من المقرر أن تطرح المفوضية الأوروبية، اليوم الثلاثاء مقترحات للتمويل المستدام ومعيار الاتحاد الأوروبي للسندات الخضراء. وكانت خطة الاستثمار الأوروبية للصفقة الخضراء قد أعلن عنها في يناير (كانون الثاني) 2020، ومنذ ذلك الحين تعمل المفوضية الأوروبية على تأسيس معيار الاتحاد الأوروبي للسندات الخضراء. وفيما يتعلق بالتمويل المستدام دعمت المفوضية هدف الصفقة الأوروبية الخضراء لتوجيه الاستثمار الخاص نحو الانتقال إلى اقتصاد محايد مناخياً. كما سيستعرض الاتحاد الأوروبي في الاجتماعات المقررة، غداً، مبادرة استثمارية يعمل على تطويرها لمواجهة النفوذ الصيني. ويستبق اجتماعات الكتلة الأوروبية، اجتماع وزراء مالية مجموعة العشرين المقرر في فينيسيا بإيطاليا يوم الجمعة.
وكانت سوق السندات الخضراء نمت بشكل ملحوظ خلال السنوات القليلة الماضية. ففي عام 2020، تم إصدار نحو 236 مليار يورو (280.2 مليار دولار) من السندات الخضراء على مستوى العالم بحسب "سي غي بي أس" المتخصصة في الشؤون الأوروبية بنمو 57 في المئة مقارنة بعام 2018، حيث شكلت ألمانيا وفرنسا وهولندا ثلث هذه السندات. كما تنمو أصول صناديق السندات الخضراء الخاضعة للإدارة بسرعة، على الرغم من أنها لا تمثل سوى ما بين 0.1 و0.2 في المئة من إجمالي أصول صناديق السندات المدارة.
وكان العديد من المبادرات الأوروبية قد خرجت للضوء مثل خطة عمل التمويل المستدام، والصفقة الخضراء، ومبدأ السندات الخضراء التي أرست أسس التمويل المستدام. ويهدف إنشاء معيار السندات الخضراء للاتحاد الأوروبي (GBS)، مع الاقتراح التشريعي للمفوضية المتوقع في اجتماعات، غدٍ الثلاثاء، إلى توفير إطار عمل مشترك للاتحاد الأوروبي لسوق السندات الخضراء الأوروبية. ويتطلب تحديد الحد الأدنى من المعايير والضمانات للنظام البيئي بأكمله (مثل جهات الإصدار والمستثمرين والبنوك والبورصات) معايرة دقيقة فيما يتعلق بتعريف "الأخضر".
الاستجابة الأوروبية لـ"الحزام والطريق"
تضمنت الاستجابة الغربية لمبادرة "الحزام والطريق" الصينية حتى الآن كلمات طنانة وطموحات نبيلة أكثر من كونها مشاريع ملموسة. وهذا الشهر، سيحاول وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي تغيير هذه الرواية، في الوقت الذي يدفعون فيه إلى تحقيق تقدم ملموس عبر "مبادرة الاتصال" للاتحاد.
وتحث مسودة استنتاجات المجلس الأوروبي، التي اطلعت عليها شركة "يوروب إكسبريس"، ونشرتها "فايننشال تايمز"، على "نهج جيو استراتيجي للاتصال". وحددت المسودة هدفاً يتمثل في تحديد "المشاريع والإجراءات العالية التأثير والمرئية على مستوى العالم".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأعقب المبادرة تعهد من قبل جو بايدن وشركائه في مجموعة السبع في كورنوول الشهر الماضي بإنشاء شراكة بنية تحتية "إعادة البناء بشكل أفضل"، التي يمكن أن تسهم في توفير 40 تريليون دولار التي تحتاجها الدول النامية بحلول عام 2035. ولطالما كان يُنظر إلى مبادرة "الحزام والطريق" في بكين بريبة عميقة في عواصم مجموعة السبع. في حين شكلت المبادرة التي أطلقت من قبل بكين عام 2013، أداة استراتيجية للتوسع الصيني في الدول المحاذية للحزام، حيث وافقت عشرات الدول على المشاريع المدعومة من الصين مثل الموانئ والسكك الحديدية والجسور.
"الحزام والطريق" ودول مثقلة بالديون
وحذر النقاد من أن المخطط الصيني يقود إلى إثقال البلدان المتلقية بشروط ديون مرهقة، وكذلك بمشروعات تنطوي في بعض الأحيان على حالة عمل مشكوك فيها أو تفتخر بمعايير بناء ومعايير بيئية سيئة.
وقال دبلوماسي بارز في الاتحاد الأوروبي، "إنه ومع ظهور المزيد والمزيد من العواقب السلبية لـ(الحزام والطريق) في بلدان مثل الجبل الأسود وباكستان وسريلانكا، تبحث الحكومات في جميع أنحاء العالم بشكل متزايد عن بديل مستدام". وأضاف، "مبادرة الاتصال في الاتحاد الأوروبي يمكن أن توفر ذلك".
