تشهد الحركية السياسية في الجزائر نشاطاً كبيراً مع انطلاق مشاورات الرئيس عبدالمجيد تبون مع مختلف الأطراف التي تصدرت نتائج الانتخابات البرلمانية، حيث باشرت أحزاب سياسية لقاءات ثنائية فتحت المجال واسعاً لترقب مفاجأة خلال الأيام المقبلة.
مشاورات رئاسية وأخرى حزبية
على الرغم من أن تبون أبدى استعداداً للاستماع لكل الفاعلين السياسيين ومن المجتمع المدني، بما فيهم المعارضة والحراك، فإن تحرك أحزاب "متخاصمة" والجلوس على طاولة واحدة جعل الشارع كما الطبقة السياسية يتوجس من "طبخة" يتم تحضيرها من أجل المرحلة المقبلة التي باتت تحبس أنفاس الجميع.
وجرى لقاء بين حركة "مجتمع السلم" بقيادة رئيسها عبد الرزاق مقري، و"جبهة العدالة والتنمية" برئاسة زعيمها عبد الله جاب الله، من دون سابق إنذار، وبشكل فاجأ المراقبين، لا سيما أن الحركة كان لها جلسة مشاورات مع تبون.
الخصوم يجتمعون... وشكوك
ولم يتحدث الحزبان عن تفاصيل اللقاء، والتزما الصمت والسرية، على الرغم من أن الرجلين على "خصومة" بلغت في عدة مرات حد تبادل اتهامات بالولاء للسلطة بشكل ضمني، الأمر الذي فسره المحلل السياسي، كمال عمراوي، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، بأن حركة "مجتمع السلم" تبدو أنها مكلفة بمهمة من السلطة تتمثل في جس نبض التيار الإسلامي حول عديد القضايا والمواضيع، خصوصاً ما تعلق منها بالحكومة والبرلمان المقبلين.
ويتابع عمراوي، أن حركة "مجتمع السلم" تسعى لتكوين فكرة أوضح عن مواقف الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات كما المقاطعة، حول كيفية تسيير المرحلة المقبلة ومسألة المشاركة في حكومة، مشيراً إلى أن المكتب السياسي للحركة أبدى رغبة في توسيع الحكومة إلى قوى قاطعت الانتخابات، وذلك بهدف الوصول إلى حكومة وحدة وطنية.
ترتيبات
ويكشف الوضع السياسي الراهن عن ترتيبات تتم في "الخفاء" من أجل تشكيل فصول المشهد على مستوى الهيئة التشريعية وبعض المناصب السامية والحساسة في الدولة، وإن كان للبعد التمثيلي في البرلمان المقبل دور بارز ومحدد في توزيع المسؤوليات في الحكومة وبقية مؤسسات الجمهورية على الشركاء السياسيين، يبقى البعد السياسي وتقارب التوجهات والاستعداد، مهم جداً في تولي المناصب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويواصل تبون، استقبال مختلف أقطاب الطبقة السياسية وأطياف المجتمع في إطار مشاورات تشكيل الحكومة، وبالعودة لمختلف تصريحات الضيوف، فإن التوافق الوطني سياسياً واجتماعياً، يبقى هدفاً تنشده السلطة الحالية لتجاوز الانسداد الحاصل وغليان الشارع المسجل، خصوصاً بعد ضعف المشاركة الشعبية في مختلف الاستحقاقات، وتوسع دائرة الغضب الشعبي، وظهور مقاطعة "جهوية" من منطقة القبائل لكل ما يرمز للنظام.
غموض وترقب توزيع المسؤوليات
بعد 5 أيام من المشاورات، لم يظهر أول ملامح هوية الوزير الأول ولا طبيعة الطاقم الوزاري المنتظر، واكتفى المشهد السياسي بتصريحات عامة لمختلف الجهات التي التقت تبون، وهي التصريحات التي لم تقدم ما يزيل الضغط الذي يحبس أنفاس الطبقة السياسية والشارع بدرجة أقل، على الرغم من لجوء بعض التشكيلات السياسية إلى الإعلان عن موعد الفصل في موقفها من المشاركة في الحكومة من عدمها، وقالت إن الأمر تدرسه مؤسساتها الحزبية، فيما تواصل أخرى ممارسة الضبابية والسرية.
ويترقب الشارع الإعلان عن تشكيلة الحكومة الجديدة، نهاية الأسبوع الجاري، بعد الانتهاء من المشاورات التي يشرف عليها تبون، حيث يعتقد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، جمال محمدي، أن يتم منح بين حقيبتين وثلاثة للأحزاب التي تصدرت نتائج الانتخابات البرلمانية لـ12 يونيو (حزيران)، مع توزيع بين 4 حقائب وزارية إلى 5 على كفاءات مستقلة غير متحزبة، بينما سيحتفظ تبون ببعض الوجوه مثل وزير الخارجية صبري بوقادوم، ووزير الداخلية كمال بلجود، ووزير السياحة محمد بوغازي، ووزير العدل بلقاسم زغماتي، ووزير الصحة عبد الرحمن بن بوزيد، ووزير الطاقة محمد عرقاب، ويواصل أنه من المرتقب أن يتم تشكيل تحالف موال يمنح الرئيس قوة تشكيل حكومة فسيفسائية، مبرزاً أنه بالنظر لتصريحات مختلف الأطراف التي التقت الرئيس، فإن الأمر يبدو محسوماً.
تمديد
إلى ذلك، تقرر تمديد الدورة العادية لمجلس الأمة "الغرفة العليا للبرلمان"، إلى تاريخ لاحق، حيث أوضح بيان لذات الهيئة التشريعية أنه "عملاً بالدستور، لا سيما المادة 138 في الفقرة 2 منه، وبناء على طلب الوزير الأول المتضمن تمديد الدورة البرلمانية العادية 2020 - 2021، فقد تقرر تمديد الدورة العادية 2020 – 2021 إلى تاريخ لاحق".
وتنص المادة 138 من الدستور في فقرتها الثانية على أنه "يمكن للوزير الأول أو رئيس الحكومة، بحسب الحالة، طلب تمديد الدورة العادية لأيام معدودة لغرض الانتهاء من دراسة نقطة في جدول الأعمال".