يستضيف غاليري آزاد في القاهرة حتى نهاية هذا الشهر، معرضاً جماعياً تحت عنوان "صيف 2021" بمشاركة 37 فناناً وفنانة من مختلف الأجيال والاتجاهات. المعرض يُعدّ الحدث الفني الأبرز خلال فصل الصيف الحالي في القاهرة الذي يتسم عادة بتراجع النشاط الفني. الهدف من المعرض كما تقول إدارة الغاليري هو السعي لفتح مسارات جديدة للتفاعل والعرض خلال هذه الأشهر التي تقلّ خلالها العروض والفعاليات الفنية. ووُجّهت الدعوة إلى الفنانين العارضين من أجل التعبير عن فصل الصيف والبحث عن أثره في نفوسهم، كفصل طالما عُرف بالاسترخاء والاستجمام، فضلاً عن ارتباطه بالحكايات والأساطير في معظم الثقافات. فهي أشهر سحرية، يطول خلالها النهار وتحلو في لياليها جلسات السمر وتنطلق فيها قريحة البشر وخيالاتهم، هذه الخيالات التي شكّلت وعيهم وثقافتهم عبر التاريخ.
الأعمال المشاركة في هذا المعرض تستحضر هذه الروح الأسطورية لفصل الصيف وما ارتبط به في أذهاننا من مشاعر متباينة وذكريات خاصة وأحلام، أو ربما مخاوف أيضاً. بعيداً من الصور النمطية المعهودة، يدوّن هؤلاء الفنانون المشاعر المتباينة التي ترتبط معهم بفصل الصيف أو حياله. تتجاوز فكرة التدوين هنا كما يقول البيان المصاحب للمعرض، المعنى المباشر للتعبير إلى مساحات أرحب للحلم، أو يمكن اعتبارها نوافذ مشرعة على عوالم وأفكار جديدة وخلاقة. تتراوح الأعمال المشاركة في المعرض بين التصوير والرسم والنحت على مقاسات محددة سلفاً، وتتشارك جميعها في استلهام التيمة ذاتها، غير أنها تختلف بالطبع في كيفية التعبير عنها وفقاً لأساليب المشاركين وتوجهاتهم ورؤيتهم للفكرة.
حصاد الصيف
بين الفنانين المشاركين هنا يأتي الفنان محمد بنوي، وهو يعرض أعماله تحت عنوان حصاد الصيف، وهي تمثّل جانباً من مجموعات أربع عالجها من قبل، تهتم بالفصول وعلاقاتها بالنشاط الإنساني والحضاري. وهي استكمال كذلك لمجموعته التي عرضها تحت عنوان "ريمونتادا" هذا العام في القاعة ذاتها. يشكّل بنوي أعماله تلك من الخشب والبوليستر والرمل الملون وورق الذهب، وهي خامات غير معتادة، لكنه يصنع من خلالها نسقاً بصرياً له خصوصية. ويعبّر عن فكرته في الربط بين الحضارات القديمة والوقت الراهن، وتلمسه لأسباب بزوغ هذه الحضارات وارتقائها. من بين هذه الصور التي يعالجها مثلاً ارتباط الإنسان بالزراعة والأرض والصيد والبحر. معالجات الفنان محمد بنوي للمساحة التي يعمل عليها تجمع بين التسطيح والتجسيم، إذ تتيح له هذه الخامات التي يستخدمها ابتداع توافقات بصرية بين البارز والغائر واللون الصريح والمحايد.
تطالعنا كذلك الأعمال النحتية للفنانين هاني فيصل وأحمد مجدي. العمل الذي يعرضه هاني فيصل، وهو أحد أبرز النحاتين المصريين المعاصرين، مصنوع من حجر الغرانيت ويمثل فتاة واقفة، وفيه تبرز التفاصيل الانسيابية التي يتمتع بها الجسد والتي تتوافق مع الإمكانات التي يتميز بها الغرانيت، كحجر يمكن تطويعه بين الأسطح الخشنة والناعمة. وهو المزيج الأبرز في عمل فيصل، إلى جانب تمكّنه من أدواته ومعالجاته للجسد الأنثوي. أما عمل الفنان أحمد مجدي المعروض تحت عنوان "قبل اللقاء"، فهو مصنوع من خامة البرونز وتحمل فكرته إسقاطاً على حال التحليق أو الترقب. التكوين الذي يقدمه مجدي هنا، يتسم بالانسيابية والنعومة، وهما سمتان مرادفتان لأعماله في شكل عام.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يضم المعرض أيضاً مجموعة كبيرة ومتنوعة من أعمال التصوير. بين هذه الأعمال مثلاً يطالعنا الفنان محمد الجنوبي بلوحة تحمل عنوان "حكايات الشاي"، تمثل نافذة مفتوحة على الخارج، بينما تتوزع على سور الشرفة عناصر مختلفة، استدعى الفنان بعضها من تجاربه السابقة. الفنانة إيمان حسين تشارك بلوحة تحت عنوان "طيارة ورق" وتمثل مشهداً مفتوحاً يختلط خلاله لون السماء بدرجات البحر، في حين تتناثر عناصرها البشرية الملونة على السطح في معالجات لونية مبهجة. الفنان علي المريخي يعرض لوحة تصويرية تحت عنوان "الجريدي"، وهي لوحة مرسومة بمنظور عين الطائر لمجموعة من المراكب الصغيرة في نهر النيل.
والجريدي هو اسم لمركب صغير كان يصنعه أطفال الجزر النوبية، وكان يصنع في النوبة القديمة من البوص على هيئة التمساح ويستخدمونه للتنقل في الجوار بين قراهم على النيل. أما الفنان أشرف رسلان، فيعرض لوحة تمثل مشهداً تقف خلاله فتاة عارية على مقربة من شاطىء البحر. تواجه الفتاة الناظر إلى اللوحة، مولية ظهرها للشاطىء، بينما يبزغ قمر في الخلفية، مع حضور عناصر ومفردات مستلهمة من طبيعة المكان. يتسق العمل مع تجربة رسلان التي تتسم عادة بالحبكة التصويرية والنعومة في معالجاتها اللونية والحضور اللافت كذلك للرموز والدلالات.