وتدعو الاستنتاجات الوزارية، التي من المفترض أن يُصادَق عليها في اجتماع مجلس الشؤون الخارجية هذا الشهر، إلى دفع عواصم الاتحاد الأوروبي ومؤسساتها التنموية، جنباً إلى جنب مع بنوك التنمية المتعددة الأطراف الوطنية وبنك الاستثمار الأوروبي والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية. في حين تحتاج مشاريع "الربط الاستراتيجي" الجديدة أن تكون مدرجة في ميزانية الاتحاد الأوروبي الحالية (2021-2027). ويقول الوزراء إن التمويل العام بما في ذلك القروض والضمانات يمكن أن "يحشد" رأس المال الخاص، بينما يدعو إلى "سرد موحد" لتأطير نشاط الاتحاد الأوروبي في المنطقة.
السؤال، بطبيعة الحال، هو إلى أي مدى ستُثبت الجهود المشتركة للاتحاد الأوروبي أنها متماسكة وجوهرية مع قوى تشمل الولايات المتحدة واليابان والهند؟ في وقت تفتقر مسودة استنتاجات المجلس، التي لا تشير صراحة إلى الصين، إلى أرقام مستهدفة محددة، كما فعل بيان مجموعة السبع الشهر الماضي. وبدلاً من ذلك، فإنهم يدرجون برامج ميزانية الاتحاد الأوروبي التي يرغب الوزراء في الاستفادة منها في سعيهم لإجراءات أكبر من بروكسل. لا شيء من هذا يرقى إلى مستوى "منافس" كامل التكوين لمبادرة "الحزام والطريق"، في وقت يتخلف الاتحاد الأوروبي وحلفاؤه كثيراً عن الصين، ولا يزال منفتحاً للنقاش حول ما إذا كان هذا الطموح فكرة واقعية.
لكن مسودة الاستنتاجات تشير إلى أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تريد وضع المزيد من الثقل السياسي وفرد العضلات المالية وراء طموحات الاتصال العالمية. وتهدف الاستنتاجات إلى أن تكون كجرس إنذار خاص للمفوضية الأوروبية وجناحها الدبلوماسي، وحثهم على تسريع خطواتهم.
سلوفينيا وتعتيم الأنوار
كتب الخبير المصرفي، سام فليمنج، "أن سلوفينيا تبدأ رئاستها للاتحاد الأوروبي لمدة ستة أشهر في ظل رئيس وزراء البلاد يانيز جانسا، الذي يتحلى بمزاج عدواني انعكس في لهجته خلال الأحداث الافتتاحية وسط ليوبليانا في سلوفينيا، حيث اشتكى جانسا من معاملة الاتحاد الأوروبي الدولَ الأصغر بما في ذلك سلوفينيا كمواطنين من الدرجة الثانية في الاتحاد؛ وكانت تصريحاته ثائرة بسبب الإخفاقات المتصورة في النظام القضائي لبلده؛ كما اتهم وسائل الإعلام بأنها منحازة في تغطيتها". المؤتمر الصحافي استمر قرابة ساعتين يوم الجمعة، وأخذ منعطفاً سريالياً، حيث عتَّم رئيس الوزراء الأنوار في مركز مؤتمرات كبير خارج ليوبليانا، لإظهار شريط فيديو للصحافيين، يزعم أن وسائل الإعلام في بلاده كانت متحيزة ضده. وفي جلسة منفصلة، استهدف وزير داخليته جلوس ما وصفهم بـ"الخنازير" على أعلى مستويات البيروقراطية الأوروبية، دون أن يذكر من كان يدور في خلده.
في اليوم السابق، أذهل جانسا زيارة مفوضي الاتحاد الأوروبي في اجتماع مغلق بزعم وجود تحيز سياسي من جانب قاضيين سلوفينيين، موضحاً وجهة نظره من خلال صورة معروضة على شاشات كبيرة تظهرهما مع أعضاء البرلمان الأوروبي من يسار الوسط. المناورة دفعت نائب الرئيس التنفيذي للاتحاد الأوروبي، فرانس تيمرمانز، إلى رفض الانضمام إلى "صورة عائلية" مع زملائه المفوضين ورئيس الوزراء في مركز المؤتمرات.
وأصر جانسا في مؤتمر صحافي مع أورسولا فون دير لايين، رئيسة المفوضية ذات الملامح المتحجرة، على أن حكومته ستكون "وسيطاً نزيهاً"، لأنها سعت إلى تعزيز أولويات الاتحاد الأوروبي بما في ذلك سيادة القانون خلال نصف العام المقبل. لكن استعداد جانسا لاستخدام المنصة التي قدمتها رئاسة سلوفينيا للتعبير عن مظالمه السياسية أثار استياء كبار صانعي السياسة في الاتحاد الأوروبي، الذين يتوقون إلى دفع قائمة تشريعية مكتظة.
