شهدت أزمة "كوفيد" تقديم الشباب تضحيات كبيرة لحماية كبار السن، لكن ثمة عبئاً مالياً أكبر بات وشيكاً، كما يقول روب ميريك فيما يلي:
إن إحدى القصص الرئيسة لهذا القرن تتمثل في ازدياد ثراء المتقاعدين الذين قفز دخلهم بمعدل وصل إلى 26 في المئة في عام 2019، في الوقت الذي كانت فيه أجور الكوادر العاملة راكدة، لكن يبدو أننا لم نَرَ شيئاً بعد.
يوشك قرار أُعدّ لتأكيد هذا الاتجاه أن يجعل قدرة بوريس على الادعاء بقيادة الحزب من أجل العمال أكثر صعوبة، بينما يلوح في الأفق قرار آخر يصب أيضاً في مصلحة المتقدمين في السن.
هذان القانونان سيكشفان أيضاً عن مدى قوة "الصوت الرمادي" الانتخابي وجبن السياسيين الذين فشلوا في تفنيده. تذكروا أن هذا الصوت هو الذي أدى إلى ترجيح كفة "بريكست"، وجعله حقيقة واقعة.
أولاً، تفيد معلومات شبه أكيدة بأن المتقدمين في السن سيفوزون بنعمة استثنائية بفضل مواربة وعد "القفل الثلاثي" في نظام التقاعد الحكومي، الأمر الذي سيكلف مبلغاً محترماً قد يصل إلى 4 مليارات جنيه استرليني (5.52 مليار دولار) في أبريل (نيسان) المقبل.
يكفل "القفل الثلاثي" أن تزيد المعاشات التقاعدية على أساس المعدل الأعلى لنمو المداخيل، فإما ترتفع بما يتناسب مع التضخم، أو بنسبة 2.5 في المئة إذا كانت أعلى من معدل التضخم. ويحظى هذا "القفل" بمكانة أسطورية تكاد تكون شبيهة بتلك التي تتمتع بها وثيقة "ماغنا كارتا" (أقدم وثيقة إنجليزية للحريات تعود إلى القرن الثالث عشر)، على الرغم من أنه ظهر في عام 2010.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولقد وفر "القفل" الحماية للمسنين على امتداد سنوات طويلة من المتاعب التي تصيب الأجيال الشابة (خلال مرحلة الركود) في أعقاب الانهيار، لكن لم تشهد تلك السنوات ما يشبه الأثر الذي يحدثه وصول نسبة نمو المداخيل إلى الـ8 في المئة المتوقعة بحلول نقطة الانطلاق هذا الشهر، بيد أن الأجور لم تحقق في الواقع قفزة من هذا النوع. لقد عادت ببساطة من المستوى المتدني التي هبطت إليه المداخيل حين أدى "كوفيد" إلى إغلاق الاقتصاد وتعطيل الأعمال في العام الماضي، تاركاً العمال من دون أي تحسن يذكر في أوضاعهم، في أحسن الحالات.
وحاولت وزارة المالية أن تتملص حين وجدت نفسها أمام إسراف من هذا النوع لا مبرر له على المسنين، وذلك بعد مجرد أسابيع من استقالة المسؤول عن متابعة مخططات التعويض في مجال التعليم عما ضاع بسبب "كوفيد"، لأن الحكومة رفضت الاستجابة لطلبه تخصيص 14 مليارات جنيه استرليني (19.35 مليار دولار) لإنفاقها على خطط تعافي المدارس.
لكن، لم يستلزم الأمر أكثر من بعض الضجيج المعهود من جماعة الضغط المعنية بالدفاع عن المتقاعدين، كي تتدخل رئاسة الحكومة ويتقرر المضي في دفع تكلفة زيادة المعاش التقاعدي البالغة 4 مليارات جنيه استرليني، كما يبدو.
سيكون هناك أثر، على المدى الطويل، لاستجابة خريفية لأزمة الرعاية الاجتماعية. ومن المرجح أن تتركز هذه الاستجابة على فرض ضريبة جديدة سيدفعها كل من تزيد أعمارهم على أربعين عاماً، وذلك كنوع من الضمان حيال تكاليف الرعاية الكارثية في المستقبل.
هناك حاجة ماسة إلى هذا بالطبع، بعد عقد من التعب والعناء. إلا أن ذلك الأمر سيكون عبئاً آخر سيتحمله الشباب من صغار دافعي الضرائب، لأن البديل الأكثر إنصافاً الذي يتمثل بفرض ضريبة على بيع بيوت الكبار بالسن ممن استفادوا فائدة كبيرة من طفرة العقارات، يعتبر بديلاً غير قابل للبحث أبداً، لكن الحاسم في الأمر هو أن من المفترض أن الجزء الأكبر من فاتورة الـ10 مليارات جنيه استرليني (13.83 مليار دولار)، التي يجب أن تدفع مقدماً، سيأتي من الضرائب العامة، إضافة إلى ذلك، لم يبقَ للأشخاص الأكبر سناً من العاملين سنوات عديدة في الخدمة كي يساهموا بما فيه الكفاية في هذا الصندوق.
شهدت أزمة "كوفيد" تقديم الشباب تضحيات كبيرة لحماية كبار السن المعرضين لخطر الموت أكثر من غيرهم. ويستحسن ألا تتوقعوا رد هذا الجميل في أي وقت قريب.
© The Independent