Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تفاصيل اختطاف صحافيين أجنبيين قرب الضاحية الجنوبية لبيروت

أثناء قيامهما بالتغطية الإخبارية بشأن نقص الوقود

الصحافيان تم تسليمهما إلى جهاز الأمن العام الذي بدوره قام بتحقيق روتيني معهما قبل إطلاق سراحهما بعد عدة ساعات (أ ف ب)

أثار توقيف صحافيين أجنبيين على طريق المطار قرب الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، من قبل عناصر حزبية، موجة استنكار واسعة، لا سيما أنهما توجها إلى "محطة الأيتام" للمحروقات، التي ناشدت في بيان لها القوى الأمنية التدخل لتنظيم عملية تعبئة المحروقات والفوضى التي تسببت فيها أزمة المحروقات على الطرقات العامة.

وفي تفاصيل ملابسات ما جرى، يشرح مصدر أمني متابع للقضية، أنه أثناء قيام مراسل موقع "ناو" ماثيو كينستون (33 عاماً) بريطاني الجنسية والمراسلة المستقلة الألمانية ستيلا ماينر، بتغطية أزمة المحروقات التي يشهدها لبنان، اقترب الصحافيان إلى "محطة الأيتام" التي تشهد ازدحاماً خانقاً وإشكالات بين المواطنين، وهي على تخوم الضاحية الجنوبية لبيروت، واعترضهما ثلاثة رجال حضر اثنان منهم على دراجات نارية في حين كان الثالث موجوداً في المكان، وطالبا الصحافيين بتسليم هاتفهما وجوازي سفرهما، وبعد دقائق حضر عنصران إضافيان عرفا نفسيهما بأنهما من عناصر الأمن الوقائي في "حزب الله"، واقتاداهما إلى مركز ملاصق لمطعم "الساحة" الذي يبعد دقائق عن "محطة الأيتام"، حيث تم احتجازهما والتحقيق معهما وتفريغ محتويات هاتفهما وتصوير المستندات الشخصية.

وأشار المصدر إلى أنه أثناء توقيف الصحافيين، تلقت الأجهزة الأمنية مراجعات عديدة تؤكد اختفاء أثرهما في الضاحية الجنوبية، لافتاً إلى أنه في هكذا حالات يتم التواصل من خلال قنوات أمنية مع "حزب الله" كون الحادثة حصلت في منطقة تعتبر في "نطاقه الأمني"، حيث تلقت الأجهزة الأمنية تفاصيل فورية عن المعتقلين اللذين احتجزا لحوالى ساعتين، وتم الاتفاق على أن يتم تسليمهما إلى جهاز الأمن العام الذي بدوره قام بتحقيق روتيني معهما قبل إطلاق سراحهما بعد عدة ساعات.

بيان المناشدة

وكانت إدارة "محطات الأيتام" قد أكدت في بيان، الذي دفع فريق "ناو ليبانون"، إلى التوجه إليها للتغطية، أن "محطة الأيتام على طريق المطار، ومنذ بداية الأزمة، تعمل جاهدة لتأمين المحروقات لأهلنا وناسنا، وتسعى إدارة محطات الأيتام جاهدة لتأمين كميات ولو بالنزر اليسير لكي تستمر بالعمل ما أمكنها". 

وأشارت إلى أنه "بعد خروج الوضع عن السيطرة، فإننا نناشد القوى الأمنية التدخل وضبط الأمر وتنظيم عملية التعبئة للسيارات والدراجات النارية ومعالجة تسكير الطريق، لأن الوضع أصبح خطيراً جداً ولا يمكن تحمل تبعاته". 

خطير ومقلق

وكان القائم بالأعمال البريطاني في لبنان "مارتن لونغدن" قد وصف في تغريدة على موقع "تويتر" اعتقال الصحافيين الاثنين بالحادث "الخطير والمقلق"، وتابع "لا ينبغي منع الصحافيين من أداء وظائفهم المشروعة، فالصحافة الحرة أمر بالغ الأهمية للديمقراطية في لبنان".

