلاصة، لفت برات إلى أن "السلطات لكن ربما تحتاج إلى التعجيل بتفكيرها في كيفية زيادة التشريعات بشأن العملات المشفرة وتحسينها وتوسيع نطاق الحماية التشريعية. وإذا لم يكن ذلك ممكناً بسبب طبيعة العملات المشفرة، فلا بد من أن تصبح التحذيرات أكثر وضوحاً وظهوراً".
© The Independent