لن يكون اللقاء الذي يجمع الملك الأردني عبدالله الثاني بالرئيس الأميركي جو بايدن عادياً أو تقليدياً من حيث الأبعاد والأسباب، فهو أول لقاء لزعيم عربي مع الرئيس الأميركي منذ توليه منصبه في يناير (كانون الثاني) الماضي، ويأتي كاستحقاق للشراكة الاستراتيجية والأمنية، وبمثابة خريطة طريق لدور الأردن في المرحلة المقبلة في المنطقة، بحكم موقعه الجغرافي وإسهامه في مكافحة الإرهاب والقضية الفلسطينية، فضلاً عن كونه من أهم حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، حيث يسعى العاهل الأردني لاستعادة دور المملكة عربياً وإقليمياً.
ترقب شعبي
ويترقب الأردنيون، على الرغم من انقسامهم، مخرجات هذا اللقاء، الذي تكمن أهميته في أنه يأتي بعد سنوات من العلاقات المتوترة مع الإدارة الأميركية السابقة بقيادة دونالد ترمب، الذي ترى عمّان أنه اتخذ قرارات كثيرة لم تكن تصب في المصلحة الأردنية، وأضعفت دوره في ما يخص المسألة الفلسطينية.
ويترقب فريق آخر من الأردنيين ما سيسفر عن اللقاء من نتائج قد تسهم في تسريع عملية الإصلاح السياسي وتحسين حالة الحريات في المملكة، في حين يعتقد طرف ثالث أن الزيارة جزء من خطوات عدة يقوم بها النظام الأردني لتدعيم استقراره، كان أولها اتفاقية الدفاع المشترك بين عمان وواشنطن التي أقرت في مارس (آذار) الماضي، على الرغم من الاحتجاج البرلماني والشعبي، واعتبارها انتقاصاً من السيادة الأردنية، وخرقاً أميركياً للأمن الداخلي.
العلاقة مع إسرائيل
وبحسب المراقبين، يبدو أن العاهل الأردني قد استبق الزيارة واللقاء مع بايدن بضمانات أميركية لكبح جماح أي توتر في القدس، أو حصول أي استفزازات للأردن من الجانب الإسرائيلي في ما يخص القضية الفلسطينية كما كانت عليه الحال إبان حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، الذي اتسم عهده ببرودة وتوتر في العلاقات مع الأردن.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتتجه العلاقات الأردنية - الإسرائيلية إلى مزيد من كسر الجمود، إذ قامت إسرائيل بقيادة رئيس الوزراء الجديد نفتالي بينيت، خلال الأسابيع الماضية، بمغازلة الأردن وتقديم رسالة حسن نوايا تمثلت بتزويد الأردن بكميات كبيرة إضافية من المياه، في وقت تبدو فيه عمّان مقبلة على أزمة عطش صيفية، بالإضافة إلى السماح برفع سقف صادرات الأردن إلى السوق الفلسطينية من 160 إلى 700 مليون دولار سنوياً.
"حل الدولتين"
كما يلتقي بايدن والعاهل الأردني حول فكرة "حل الدولتين" التي تشكل مصلحة أردنية، بعد سنوات من المناكفة الإسرائيلية، وتقول التوقعات إن الزيارة قد تسفر عن مسار تفاوضي جديد بين إسرائيل والفلسطينيين على هذا الأساس.
إدارة بايدن، بدورها، قالت مراراً، إنها ستتعامل مع القضية الفلسطينية بطريقة مختلفة عن إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب.
قضية "الفتنة" على الطاولة
ومن بين كل الأزمات الداخلية التي مر بها الأردن، ستكون قضية" الفتنة" المرتبطة بالأمير حمزة بن الحسين، على طاولة اللقاء بين العاهل الأردني وبايدن باعتبارها الحدث الأخطر والأهم الذي شهده الأردن منذ عقود، بالنظر الى اهتمام واشنطن وحرصها الدائم على استقرار الأردن سياسياً وأمنياً واقتصادياً.
ويتوقع أن يقوم عدد من أنصار المعارضة الأردنية في الخارج بإثارة القضية عبر وقفة احتجاجية في واشنطن، وقبالة البيت الأبيض، خلال لقاء بايدن بالعاهل الأردني، لتسليط الضوء عليها وتعريف الرأي العام الأميركي بها.
وفي الوقت ذاته، دشن عدد من المتعاطفين مع باسم عوض الله، أحد المتهمين الرئيسين في قضية "الفتنة"، والذي قضت محكمة أمن الدولة، الأسبوع الماضي، بحبسه 15 عاماً، حملة تضامن داخل الولايات المتحدة لمطالبة الكونغرس ووزارة الخارجية الأميركية بالعمل على إطلاقه باعتباره يحمل الجنسية الأميركية.
وقال محامي عوض الله، الأميركي مايكل سوليفان، في تصريحات صحافية سابقة، إن الحكم الذي أصدرته محكمة أمن الدولة بحق موكله يفتقر إلى الشفافية والعدالة. وأكد سوليفان في بيان، أن عوض الله ضُرب وأُجبر على توقيع اعتراف مُلفق، وحُرم من محاكمة عادلة تمكّنه من دحض اتهامات النيابة، إلا أن الحكومة الأردنية ردت على هذه الاتهامات بالنفي لاحقاً.
ملف المساعدات والمنح
كما يفرض ملف المساعدات والمنح الأميركية نفسه أيضاً، وخاصة بعد الأزمات المتلاحقة التي ضربت الاقتصاد الأردني قبل وبعد جائحة كورونا، إذ ينتظر أن تزيد واشنطن حجم مساعداتها إلى عمّان بعد أن قلّصتها إدارة ترمب.
وكان البلدان قد وقّعا، مطلع 2019، مذكرة تفاهم، تعهدت واشنطن بموجبها بتقديم 1.275 مليار دولار سنوياً للأردن على مدار خمس سنوات.
والتقى العاهل الأردني خلال زيارته للولايات المتحدة، التي بدأها مطلع الشهر الحالي، مع قائد القيادة المركزية الأميركية، كينيث ماكينزي، وقائد قيادة العمليات الخاصة الأميركية، ريتشارد كلارك، وحسب بيان صادر عن الديوان الملكي الأردني، "تطرق الاجتماع إلى المستجدات في المنطقة، والجهود المبذولة إقليمياً ودولياً في الحرب على الإرهاب، ضمن نهج شمولي".
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين بساكي، الأسبوع الماضي، إن "زيارة الملك ستسلط الضوء على الشراكة الدائمة والاستراتيجية بين الولايات المتحدة والأردن، الشريك الأمني الرئيس والحليف للولايات المتحدة".