 

الرسالة الأخيرة

وأعلن موقع "ناو ليبانون" عن اعتقال مراسله ماثيو كينستون والمراسلة ستيلا ماينر أثناء قيامهما بمهمة لتغطية أزمة المحروقات في طريق المطار. وأشار بيان الموقع إلى أن كينستون "عرف عن نفسه بوضوح على أنه صحافي، وقدم للعناصر الحزبية بطاقته الصحافية، وقال في رسالة أرسلها إلى محرر أنهم لا يسمحون لهما بالمغادرة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واستطاع كينستون إرسال رسالة صوتية عبر "واتساب" إلى زميل في الموقع حيث يمكن سماع رجل يقول "لدي الحق في أخذ الهاتف من دون موافقتك"، ووصلت الرسالة في الساعة 2:39 ظهر يوم الإثنين، وهي الرسالة الأخيرة التي تلقاها زملاؤه منه قبل أن يتوقف هاتفه عن الاتصال بالإنترنت تماماً.

من جانبه أوضح ناشر الموقع أيلي خوري، أنه في اللحظة التي تبلغ فيها خبر اعتقال الصحافيين باشر التواصل مع المراجع الأمنية والسياسية المختصة التي لم تكن في بادئ الأمر على علم بعملية الاختطاف، ليعود ويتبلغ لاحقاً أنه تم تسليم الصحافيين لجهاز الأمن العام الذي بدوره قام بالتحقيق معهما قبل إطلاق سراحهما.

واعتبر خوري "فقط من يخشى أفعاله يخاف الصحافة، ومن الواضح أن الحزب بات يخجل من أفعاله ومن تذمر بيئته ويخشى نقل هذا الواقع إلى الرأي العام، وبالتالي يأتي اختطاف مراسل الموقع البريطاني ماثيو كينستون وزميلته المراسلة المستقلة الألمانية ستيلا ماينر، في سياق القمع الذي يمارسه الحزب في بيئته".

تفكك الدولة

واستنكرت مبادرة "إعلاميون من أجل الحرية" عملية توقيف الصحافيين الأجنبيين، وقالت في بيان إن "الاعتداءات تتكرر على الصحافيين والمصورين الميدانيين، فبعد الاعتداء على المصور رمزي الحاج في منطقة طريق المطار، من دون أن يلقى المعتدون العقاب كما تعهد المسؤولون، سجل اعتداء آخر على مراسل موقع ناو ليبانون، ماثيو كينستون، حيث أقدمت عناصر أمنية تابعة لحزب الله على سحب هاتفه واحتجازه، فيما كان يغطي أزمة الوقود في إحدى المحطات". 

ورأى منسق المبادرة الصحافي أسعد بشارة أن "الاعتداء على صحافي لبناني أو أجنبي على الأراضي اللبنانية أمام أنظار القوى الأمنية اللبنانية، واعتقاله من قبل جهاز أمني تابع لحزب الله واقتياده للتحقيق في فروع للحزب يؤكد أن السلطة الآمرة في لبنان هي بقيادة هذا الحزب".

ولفت إلى "أن الامتناع عن مساءلة المعتدين ومعاقبتهم يشجع على تكرار هذه الاعتداءات التي نضعها تحت تصرف الرأي العام اللبناني والعربي والدولي، ونعتبر أن قوى الأمر الواقع تقضي على آخر ما تبقى من صورة الدولة، ولن نتوقف عن مطالبة السلطة اللبنانية بتحمل مسؤولياتها، وإلا تكون مدانة بالصمت وربما التواطؤ".

وشدد على أن هذه الحوادث "تؤكد تفكك الدولة اللبنانية وتغيير وجه لبنان الذي طالما عُرف بأنه موطن الحرية الإعلامية والحريات العامة، وبأن الصحافة الحرة تعمل من لبنان الذي بات للأسف في أدنى مستويات الدول التي تُنتهك فيها حقوق الإنسان والحريات العامة والإعلامية".

وأوضح أن الإساءة التي تعرضا إليها تزيد من عزل لبنان عن المجتمع الدولي وتفتح المجال لبريطانيا وألمانيا بمساءلة الدولة اللبنانية عن عملية خطف حصلت على أراضيها من دون أن تتخذ أي إجراءات تجاه الخاطفين.