الهجرة والصحة والتكنولوجيا والانبعاثات الكربونية
يرسم الوزراء والمسؤولون السلوفينيون أجندة مفصلة تغطي الهجرة، والصحة، والتكنولوجيا، وتوسيع الاتحاد الأوروبي، والانتعاش الاقتصادي، والأهم من ذلك إطلاق حزمة تشريعية للحد من الكربون والبيئة في الاتحاد الأوروبي هذا الشهر.
في حين سيتطلب تعزيز أولويات الاتحاد الأوروبي بذل جهود تعاونية مكثفة بين بروكسل مركز صنع القرار الأوروبي والعاصمة السلوفينية ليوبليانا، وهو هدف لن تساعده العلاقات المتوترة على المستويات العليا.
ومن المقرر أن يدلي جانسا بشهادته حول طموحات بلاده غداً الثلاثاء في البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ. كما يستعد العديد من أعضاء البرلمان الأوروبي للقتال، ويبدو أنه لا يوجد سبب كافٍ لتوقع تحسن النغمة بعد الافتتاح السيئ لدورة الرئاسة.
إيطاليا وبنك توسكاني المُتعثر
إيطاليا الدولة الأوروبية الأخرى تشهد اليوم انتعاشاً اقتصادياً، إذ شكل ازدهار صادرات السلع الإيطالية المدعومة بالزيادة السريعة في الأعمال التجارية التي تستخدم التكنولوجيا الرقمية، محركاً حاسماً للانتعاش الاقتصادي للبلاد بعد الركود التاريخي في العام الماضي. لكن الغالبية العظمى من مبيعات الشركات الإيطالية الصغيرة والمتوسطة الحجم لا تتم عبر الإنترنت.
السؤال الأهم بالنسبة إلى إيطاليا، إن كان رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي، سيتمكن من تحقيق ما استعصى على جميع أسلافه وهو إنهاء توطيد النظام المصرفي الإيطالي وحل مشكلة المُقرض المتعثر بنك "مونتي دي باشي دي سيينا" إلى الأبد؟
وعلى الرغم من حزمة الشروط المواتية من روما لتسهيل عملية الاستحواذ من قبل مُقرض أكبر وأكثر صحة، فلا يزال هناك العديد من العناصر المجهولة والعديد من تلك التي تجعل بنك "مونتي دي باشي دي سيينا" غير جذاب بالنسبة إلى المستثمرين المحتملين، بما في ذلك المخاطر القانونية التي يبلغ مجموعها عشرة مليارات يورو (11.8 مليار دولار).
بنك توسكان، الأقدم في العالم، لديه تاريخ مضطرب، مما أدى إلى خطة إنقاذ حكومية قبل أربع سنوات كلفت دافعي الضرائب الإيطاليين 5.4 مليار يورو (6.4 مليار دولار)، ومنح الحكومة حصة 64 في المئة. وتأمل الدولة في إيجاد حل للبنك المتعثر قبل ميزانية العام المقبل، لكن المفاوضات توقفت مؤقتاً. ويقول جورجيو دي جورجيو، أستاذ النظرية والسياسة النقدية بجامعة لويس، "بمجرد فهم آثار التدابير الاستثنائية التي وضعتها الحكومة على النظام بشكل أفضل. إنها مجرد مسألة من سيتخذ الخطوة الأولى".
ويظل بيع بنك "مونتي دي باشي دي سيينا" إلى "يوني كريديت" الخيار المفضل لدى وزارة الخزانة الإيطالية. ومع ذلك، قال المصرف الذي يتخذ من ميلانو مقراً له، "إن أولوياته هي إعادة التنظيم الداخلي وخطة عمل مجددة بتوجيه من الرئيس التنفيذي الجديد أندريا أورسيل".
وتشمل الخيارات الأخرى لتوحيد النظام المصرفي في البلاد تفكيك بعض أصول البنك المتعثر، التي من المتوقع أن تتعرض نقاط ضعفها بشكل أكبر من خلال اختبارات الإجهاد في نهاية يوليو (تموز)، وتشكيل مجموعة مصرفية كبيرة، إلى جانب يوني كريديت وانتيسا سانبولو وبانكا بوبيلاري دي ميلانو.
وقال جورجيو دي جورجيو، أستاذ النظرية النقدية والسياسة في جامعة لويس، إنه كان هناك الكثير من النشاط والإثارة على مستويات مختلفة من النظام المصرفي الإيطالي. وأضاف، "قد يكون أي وقت مناسباً لعمليات الاندماج والاستحواذ التي من شأنها أن تؤدي إلى توحيد النظام". وقال، "البنوك ما زالت تراقب وتنتظر مرور لحظة عدم اليقين التي أوجدها الوباء".