كما علق مركز "سكايز" لحرية الصحافة على تلك الواقعة، وقال في بيان "في لبنان طرف غير رسمي وغير مؤهل قانونياً (حزب الله) يحتجز صحافيين أثناء تغطيتهما موضوعاً متعلقاً بالبنزين في بيروت قسراً لساعات، ومن ثم يسلمهما إلى جهاز أمني رسمي، فيقوم الجهاز الأمني بالتحقيق مع الصحافيين ولا يحقق مع من احتجزهما".

استهداف إسرائيلي

في المقابل اعتبر الناشط السياسي المقرب من "حزب الله" قاسم حدرج، أن أي حدث يرتبط بـ"حزب الله" حتى لو كان عادياً يتم استثماره وتأويله للتصويب والإساءة إلى صورته، موضحاً أن "إسرائيل تضع قياديين في حزب الله على قائمة الاغتيالات ولديها لهذه الغاية مجموعات من العملاء تعمل على شكل خلايا وأفراد وبتغطيات مختلفة والصحافة الأجنبية تشكل أهمها كغطاء لتسلل عملاء من الموساد إلى الداخل اللبناني بجوازات سفر أوروبية بصفة صحافيين مما يدفع أمن الحزب إلى وضع هؤلاء تحت رقابته للتأكد من صفتهم وحقيقة هويتهم كإجراء وقائي". 

وأشار إلى أن ما حصل مع الصحافيين المذكورين يأتي في سياق الأمن الاستباقي، "حيث ارتاب أمن الحزب الذي كان موجوداً في المحطة لمنع حصول أي إشكال بتحركات الصحافيين والتقاطهما الصور فاقترب منهما بكل لياقة وعرف عن نفسه وطلب منهما التعريف عن نفسيهما فتبين أنهما يحملان جنسية دولتين تصنفان حزب الله تنظيماً إرهابياً، فكان من الطبيعي أن يتحقق من طبيعة مهمتهما وحقيقة عملهما في الصحافة، فكان أن تم اصطحابهما بكل لياقة إلى مكان خاص حيث جرى الاطلاع على محتويات هاتفهما وهو الإجراء البديهي الذي يقوم به كل جهاز أمني لمشاهدة ما الذي يقومان بتصويره".

وأكد أنه تم الاكتفاء بهذا الإجراء، وأضاف "ما يثير الريبة هو قيام الصحافي البريطاني بتشغيل التسجيل أثناء مواجهته لرجل أمن حزب الله كما قامت الصحافية الألمانية بإرسال موقعها لشخص آخر مما يدل على أنهما كانا في حالة ارتياح، كما أنهما محترفان ومدربان". 

تنسيق الدولة و"الحزب"

وكشف حدرج أنه ووفق الإجراء الروتيني المعتمد من قبل الحزب في هكذا مسائل، يقوم بتسليم المشتبه بهم إلى الأجهزة الأمنية المعنية في الدولة، وبما أن الصحافيين أجنبيان فقد قام بتسليمهما إلى جهاز الأمن العام الذي أجرى بحقهما المقتضى القانوني وقام بإطلاق سراحهما بناء على إشارة القضاء المختص.

واعتبر أن "هذه الواقعة تشكل دعاية عكسية لكل ما يروج كذباً عن حزب الله في الإعلام الغربي الذي دعم الجماعات الإرهابية في سوريا التي قتلت وخطفت العديد من الصحافيين الأجانب بينما لم ينسب للحزب طوال تاريخه أنه أقدم على مثل هذه الأفعال، بل يقوم بمجرد إجراءات وقائية متفق عليها مسبقاً ومنسقة مع الأجهزة الأمنية اللبنانية، بهدف الحفاظ على أمن المقاومة ومساعدة الدولة في القبض على العملاء"، بحسب تعبيره.

إذن مسبق

ووفق المعلومات فإن "حزب الله" يشترط على أي صحافي يسعى لتغطية قضية معينة في مناطق وجوده إبلاغ المكتب الإعلامي التابع له قبل تغطية الأخبار، والحصول على إذن مسبق بناء على طلب يشرح تفاصيل تحركات الصحافيين ويعمد في مواضيع يعتبرها حساسة إلى رفض الطلب أو قبوله بقيود معينة ويكلف أحد عناصره مواكبة التغطية لضمان عدم خروجها عن الحدود المتاحة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير